x

زيادة الحد الأدنى للأجور.. حلم العمال يصطدم بركود الأعمال

تصوير : محمد معروف

احتدمت ردود الأفعال على قرار الحكومة بزيادة الحد الأدنى للأجور بشكل متدرج، ليتم رفعه إلى 700 جنيه فى إطار مرحلة أولى، وصولا إلى 1200 جنيه خلال خمس سنوات.وتباينت آراء منظمات الأعمال حول إلزامية القطاع الخاص بزيادة الحد الأدنى للأجور، فى الوقت الذى أشار فيه البعض إلى أنه يتجاوز القيمة المحددة من قبل الحكومة فى عدد من المجالات، بينما رأى آخرون أنه لا يمكن تطبيقه على قطاعات مثل الغزل والنسيج والتجزئة، حيث يمثل ضغطاً على أصحاب الأعمال وينذر بصدام محتوم مع الحكومة لعدم إلزامهم بحد معين للأجور.وبينما تمثل زيادة الحد الأدنى للأجور حلما لملايين الموظفين والعمال، الذين يبحثون عن مخرج للارتفاعات المطردة فى الأسعار، فإن لخبراء الاقتصاد رأياً آخر فى أن زيادة الأجور دون أن تكون هناك إنتاجية حقيقية فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، سيؤدى لا محالة إلى ارتفاع الأسعار، مما يلتهم كل جنيه تمت إضافته إلى الأجور السابقة.

«المالية» تدرس ضم أصحاب المعاشات والعمالة الموسمية والمؤقتة

قال عبدالفتاح الجبالى، مستشار وزير المالية، إن زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 700 جنيه هو أقصى ما يمكن أن نصل إليه، مشيراً إلى ضرورة عدم النظر إلى الرقم بشكل مجرد، ولكنه يرتبط بإعفاءات ضريبية أخرى، منها زيادة حد الأعباء الضريبية العائلية من 9 إلى 12 ألف جنيه.

وأشار الجبالى فى تصريح لـ«المصرى اليوم» إلى دراسات ومناقشات تجريها وزارة المالية حالياً لضم العمالة الموسمية للاستفادة من الحد الأدنى للأجور، وتقريب الفجوة بينها وبين العمالة الدائمة، من خلال شركة قابضة تتبع الوزارة يجرى تأسيسها، لإلحاق هذه العمالة بها.

وأضاف: إن العمالة المؤقتة التى يتم تعيينها فى الهيكل الحكومى للجهاز الإدارى للدولة فى وظائف دائمة قبل يوليو، سوف تستفيد من الحد الأدنى للأجور المعلن من الحكومة.

وتعكف حكومة الدكتور عصام شرف حالياً على تنفيذ برنامج يستهدف تثبيت العمالة المؤقتة بنظام المكافأة الشاملة على مستوى جميع الأجهزة الحكومية، وذلك لمن أمضى 3 سنوات فى العمل، على أن يتم تباعا تثبيت كل من أمضى تلك المدة فيما بعد.

أكد مستشار وزير المالية أن اجتماعات تعقد حالياً فى وزارة المالية للاستقرار على وضع برنامج شامل يستهدف رفع مستوى أجور العمالة المؤقتة بالجهاز الإدارى للدولة بما يقارب العمالة المنتظمة.

وحسب تقديرات سابقة صادرة عن وزارة الدولة للتنمية الإدارية، فإن حجم العمالة المؤقتة بالدولة يقدر بـ480 ألف موظف فى سياق متصل، كشف مستشار الوزير عن دراسة وضع حد أدنى للمعاشات، مع مراعاة عدم تأثر صناديق التأمينات الاجتماعية للعاملين بالقطاع الحكومى، وقطاعى الأعمال العام والخاص، والدراسات الاكتوارية الخاصة بتطبيق هذا الاتجاه على أصحاب المعاشات.

