استبعد طارق عامر، رئيس البنك الأهلى المصرى، تعرض مصر للإفلاس، وقال إن البلاد مرت بالعديد من الأزمات والظروف الصعبة خاصة فى الثمانينيات والتسعينيات، وكانت الأزمة أصعب بكثير من الوقت الحالى، واستطاعت تجاوزها دون التعرض للإفلاس.
وأضاف: «خلال الفترة القليلة الماضية كانت لدينا بعض المكاسب الاقتصادية، يجب أن نعمل على الحفاظ عليها، لنحقق للشعب المصرى طموحاته الاقتصادية الكبيرة التى يشعر بها خلال الفترة الحالية، خاصة أن مصر لديها موارد وقدرات كبيرة تؤهلها لتحقيق ذلك».
وحول الاحتياطى النقدى الذى بدأ ينخفض تدريجيا خلال الأشهر الماضية، قال «عامر» فى حوار لبرنامج «مصر بكرة»، الذى قدمته الإعلامية دينا عبدالفتاح، على قناة المحور، إن تراجع الاحتياطى النقدى لا يذكر مقارنة بالمكاسب، التى حصل الشعب عليها من الثورة، وتأثره يرجع إلى عدة أسباب، أبرزها تباطؤ عملية الإنتاج وانخفاضها بشكل كبير، ما نتج عنه انخفاض إنتاج المصانع إلى نحو 50% خاصة أن الطاقات غير مستغلة بالكامل، وأثر ذلك على عملية التصدير التى توفر عملة صعبة توجه للاستيراد، والنسبة المتبقية توجه للاحتياطى النقدى، بالإضافة إلى تأثر السياحة والاستثمارات الأجنبية وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، وبتأثر تلك الموارد تأثر الاحتياطى الذى يتم تكوينه لمواجهة الأزمات.
وتابع «عامر»: «الاستيراد بالنسبة لمصر يوفر لها كل احتياجاتها من الخارج، ويؤكد ذلك اعتماد مصر على العملة الأجنبية بشكل كبير، لذلك كان يجب الحفاظ على السياسة النقدية خلال الفترة الماضية، لنستطيع بناء احتياطى قوى لمصر لمواجهة الأزمات والحفاظ على سعر الصرف».
وأضاف: «الرقم الحالى للاحتياطى غير مقلق، لأننا عندما بدأنا العمل فى البنك المركزى مع الدكتور فاروق العقدة فى ديسمبر 2003، كان الاحتياطى النقدى لمصر لا يتجاوز 7 مليارات دولار، لكن ليس معنى ذلك أن نقبل بانخفاض الاحتياطى الآن».
واستطرد «عامر»: «البنك المركزى لديه خبراء فى السياسة النقدية، وينتهج سياسة حكيمة، ونتيجة ذلك لم نتعرض لارتفاعات حادة فى الدولار مقابل العملة المحلية، ولم يكن هناك أثر سيئ من جراء ذلك كما كان متوقعا».
وأضاف: «نريد أن نتعامل مع الواقع، وننطلق إلى الأمام، لأن الثورة أعطتنا فرصة جيدة للانطلاق نحو مستقبل أفضل أعاقته السلطات السابقة وكبلته لفترات طويلة، خاصة أن الإصلاح الاقتصادى مرتبط بالإصلاح السياسى، والفرصة سانحة الآن للانطلاق، وإن كنا متأثرين بالعديد من العوامل على المديين القصير والبعيد، فلابد من العمل على حلها».
وتابع: «لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك تطوراً كبيراً حدث منذ 25 يناير وحتى الآن، ولكن يجب إعادة الثقة من جديد فى رجال الشرطة حتى يعود الأمن مرة أخرى، ولحل تلك المشكلة يجب البحث عن جذورها، ونحن نمر بظروف صعبة وغير عادية، ولابد من تفهم تلك الأوضاع جيدا، لكى نتحرك إلى الأمام، ولا نقوم بإلقاء الاتهامات جزافا دون التأكد من حقيقتها، لأن هذا البلد هو من يدفع الثمن، لأنه لو تم تشويه سمعة شخص فأقصى تقدير أن يخسر وظيفته، لكن مصر ستفقد ثقة المستثمرين، وأعتب كثيرا على الإعلام لعدم تسليطه الضوء على النماذج الجيدة ليس من قبيل المدح، ولكن لتوصيل رسالة للمستثمر الخارجى بأن مناخ الاستثمار فى مصر جاذب».
