بعد هزيمة الإنجليز للفرنسيين فى «أبوقير» عام 1801، طلب الإنجليز من الجيش الفرنسى تسليم رسومات كتاب «وصف مصر»، فما كان من الجنود الفرنسيين إلا أن أعلنوا تفضيلهم العودة للقتال على ترك الكتاب، وفى عام 2011 أحرق مجموعة من المصريين المجمع العلمى بما يحتويه من كتب نادرة لا تقدر بثمن، ومنها كتاب «وصف مصر»، أضخم وأعظم كتاب وصفى عن بلد، هنا برزت المفارقة التاريخية حسب تعبير فرنسيس أمين، الباحث الأثرى.
«فرنسيس» أكد لـ«المصرى اليوم» أن «نابليون» كان مدركاً تماماً أهمية مصر الاستراتيجية والجغرافية وثرواتها الطبيعية، وقيمتها التاريخية كأم الحضارات ومهدها، ولأول مرة فى التاريخ يغزو قائد عسكرى وحاكم إمبراطورية بلداً يعشقه، حتى قال الفرنسيون إن نابليون لم يحتل مصر، بل احتلته مصر وخبلت عقله وفكره حتى النخاع.
وأضاف: «نابليون دعا 1671 عالماً فى تخصصات مختلفة مثل الطبيعة والهندسة والفلك وعلوم اللغات والحضارات القديمة ورسامين وكيميائيين وأطباء، يقودهم سكرتيره الشخصى بوريين، ويساندهم جيش من الصناع والنجارين والحرفيين فى كل المجالات، لتأليف أكبر كتاب علمى وثقافى ووصفى صدر عن مصر طوال تاريخها، ويحتل الصدارة بين كتب العالم جميعاً من حيث محتواه العلمى». وقال: «أحضر العلماء معهم، (بيانو) حديثاً لتسجيل النوتات الموسيقية لأشهر الأغانى والمواويل المصرية، وأدخلوا أول آلة طباعة فى تاريخ مصر، وأخذوا حروفها من مكتبة الفاتيكان الشهيرة».
«فرنسيس» أكد أن البعثة الفرنسية التى أرسلها ملك فرنسا فيليب عام 1832 لمقابلة محمد على والتفاوض معه للحصول على مسلة مصرية، أهداه قائد البعثة السيد «لوبا» كتاب «وصف مصر» فى دولابه الفاخر، ففرح به محمد على، وعرضه على حريمه فى قصر التين بالإسكندرية، وقال لهن: «لن أترككن بعد اليوم كثيراً، فقد تحصلت على كتاب يحوى مصر كلها، ولم أعد أحتاج أن أسافر لرؤية محافظاتها، فهذا الكتاب يجمعها كلها».