وأكد عبدالفتاح الجبالى أن قرار زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 700 جنيه، يخدم نحو 1.9 مليون موظف على الدرجة الوظيفية السادسة، بينما ستتم زيادة الدرجات الوظيفية الأعلى بقيمة مقطوعة، وتصل تكلفة تطبيق المرحلة الأولى نحو 7.5 مليار جنيه، بينما تصل تكلفة الإعفاءات الضريبية وزيادة الأعباء العائلية إلى نحو 2.2 مليار جنيه.

من جانبه، أشار الدكتور محمد معيط، مساعد وزير المالية لشؤون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، فى تصريحات خاصة، إلى اجتماعات تنسيقية مرتقبة بوزارة المالية، لتوضيح التفاصيل الخاصة بزيادة الحد الأدنى للأجور، وعلاقته بالأجر التأمينى وتحريكه خلال الفترة الأخيرة، ومدى صرفه للعمالة الموسمية والمؤقتة، وعلاقته بالقطاع الخاص.

«القومى للأجور»: الحد المعلن غير كافٍ لاحتياجات المعيشة.. و«المالية» تجاهلت المجلس

شن أعضاء بالمجلس القومى للأجور ومنظمات الأعمال هجوماً حاداً على قرار الحكومة بتعديل الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 700 جنيه، معتبرين أن القرار «متسرع وغير منطقى».

وقال عبدالرحمن خير، عضو المجلس القومى للأجور، إن قرار تحديد الحد الأدنى للأجور تم دون التشاور مع المجلس الذى لم ينعقد منذ أكثر من 6 أشهر، موضحاً أن القرار متخبط وهدفه الدعاية وليس المصلحة العامة.

وأضاف أن الحد الأدنى غير كافٍ ولا يتواءم مع تكاليف المعيشة والانفلات السعرى ولا المعايير الأساسية للمعيشة فى مصر، معتبراً أن الحد المنطقى يجب أن يصل إلى 1200 جنيه، مع تقسيم العمالة إلى 3 مستويات «عمالة غير ماهرة ــ ونصف ماهرة ــ وماهرة».

ومن جانبه، أكد وجدى الكردانى، ممثل قطاع السياحة فى المجلس القومى للأجور، أن المجلس علم بالقرار من الصحف ووسائل الاعلام، وأن وزارة المالية لم تتشاور مع أحد قبل إصدار هذا القرار، مشيراً إلى أن عدداً من ممثلى قطاع الأعمال سيعقدون اجتماعين اليوم وغداً مع وزير القوى العاملة ورئيس اتحاد العمال لاستبيان الموقف.

وقال إنه يرفض هذا القرار المتسرع وغير السوى، مضيفاً أنه ليس قدر القطاع الخاص أن ينفذ ما يقال لنا دون نقاش، خاصة أن القرار غامض ولم يوضح كيفية تطبيقه على القطاع الخاص.

وأضاف أن القرار هو اجتهاد من وزير المالية الذى عقد اجتماعا مع منظمة العمل الدولية لدراسة قضية الأجور، ولم يوص الاجتماع الذى شاركت فيه بحد أدنى للأجور.

وكشف عن أن جميع اتحادات ومنظمات أصحاب الأعمال ستجتمع قريبا لاتخاذ موقف جماعى من هذا القرار، ومعرفة المنهج الاقتصادى لتعديل الأجور وكيفية التنفيذ، خاصة على أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

رئيس اتحاد الغرف: قطاعات «الغزل والنسيج والتجزئة» لا تستطيع تطبيقه للأجور

أكد أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، أن هناك مجالات بالقطاع الخاص غير قادرة على تطبيق الحد الأدنى للأجور، منها قطاع الغزل والنسيج الذى يعانى أزمات كثيرة حاليا وإلزامه بتطبيق الحد الأدنى يمثل عبئا كبيرا على الشركات. وأشار إلى أن أحد القطاعات، التى لا يمكن أن تتحمل، قطاع التجزئة مشيرا إلى أن العاملين يحصلون على رواتب تتراوح بين 500 و600 جنيه موضحا أنه فى حالة الضغط عليهم بضرورة زيادة الأجور يمكن أن يؤدى إلى اتجاه عكسى ويتم تسريح عدد من العمالة بدلا من توفير فرص عمل.