وحول موقفه من الانتخابات الرئاسية، قال: «مصر تحتاج إلى رئيس أولا، البعض يرغب فى أن يتم إعداد دستور أولا، وهو مطلب منطقى لكى نعرف مستقبل مصر هيكون فيه إيه، ولابد أن يشارك فيه كل الخبراء القانونيين والسياسيين والاقتصاديين فى مصر، وأنا لا أؤيد ما يقال فى الصحف عن أننا سنكبل الرئيس المقبل، سنفقده صلاحياته، بالعكس المرحلة الحالية تريد رئيساً قوياً، وأعلم أن البعض سيقول عنى إننى من فلول الحزب المنحل، لقولى ذلك كما قالوها فى وقت سابق، بسبب دفاعى عن الحكومة الحالية، وإعطائها الفرصة لتنجح، لأن الشعب لو عاد للإنتاجية ستنجح الحكومة الحالية، وإذا لم يعمل فستفشل أى حكومة، ولن نتقدم خطوة للأمام».
وحول القطاع المصرفى، قال: «المجلس العسكرى والحكومة الحالية جددا الثقة فى القطاع المصرفى وأثنيا على دوره خلال الفترة الماضية، وسننطلق فى البنك الأهلى من تلك الثقة، وسندعم الحكومة بشكل كبير، للخروج من الأزمة الحالية، وقمنا بإطلاق مبادرة لإزالة المعوقات الائتمانية، التى تواجه المستثمرين فى مصر».
واستطرد: «يجب إعطاء الثقة للحكومة الحالية وتغيير أسلوب الإصلاح داخل الحكومة، ويجب أن نعيد النظر فى أشياء كثيرة، منها على سبيل المثال دعم البوتاجاز، الذى تطرحه الدولة بـ3 جنيهات، ويتم بيعه فى السوق السوداء بنحو 20 جنيها والفارق يستفيد منه الوسيط، والبنوك تقوم بفتح اعتمادات، وتوفر العملة الصعبة لاستيراده لكى يستفيد الوسطاء من المليارات».
وأوضح: «لن يتم الإصلاح إلا بإعطاء الحكومة الحالية جميع الصلاحيات والثقة أولا وأخيرا من قبل الشعب، واتخاذ خطوات جادة نحو الإصلاح، حتى لو أثر ذلك علينا لمدة عامين، وأنا مؤمن بأن الجهاز التنفيذى فى الدولة ليس الوزارة، ولكن المحافظة والأجهزة المعنية بها، ولابد أن يعاد النظر فى اختيار المحافظين الجدد، وأن يكون الاختيار على أساس الكفاءة، ويتم إعطاؤه صلاحيات كبيرة فى محافظته».
وعن اتهام البنوك بانحصار دورها فى الاستثمار بأدوات الدين الحكومية، قال «عامر»: «ليس كل البنوك تعمل بجد ولكن يجب أن يكون لنا دور أكبر، ولا شك أن البنوك أول شهر ونصف من الثورة انكمشت بسبب عملية التشكيك والبلاغات الكثيرة الموجهة ضدها واتهامها بتهريب الأموال للخارج، حيث قدرتها بعض الصحف بـ7 مليارات دولار، وذلك عارٍ تماما من الصحة، خاصة أن القطاع المصرفى المصرى لا يمتلك صافى 7 مليارات دولار بالخارج، ولو قامت البنوك بتهريب الأموال تكون خائنة لمصر، ويجب محاكمة كل العاملين بها».
وأضاف: «بعد الثورة بشهر فكرنا كثيرا فى البنك الأهلى هل سنتوقف كغيرنا من البنوك، ونخاف من المساءلة أم لا، وفى النهاية قررنا العودة للعمل بقوة، واعتبرت أنها حرب بل عملية انتحارية، ولابد أن نعمل لدعم الاقتصاد القومى».
وأوضح: «نتمتع باستقلالية أكثر مما مضى بكثير تعدت الـ100%، ولابد أن ندعم الثورة لتنجح لأن هناك مَنْ يتربص بنا سواء فى الداخل أو الخارج ومنهم إسرائيل، والمخاطر باتت مرتفعة بعض الشىء، لكن لابد من المخاطرة، لأننا بنك الدولة، ويجب دعمها ومساندتها على خلاف البنوك الأجنبية التى تتخوف من التوسع فى الإقراض، بسبب زيادة المخاطر، ونحن قمنا بعمليات انتحارية إبان فتح البنوك فى بداية فبراير بمشاركة البنك المركزى والمجلس العسكرى، بنقل الأموال بالسيارات والطائرات لتلبية احتياجات الشعب المصرى، واتهمنا بتهريبها للخارج».
