أكد الفنان الكبير محمد صبحى أنه لم يقبل حتى الآن مسؤولية لجنة الدراما بالمجلس الوطنى للإعلام، وأن قراره سيتخذه بعد الاجتماع مع رئيس المجلس لوضع رؤية وتصور لدور اللجنة، حتى لا تتحول إلى دور رقابى فقط.
وقال صبحى فى حوار لـ «المصرى اليوم» إن ملف الدراما شائك وإن هناك احتكارا يصاحبه محاولات إقصاء لعدد من الفنانين وعدم الالتفات لعدد آخر من قبل جهة الإنتاج صاحبة اليد العليا فى تنفيذ الخريطة الدرامية. وشدد على أن الملايين التى أنفقت فى شراء قنوات فضائية لو أنفقت على ماسبيرو لكان أفضل بكثير، وأن هناك قنوات تعمل بهدف تغييب العقل وإلا لماذا فتحت إرسالها لساعات طويلة للحديث عن أزمة فستان ارتدته فنانة؟، وذكر أنه أجرى مداخلة هاتفية مع إحدى القنوات ليوجه رسالة للجميع مفادها «كفاية حديث فى هذا الموضوع». وأضاف أن الدولة تحتاج إلى قناة ترسل من خلالها رسائلها التى تريد توجيهها بدلا من حالة التشابه الحالى الذى فرضته بين القنوات.. وإلى تفاصيل الحوار.
■ لماذا لم تحسم أمرك من ترشحك لتولى مسؤولية لجنة الدراما بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام؟
- تواصل معى الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس وأخطرنى بترشحى للمنصب، ورددت عليه بأننى لن أستطيع الموافقة أو الاعتذار إلا بعد اجتماعنا فى جلسة مطولة، وطلب منى إعلان الترشح وقبولى له، وحتى الآن لم أقبل المنصب ولازلت فى مرحلة دراسة الأمر.
■ بصفتك فناناً كيف ترى أهمية لجنة الدراما والهيئة العليا للإعلام؟
- الهيئة العليا للإعلام هى بديل لوزير الإعلام، وجرت العادة أن وزير الإعلام فى أى دولة لا يكون فنانا، ولكن الدولة تختار له من يمتلك رؤية حقيقية للاستفادة من الإعلام، سواء داخليًا أو خارجيًا، باعتبار أن الإعلام هو أحد الروافد الخمسة المتمثلة فى الثقافة بمفهومها العام ودورها فى بناء سلوك شعب كامل، والتعليم وعلماء الدين والأسرة، تلك الروافد التى تمثل الوعى الحقيقى للمواطن، ومن خلالهم يمكن تكوين باترون لمواطن ذى قيمة مضافة وليست سالبة، وبناء الانسان هو قضيتى الأولى والاخيرة منذ أن قدمت «ونيس» فى 1994، وتعليمه كيفية الانتماء للوطن وكيفية الاختلاف معه دون أن تجرح فيه حجرا، ورأيى أن وظيفة لجنة الدراما للأسف تحولت إلى وظيفة رقابية، وقد أستطيع كفنان أن أصرح بأننى ضد الإسفاف والابتذال فى الدراما التليفزيونية، ولكن من خلال منصبى كرئيس للجنة الدراما أنا منوط بالدفاع عن شرف المهنة من فن وفنانين وأمنع الاحتكار سواء من الدولة أو القطاع الخاص، وأن أكون ضد الشللية والإقصاء، وأن أخاطب فى الفنان كيفية أن يبدأ تصوير مسلسل لم يكتب منه سوى حلقتين فقط، وأن تعود القواعد لما كانت عليه وعدم البدء فى تصوير أى عمل إلا بعد كتابة حلقاته كاملة، ويتم تقديمه لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية حتى يكون لديها تصور مكتمل، لأن هذا المنهج خاطئ تمامًا ولم أضطر للعمل به فى أى مسلسل خلال مشوارى، وبالتأكيد التصوير على الهواء مباشرة يخدش شرف المهنة، والإبداع لا يكون بالارتجال، وأى مسلسل لم تكتمل كتابته سيتم تأجيله للعام المقبل، وهناك عدد كبير من الفنانين «قاعدين فى بيوتهم» سواء إقصاءً وأنا صريح، أو لم تنظر لهم جهات الإنتاج، فى الوقت الذى تشارك فيه ممثلة واحدة فى 7 و8 أعمال، ولذلك من الضرورى العمل خلال مرحلة انتقالية ولتكن عامين أو ثلاثة يحق فيها للممثل أن يتعاقد على عملين على الأكثر خلال العام، وهو أمر جيد ماديًا وفنيًا، لترك فرصة لممثلين محترمين أصحاب الكرامة والكبرياء جلسوا فى بيوتهم وهو إحساس سيئ جدًا.