ومن جانبه طالب محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، المجلس العسكرى بإصدار مرسوم بقانون لتخفيض الاشتراكات فى التأمينات الاجتماعية، خاصة أنها تصل إلى 40٪ حاليا، وتمثل رابع أعلى دولة فى العالم فى السعر التأمينى، مشيراً إلى أن قرار زيادة الحد الأدنى للأجور يزيد من أعباء المصانع. من جانبه قال شريف الجبلى، رئيس جمعية مستثمرى السادات، إن القطاع الخاص ملتزم بالفعل بحد أدنى للعمالة الملحقة به يفوق الحد الأدنى الذى أعلنته الدولة ممثلة فى وزير المالية وهو 700 جنيه. وأضاف الجبلى أن مستثمرى السادات فى تطور دائم فى إعادة توزيع الأجور على جميع العمالة البالغ عددهم 35 ألف عامل ويعملون فى مصانع الشركة، مشيرا أن الحد الأدنى للعامل غير المتخصص ارتفع إلى 800 جنيه والفنى المتخصص بين 1500 و3000 جنيه.

خبراء يرجحون ارتفاع التضخم برفع الأجور وزيادة عجز الموازنة

رجح خبراء اقتصاد أن تؤدى زيادة الحد الأدنى للأجور إلى ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة عجز الموازنة التى تواجه بالأساس صعوبات تمويلية لتراجع الموارد الرئيسية للبلاد.

قال الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادى، إن تطبيق المرحلة الأولى من زيادة الحد الأدنى للأجور والتى سيستفيد منها 1.9 مليون موظف بالجهاز الإدارى للدولة من إجمالى 6.2 مليون موظف، سيكلف الموازنة العامة نحو 7.5 مليار جنيه سنويا.

وأوضح الشريف، لـ«المصرى اليوم»، أن الزيادة فى الأجور، التى سيتم ضخها فى السوق، سيتم تمويلها من خلال زيادة النقدية، وليس من خلال توفير موارد حقيقية.

وأشار إلى أنه من الصعب توفير هذه الزيادة فى ظل الظروف الحالية للاقتصاد المصرى من خلال موارد حقيقية عن طريق الضرائب والجمارك مثلا، وإنما قد تلجأ الحكومة إلى البنك المركزى لطبع أموال، وهذا سيؤدى إلى ارتفاع التضخم لا محالة.

ولفت إلى أنه لا يمكن تقدير نسبة الارتفاع المتوقع فى معدلات التضخم، خاصة أنه يخضع للعديد من العوامل الداخلية والخارجية.

وأضاف أن الحل الأمثل لتجاوز أزمة الأجور يتمثل فى زيادة معدلات الإنتاج التى ستقلل تباعا من الفجوة بين العرض والطلب، حيث تواجه السوق ارتفاعاً شديدا فى الطلب ونقصاً فى المعروض، مما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل متنام، الأمر الذى يؤدى إلى ازدياد مطالب زيادة الأجور بشكل متواصل لمواجهة هذا الارتفاع فى الأسعار.

ودعا إلى ضرورة أن تتوازى زيادة الإنتاج مع ترشيد الاستهلاك، وتوجيه الإنفاق إلى الاحتياجات الرئيسية لتخطى الظروف الراهنة.

واستبعد تمكن الحكومة من ضبط الأسواق والأسعار فى ظل الظروف الراهنة، مشيرا إلى أنه فى حالة زيادة الحد الأدنى للأجور ستزيد الأسعار تباعا، الأمر الذى لن يشعر معه المستفيدون من زيادة الأجور بحدوث تحسن فى مستوى معيشتهم.