وحول إمكانية عودة الأموال المهربة إلى الخارج، قال: «ليست لدى خبرة فى استعادة الأموال المهربة، ولكنى على اتصال ببعض الأصدقاء فى البنوك الدولية، الذين أكدوا أن هناك مجموعة من الشروط والقواعد يجب اتباعها لعودة تلك الأموال أبرزها أن يكون هناك حكم قضائى نهائى يثبت أنها تخص مصر، وحصل أصحابها عليها بطرق غير شرعية، وأعتقد أن جزءاً كبيراً من تلك الأموال سيعود لمصر لكن بعد فترة من الوقت، وإن كانت الأرقام التى تمت الإشارة إليها فى الصحف عن الأموال المهربة مبالغ فيها على إمكانيات مصر خلال الثلاثين عاما الماضية، ولكن الأهم خلال الفترة الحالية هو أن ننتج لكى نبنى الاقتصاد المصرى».
وحول ملف كبار المتعثرين خاصة فى ظل اتهام البنوك بتعنتها وتعريضهم للسجن، تابع: «منذ بداية عملى فى (المركزى) مع الدكتور (العقدة) أصدرنا قراراً بوقف سجن المتعثرين، وذلك منذ 2003 لأن سجن المستثمرين رسالة قوية لهم بعدم الاستثمار حتى لا يتعثروا فيتعرضوا للسجن، ولسنا متعنتين مع أحد وتحملنا خسائر كبيرة مع كل من قمنا بالتسوية معهم، لكى نترك الماضى ونتحرك للأمام، ولو لم نتواجد فى تلك الفترة ما تمت تسوية مديونياتهم، خاصة أننا لسنا كغيرنا الذين يخافون من المساءلة القانونية فلا يقومون بتوقيع التسويات، وأخذنا المخاطرة رغبة فى تحقيق المصلحة العامة».
وقال «عامر»: «لابد من إدارة مصر بفكر أن الكفاءات والمتميزين لابد أن يكونوا فى المقدمة، وهو ما لم يحدث فى مصر، لأن الفساد وصل إلى الجذور، نريد أن يتقدم المتميز للأمام، وفى المقابل عدم اعتراض غير المتميز، لأنه من العدالة أن يحصل المتميز على حقوق أكثر من غيره».
وتابع: «الحكومة الحالية تحتاج مزيدا من الثقة ومدة أطول حتى تستطيع التقدم للأمام، وأخذ خطوات جادة نحو الإصلاح، ولن يكون ذلك فى ظل المطالب الفئوية، لأن اليوم هو يوم الرجولة والعطاء لمصر، ويجب أن يتنازل كل واحد منا عن مطالبه الشخصية حتى تستطيع الحكومة إدارة الدولة، وإلا تعرضنا للغرق».
وحول ما إذا كان عمه المشير عبدالحكيم عامر تم اغتياله أم لا؟، قال: «منذ عام 67 وقضية اغتيال المشير هى قضيتنا التى نعمل عليها، لأننا صعايدة، والشرف لدينا غال ندافع عنه، والسلطات الديكتاتورية التى تعاقبت على حكم مصر شوهت صورة المشير، وكل ما قاله محمد حسنين هيكل عن انتحار عمى افتراء وعارٍ تماما من الصحة، ونحن لجأنا منذ فترة إلى الاستعانة بأستاذ كبير فى الطب الشرعى، وقام بدراسة جميع ملفات الطب الشرعى عن عمى، وأكد أنه لم يمت بالسم، الذى ادعوا أنه انتحر به، واتضح أنه تم حقنه بحقنة قاتلة والنائب العام فتح التحقيق فى عهد «مبارك»، الذى أبلغنا عبر زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، برفضه التحقيق فى الواقعة والنائب العام لم يستجب لذلك، وأنا أطالب وزارة الدفاع بالكشف عن ملفات هزيمة 67، لأن جمال عبدالناصر كان السبب الرئيسى فيها، ولم يكن عمى هو السبب فى ذلك، لكن للأسف الشعوب تثق أكثر فى حكامها».