■ ألا يتعارض دور لجنة الدراما مع جهاز الرقابة على المصنفات؟
- لدينا قانون رقابة نعمل به منذ سنوات بعيدة، بموجبه لا نتعرض لتحطيم النظام كسلطة سياسية، وعدم الاقتراب من الجنس أو الدين، واختلفنا كثيرًا مع الرقابة فى تناول بعض الامور السياسية إنما هناك حوار، وصراحة د.خالد عبدالجليل رئيس جهاز الرقابة الحالية عقلية متفتحة ومحترمة لا يقهر أى إبداع، ولذلك أنا ضد تحويل لجنة الدراما إلى نظام رقابى مواز لها فهناك أجهزة منوطة بممارسة تلك المهام.
■ وكيف ترى الموسم الدرامى فى 2019؟
- من له الحق فى تحديد عدد المسلسلات لهذا الموسم وعدم تجاوزها حاجز الـ 15 عملا، أنا ضد ذلك تمامًا، لانه سوق فى النهاية يحكمه العرض والطلب، وكان لزامًا أن تتسع قاعدة الأعمال لتصل إلى 100 عمل يخرج منها 40 فكرة، ومسلسلات جيدة، وأخرى تافهة، وهو ما كان يحدث فى مصر على مدار سنوات، فوجود أعمال قيمة تسجل فى التاريخ تطرد المنتج الردىء، لكن فكرة المنع والمصادرة مرفوضة، ويجب أن نطلب من الفنان تغيير جلده، وكدولة إذا كنت تبحث عن التصدى لأعمال رصينة ومحترمة وتشرف مصر يجب أن تدفع وتنتج، ولكن أن تقوم بتخصيص منتج بعينه يضع فى يده الـ15 مسلسلا ويمارس عمليات الإقصاء على الفنانين ويسمح بتكوين شلل ويخلق حالة احتكار، تلك ممارسات خاطئة، وعلى الدولة ممثلة فى الهيئة العليا للإعلام أن تمنح العمل الجيد 10% من إجمالى ميزانيته فى سبيل عودة ريادة مصر مرة أخرى، والنتيجة ستكون انزواء صاحب الاعمال التافهة، وأنتظر لقاء الاستاذ مكرم محمد أحمد للحديث فى كل تلك الأمور التى يجب أن تلقى حلولا بقوانين.
■ هل تقصد أن يكون للجنة الدراما دور فى الإنتاج؟
- لا.. أن يتم وضع قواعد لشرف المهنة لحمايتها، بالتأكيد ستكون هناك أعمال تافهة على الشاشة لكنها مشكلة الرقابة ليس لى كلجنة أى شأن بها، ودورى زيادة رقعة ومساحة الأعمال الجيدة، والموسم الماضى كان هناك عدد لا بأس به من الأفكار الجيدة والمحترمة لمخرجين جدد وكتاب وفنانين محترمين، وبالمناسبة مصر البلد الوحيد فى العالم كله على الإطلاق الذى خلق شعارات «أغنية شبابية ومسرح شبابى وسينما الشباب» وهو أمر مضحك ومسميات لم نعتد عليها، هناك عمل فنى، وكنا شبابا فى بداياتنا إلى جانب أساطير وعباقرة لم ينتهوا، واستمرار الأجيال هو ما يحافظ على أصالة هذا الفن، ولذلك وضع أسس هو دور لجنة الدراما، لا يصح أن توجه المبدع ماذا يكتب ولكن توضح لهم رؤية للأعمال تفيد المنظومة المتكاملة.
■ لكن من الواضح أنك كونت رؤية متكاملة فى حال توليك المنصب؟
- بالتأكيد وأنا مهتم بفكرة بناء الانسان والتعليم والثقافة والفنون بكل أشكالها وأنماطها، بشرط أن تكون كلها فى سياق مكمل، فمثلا هناك نظام تعليم على أعلى مستوى من الممكن بمسرحية يتم هدم هذا النظام، أنظر إلى التضافر، لأن الطفل محاط بالتليفزيون والسينما والمسرح ويستمع لأشعار وغيره.