ومن جانبه، قال الدكتور سلطان أبوعلى، وزير الاقتصاد الأسبق، إنه رغم أن هناك حاجة بالفعل إلى زيادة الحد الأدنى للأجور، فإن رفعه إلى 700 جنيه يعد مرتفعا مقارنة بالظروف الحالية المتعلقة بالإنتاجية، متوقعا أن يكون لزيادة هذا الحد أثر مباشر على التضخم. وأشار إلى أنه سيكون لزيادة الحد الأدنى للأجور تأثير سلبى أيضا على سوق العمل، حيث سيدفع ذلك أصحاب الأعمال إلى توظيف الآلات بشكل أكبر من الاعتماد على الأيدى العاملة، مما يضر بالعمالة نفسها قبل أصحاب العمل.

اتحاد العمال يرفض الحد الأدنى الجديد بسبب «تجاهل» القيادات العمالية

أعرب الاتحاد العام لعمال مصر عن رفضه «القاطع» لما أعلنه الدكتور، سمير رضوان، وزير المالية، بشأن تحديد الحد الأدنى للأجور المحدد بـ700 جنيه، منتقداً فى الوقت نفسه ما اعتبره «تجاوزا» لدور المجلس القومى للأجور المشكل بمقتضى قانون العمل رقم 12 لسنة 2003.

وأوضح إسماعيل فهمى، القائم بأعمال رئيس الاتحاد، أن قرار وزير المالية تجاهل «مبدأ الثلاثية» القائم على القيادات العمالية والحكومة ومؤسسات الأعمال، حيث إنه لم يأخذ برأيهم فى مثل هذه القضايا المهمة والتى تمس دخول المواطنين.

وأوضح فهمى أن من بين أسباب الرفض عدم الرجوع إلى الدراسات التى سبق أن قدمها ممثلو الاتحاد العام فى المجلس القومى للأجور، والخاصة بتحديد مستويات الأجور المناسبة طبقا لتكاليف المعيشة من (غذاء وملبس ومسكن وعلاج).

وقال: «حددنا الحد الأدنى للأجور، فى وقت سابق، عبر ثلاثة مستويات للخبرة لمراعاة الخبرة المهنية والتأهيل العلمى حرصا على تحقيق مقتضيات العدالة، وتحديد حد أدنى مطلق للأجور يبدأ من 1200 جنيه شهريا، وهو ما يمكن أن يضمن معيشة كريمة لأسرة متوسط عددها أربعة أفراد (زوج - وزوجة - وطفلين) وعلى أن تراعى الزيادة السنوية بنسبة التضخم».

وقفات احتجاجية لأصحاب المعاشات بالمحافظات

تعقد النقابة العامة لأصحاب المعاشات مؤتمرا صحفيا بالقاهرة «الأحد»، بالتزامن مع تنظيم وقفات احتجاجية لأصحاب المعاشات بجميع المحافظات، احتجاجا على تجاهل الحكومة لأصحاب المعاشات، وعدم زيادة معاشاتهم، ضمن زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 700 جنيه.

وانتقد سعيد الصباغ، أمين عام النقابة العامة لأصحاب المعاشات، تجاهل وزارة المالية زيادة المعاشات، مثلما فعلت مع العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، مؤكدا أن بعض أصحاب المعاشات تصل معاشاتهم إلى 200 و300 جنيه شهريا، رغم سدادهم الاشتراكات التأمينية منذ أكثر من 20 عاما.

وقال «الصباغ» فى «تصريحات خاصة»: نعقد مؤتمرا صحفيا «اليوم» لإعلان رفض عدم زيادة الحد الأدنى للمعاشات إلى 700 جنيه كباقى العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وبعض الفئات، ومنهم الأطباء، وكذا زيادة معاش الضمان الاجتماعى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية