بدأت حياتها الفنيّة كفتاة رومانسية، ثم فتاة شقية في فيلم «حكاية العمر كله»، تنقلت أيضًا من المدرسة القوية في الطريق المسدود للفلاحة في رائعة عميد الأدب العربي «طه حسين» دعاء الكروان، ومن السيدة التي تمردت على مجتمعها «في لا عزاء للسيدات» للفتاة الفقيرة التي تعمل موظفة بسيطة في أحد البنوك لتعول اسرتها في «الخيط الرفيع»، ومن سيدة مجتمع في «نهر الحب» للزوجة المقهورة في «أريد حلا».. إنها سيدة الشاشة العربية، فاتن حمامة.
أخبار متعلقة
ولدت فاتن حمامة في 27 مايو 1931، ورحلت عنا يوم 17 يناير 2015، سنوات طويلة لُقبت خلالها بـ«سيدة الشاشة العربية»، لأنها أدت أغلب الأدوار التي يُمكن أن تؤديها ممثلة.
بدأت فاتن حمامة مشوارها الفني بالفوز بمسابقة أجمل طفلة في مصر عام 1940، كان عمرها وقتها 9 سنوات، إذ أرسل والدها صورتها إلى المخرج محمد كريم الذي كان يبحث عن طفلة تقوم بالتمثيل مع عبد الوهاب في فيلم «يوم سعيد»، وبالفعل تم اختيارها لتؤدي الدور بالفيلم.
لم يكن يتوقع أحد وقتها أن الطفلة فاتن حمامة التي بدأت مشوارها الفني وهي في التاسعة من عمرها مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ستحصل للقب «سيدة الشاشة العربية» يوما ما.
بتاريخ 1946، التحقت فاتن حمامة، بالمعهد العالي لفن التمثيل العربي، ضمن دفعته الأولي، إذ كانت هي الأصغر بين طلاب المعهد، وخلال أحد الأيام، اجتمع الطلاب الذين نجحوا في امتحان القبول في أحد الصفوف بانتظار أستاذهم زكي طليمات، والذي قابلهم حينها بنكاته وقفشاته، ليُزيل من نفوس الطلاب حالة الخوف التي ظهرت على ملامحهم.
خلال ظهور طليمات الأول أمام الطلاب، لمح فتاة صغيرة ضئيلة الجسم جالسة خلف شاب ضخم الجثة فناداها زكي: «تعالي يا عروسة»، فردّت فاتن في غضب: «أنا مش عروسة يا أستاذ»، ليبتسم الأستاذ قائلاً: «طيب متزعليش بكرة تبقي عروسة... اسمك إيه يا شاطرة؟»، فردّت: «فاتن حمامة».
أكمل طليمات مداعبتُه للفتاة الصغيرة، فسألها: «تعرفي تطيري يا شاطرة؟، مش أنتي حمامة؟»، فردّت: «لأ، أنا فاتن»، فضحك ثم طلب منها الصعود إلى منصة عالية تشبه خشبة المسرح لتؤدي دورًا تمثيليًا، وأعجب ببراعتها في الأداء إذ لمس أمورًا تنبئ بموهبة نادرة، لكنه قال لها: «صوتك ضعيف يا فاتن، ولكنه كان يرى أن هذا الصوت الضعيف ينفذ إلى القلب ويحس بما يقوله إحساسًا عميقًا».
وعن ذلك، كتبَت فاتن حمامة في مذكراتها: «إن العيب الذي لاحظه طليمات أن لدي لدغة، أنطق الراء غينًا... وطلب مني أن أخرج لساني، وفجأة وجدني أغرق في الضحك، فتحت فمي وأخرجت لساني ثم أغلقته، وقلت ردًا على تعليق له: (لا... لساني مش ناقص حتة)».
وبعيدًا عن «اللدغة»، كانت فاتن حمامة تتحدث اللغة العربية بفصاحة، وكذلك أظهرت طلاقة في الحديث بالفرنسية عندما حلت ضيفة على برنامج فرنسي، لقبها خلاله المذيع بـ«فيديت السينما المصرية».
وبالنسبة لحياتها الاجتماعية، كان أول زواج لفاتن حمامة بالمخرج عز الدين ذو الفقار، والذي اعتبرته فاتن «شبه مغامرة» فتم عقد قرآنهم في سرية تامة بسبب رفض أهلها بهذه الزيجة قبل 60 عاما في ابريل 1948، بعد قصة حب جارفة بدأت مع ثاني عمل سينمائي يجمعهما بفيلم «خلود»، إذ عقد القران في فيلا «فؤاد الجزايرلي» وكان شهود العقد جليل البنداري وأنيس حامد.
عاشت فاتن مع ذو الفقار 6 سنوات وأنجبت بنتها الوحيدة منه «نادية».
قابلت فاتن حمامة عمر الشريف لأول مرة في فيلم «صراع في الوادي» عام 1954، وهو أول ظهور للفنان عمر الشريف، وكانت فاتن وقتها متزوجة من المخرج عز الدين ذو الفقار.
تضمّن فيلم «صراع في الوادي» أول قبلة لفاتن حمامة طوال مسيرتها السينمائية، وكانت قبلها ترفض تمامًا مثل هذه المشاهد، تقديرًا لزوجها عز الدين ذو الفقار الذي عرض عليها الطلاق بمجرد علمه بتنفيذ المشهد، مدركًا أنّ هناك ما يجمع قلب عمر وفاتن.
وفي عام 1955 وبعد عام واحد من تصوير مشهد القبلة، تحوّل التمثيل إلى حقيقة وتم الزواج بين عمر وفاتن.
تهافت المنتجون على النجمين لاستثمار قصة الحب، وتم تقديم خمسة أفلام، وهي «صراع في الميناء، أيامنا الحلوة، سيدة القصر، لا أنام، نهر الحب، وصراع في الوادي».
عام 1966 أعلن عمر الشريف انفصاله عن فاتن حمامة بسبب إهماله لها، وعدم القدرة على الإقامة برفقتها في القاهرة، وترك لها حرية طلب الطلاق، لتتزوج بعدها الدكتور محمد عبد الوهاب سنة1975، وظلت معه لأكثر من 40 عام حتى توفّت.
لم تنحصر إبداعات سيدة الشاشة العربية على السينما فحسب، بل طلت على جمهورها على شاشة التليفزيون في رائعة الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة «ضمير أبلة حكمت» و«وجه القمر» للكاتبة ماجدة خير الله، وبرعت في المسلسل الأول في تسليط الضوء على عدد من المعاني الأخلاقية كالضمير والإخلاص والتفاني.