■ ولماذا شبهت بعض الفضائيات وما تقدمه بـ«الدعارة الفنية»؟
- ما صرحت به لماذا نتمسك بعمل بعينه وكأنه السلبى الوحيد، وأنا لم أقصد عملا بعينه كما توقع البعض، وبالتأكيد بعض الأعمال تصل للدعارة الفنية «بلا شرف»، تقدم كل ما هو تافه وتعلم الاطفال ألفاظا سافلة، وهناك قنوات تعرض أعمالا تخجل أن تشاهدها من أفكارها وألفاظها وتعرض بحجة محاكاة الواقع، وهو أمر مرفوض.
■ لكن لم يكن هناك تكليف بمحاربة تلك القنوات؟
- بالطبع لم يكن هناك تكليف فى هذا الشأن، ويعتبر تكليفا خاطئا أن أراقب القنوات، لأن هناك حالة عامة، ونلاحظ أن الإعلام كله يتحدث عن فستان فنانة فى 10 قنوات، شاركت بمداخلة لأقول لهم «كفاية بقى»، ولم يكن ذلك بغرض الدفاع عن الممثلة، لاننى ضد ما شاهدته منها، «أذانى»، كما شعر الكثيرون، ولكنها لم تمارسه فى عمل فنى وإلا كنت سأثور ضدها، ولكنه سلوك خاص اعتذرت عنه، والسؤال: يعنى إيه «أحشى» ساعات فى 10 أو 15 قناة عن فستان، والا «بتلهونا» عن الأهم المفترض أن نتناقش فيه؟، وهو ما يسمى قنوات تغييب العقل التى تستضيف مطلقات للحديث عن رؤية الاولاد والحضانة بهدف اللهو دون أى استفادة، وهو أمر محزن لأننا كنا نمتلك القناتين الأولى والثانية فى التليفزيون المصرى وتعلمنا من خلالهما حب فن الباليه رغم أنه غريب عن ثقافتنا، والموسيقى العربية والاوركسترا، وأمسيات ثقافية وحوارية ليوسف السباعى وتوفيق الحكيم والعقاد وطه حسين، وعالم البحار وعالم الحيوان، ولذلك أقول إن ثروت عكاشة لم يأت وزير للثقافة مثله، رغم أنه لواء جيش، ولكنه تصدى لسلسلة من الكتب عن الحضارات القديمة وحصل على أكثر من دكتوراه وماجستير، وكان لديه مشروع بناء مواطن وساهم فى بنائنا.
■ يعنى ذلك أنك ترفض سياسة ملف الإعلام الحالية؟
- كنت أول من نادى بصنع إعلام للدولة، بعد ثورة 25 يناير بشهر واحد، وضرورة أن يكون هناك وزير للإعلام، ومازلت من أنصار ذلك وأن يكون هناك وزير له رؤية، وأن يكون للدولة قناة واحدة تبعث برسائلها وتقول فيها ما تشاء، لكن أن تقوم الدولة بوضع يدها على القنوات كلها هو نوع من أنواع الاحتكار غير مرغوب فيه، وغير مطلوب، ويجب النظر إلى نتيجة ما تم تقديمه حينما حدث ذلك، نعم أنا ضد أى إعلامى يثير الجماهير و«يفترى» على الدولة ونظامها صحيح، «بس مش علشان أمسك حرامى أموت الحارة»!، بالتأكيد هناك خطاءون فى الإعلام، لكن ما حدث أكبر خطأ وقعت فيه الدولة ستشعر به بعد عامين أو ثلاثة، كان يكفى أن تتبنى قناة متحدثة بالانجليزية والفرنسية موجهة للعالم إلى جانب الاولى والثانية، لكن ما المبرر من شراء 51 % من حجم القنوات المصرية وتحويل محتواها ليصبح متشابهًا، يتكون من برنامج طبيخ وتخسيس وفاشون وبرنامج للمنازعات فى كل القنوات، ولكن أين الصوت الذى يقول إن البلد عظيم ولكن ينقصه كذا وكذا؟، «إنتم مش عاوزين ده بلاش».
■ وكيف ترى غياب قطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج عن الساحة الإنتاجية؟
- هناك عدد كبير من الشركات تم تجميدها، حينما يكون هناك شركة بعينها تمتلك 9 قنوات لن تفتح السوق لغيرها من جهات الإنتاج لعرض أعمالها، وهو احتكار، ويجب أن يكون للجنة الدراما دور فى مساعدة جهات الإنتاج لتقديم أعمال عظيمة وأن يكون لها مكان للعرض، وكنا فى الماضى حينما يتم إنتاج مسلسل ويعرض على قناة وترفضه لتكلفته المرتفعة نذهب إلى وكالة إعلانات وتقوم بتسويقه وتفرضه على القناة، لكن الآن القنوات والإعلانات فى يد واحدة، وهو ما لم يتحدث فيه أى فنان من قبل، ولو كانت الدولة وضعت تلك المليارات وأنفقتها على ماسبيرو لكان أفضل بكثير.
■ وماذا عن مغالاة النجوم فى أجورهم؟
- أقول لهم «فلنستحى»، لا يصح أن تكون مصر فى حالة نهضة حديثة، وبها فقراء لا يجدون قوت يومهم، وإن كان ذلك ليس ذنبهم، ولكن يمكن أن يضحوا بالحصول على أجر قليل مقابل تقديم فن جيد، وأنا حصلت على ربع أجرى فى سبيل تقديم سلسلة «ونيس»، وفى «رحلة المليون» حصلت على 1200 جنيه فى مسلسل 30 حلقة، أى ما يوازى 40 جنيها فى الحلقة، نعم هو سوق وعرض وطلب، ولكن إذا تقاضى النجم 50 مليون، تكلفة المسلسل ترتفع جدًا، وهذا الأمر لا يحتاج لقانون ولكنه يحتاج لصحوة ضمير من كل فنان، والمفاجأة أن بعض المنتجين حينما يقلل الفنان من أجره لا يهتمون به، ويتجه للأعلى سعرا، وهذا يعتبر خللا كبيرا.
■ وما حقيقة عرض الـ 50 مليون جنيه كأجر لك مقابل بطولة عمل جديد؟
- بالفعل تفاوض معى أحد المنتجين على مسلسل بأجر 50 مليون جنيه، ورفضته وقمت بتقطيع العقد، وقلت لهم «حرام» هذا المبلغ تكلفة مسلسل كامل وليس أجر محمد صبحى، لاننى أمنت مستقبل أولادى وأعيش عيشة جيدة والحمد لله، والانسان «لن يملأ أكثر من حجم معدته».
■ لماذا قررت تقديم عرض «خيبتنا» فى الوقت الحالى؟
- المسرحية بدأت كتابتها فى 2004، بعدما كتبت ماما أمريكا من 92 وحتى 94، وعرضها فى هذا التاريخ، واستمرت على خشبة المسرح لـ6 سنوات، وحدث ما توقعته فى نهاية المسرحية مع الفارق، بدلا من تفجير تمثال الحرية تم تفجير مركز التجارة العالمى، وتم اتهام العرب بالإرهاب، أنت عربى مسلم إرهابى، من مشروع برنارد لويس 83، وفى 2004 بعد غزو العراق واحتلالها وأعدمت أمريكا صدام حسين، وأعدمت معه الحضارة العراقية وشعبها، وقتلت أكثر من 3 ملايين شخص وضاع البلد، وتفتت بعدما كان أكبر سادس قوة فى العالم.
تلك هى خيبتنا، وقتها فكرت أن ما حدث فى العراق سيحدث فى باقى الدول العربية، ولكن بأشكال مختلفة، وجاءت فكرة المسرحية أننا نعتقد أن أعداءنا يتآمرون علينا، وكيف أننا نسهل لهم تلك المؤامرة ونمنحهم أكثر مما تمنوه، وكتبت فى خيبتنا على أن تكون أحداثها تتم فى أمريكا، وافترضت أنها كأقوى دولة فى العالم تم إصابة مواطنيها بالفيروس الخاص بالجين العربى الخامل.
والرسالة أن العدو لا يريدك بثقافة عالية أو رعاية صحية جيدة أو لديك فن راقٍ، أو أن تكون دولة قوية جيشًا وشرطة وتسليحًا، وأن تمتلك تعليمًا قويًا، وكيف أننا نقدم للعدو أكثر مما يريد، فلدينا فنون بها إسفاف وسلوك مواطن غير متحضر، وكثير من المواطنين غير المتفهمين للانتماء للوطن، ولم يخرج علينا خبر عن إسرائيل منذ 7 سنوات فى أى قنوات مصرية أو عربية، بعد ثورات الربيع العربى، وهو مشروع برنارد لويس، كما ذكرت أن خسارة ثمن الرصاصة فى العرب، وعلينا إجبارهم على أن يشتروا السلاح منا، ويقوموا بقتل بعضهم، فخيبتنا هى صرخة للتأكيد على عدم تكرار نفس الخطأ، لأن مصر تجاوزت الأزمة التى وقعت فيها معظم الدول العربية، وأن الشعب نجاة للوطن والوطن لنا نجاة.
■ هل واجهت أزمة فى الرقابة؟
- حصلت على تصريح رقابة فى 2004، ود. خالد عبدالجليل قال لى إذا لم تكن تلك المسرحية حصلت على تصريح فى هذا التاريخ ما كنت أصدق أنك كتبت أحداثها فى هذا التوقيت تحديدًا، وأننى عدلت فقط فى بعض المصطلحات كتبت فى (خيبتنا) أننا نصدر الجحيم العربى، وعدلتها فيما بعد للربيع العربى، ولم يكن لدى أى خلافات مع الرقابة.
■ العمل يوجه انتقادات صارخة ومباشرة للحكومات العربية؟
- بالفعل هناك انتقادات للحكومات العربية، وفيها انتقادات لسلبيات كثيرة، ولكنى أوجهك وأقول لك إنك على خطأ ولو أعداؤك شياطين.. فهل أنت ملاك، وخليك انت ملاك حتى يحتار عدوك فيك ولا يستطيع تنفيذ مخططاته، تلك هى رسالة (خيبتنا)، وأن يخرج الشباب والمشاهد بطاقة إيجابية وطنية، ومن الضرورى احترام عقلية الشباب لأنهم يحترمون ذلك، والضحك فى مسرحى يكون بعد الحصول على لحظة تفكير وتكوين صورة يأتى بعدها الضحك، على خلاف نكات المقاهى التى يقدمها الغير.
■ لكن مساحة الضحك ليست كثيرة فى المسرحية؟
- المسرحية ليست كلها للضحك، وكلمة الضحك بالتأكيد لها مساحة كبيرة، وبها جزء من التراجيديا والبكاء، وهناك متعة بصرية وفكرية لها عمق.
■ لماذا اعتمدت فى العرض على ممثلين جدد؟
- تلك هى عادتى فى كل مسرحياتى السابقة، فرقتى المسرحية كانت قائمة على الشباب على مدار مشوارى، بدءا من بالعربى الفصيح مع لينين الرملى شارك فيها 42 شابا يقفون على المسرح للمرة الأولى منهم منى زكى ومصطفى شعبان وفتحى عبدالوهاب ونشوى مصطفى، وكلهم أصبحوا نجوما، وخيبتنا يشارك بها دفعة من خريجى مدرسة استديو الممثل بمدينة سنبل، والدفعة الأخرى شاركت فى عرض غزل البنات، وسيجتمعان فى تقديم مسرحية (نجوم الضهر) ونحن كومبارس فى المسرحية نظهر فى مشاهد قليلة، وفرقتى يشارك فيها سامح السعيد وعبير فاروق وشوقى طنطاوى وندى ماهر التى قدمت بطولة غزل البنات، والفنانة سميرة عبدالعزيز التى أضافت قيمة كبيرة، واعتبرت عودتها للمسرح تحديًا، خاصة فى دور كوميدى، وحازم القاضى وبوسى الهوارى وميرنا زكرى والطفل عبدالرحمن، ومساحة الوجوه الجديدة يجب مقياسها بقياس مختلف، وأنا أهتم بالشباب الدارس للرقص والغناء والتمثيل ممن يتم توجيههم لما تريده الدولة فى المستقبل.
■ ما رأيك فى حالة التزاوج بين المسرح والتليفزيون فى الوقت الحالى؟
- الخريطة تم تغييرها، فى وقت سابق كنا نستمر فى عرض المسرحية 5 سنوات ويتم تصويرها ثم يتم بيعها لشركة تقوم بتسويقها فى مصر والوطن العربى أو تباع لقناة بعينها، الآن أصبحت المسألة (تيك أواى)، وانظر إلى (خيبتنا) كتبتها فى 2004 وأعيدت كتابتها على مدار سنوات، وبروفات لمدة 9 شهور متواصلة، ومستمرة بشكل يومى، وأتذكر يوم زارنى الناقد الراحل محمد تبارك وقت عرض مسرحى بعد 4 سنوات من العرض، ووجدنى فى بروفة، تلك هى طبيعة المسرح، العمل المستمر، بالتأكيد أعمال التيك أواى تكون قيمتها بقدر الوقت الذى تم تنفيذها خلاله.
■ لمَ لم تفكر فى نقل رسالة المسرحية من خلال مسلسل تليفزيونى ليصل لقاعدة جماهيرية أكبر؟
- بالفعل الرسالة صالحة لمعالجتها فى السينما والدراما التليفزيونية، ولكن موضوع المسرحية نفسه ليس لجمهور البيوت، فى كل مسلسلاتى الـ24 بدءًا من «على بيه مظهر» و«كيمو» و«فى بيتنا رجل» ثم «رحلة المليون» و«سنبل» و«ونيس» 8 أجزاء ثم «فارس بلا جواد» ثم «ملح الأرض» و«أنا وهؤلاء» وغيرها كانت طبيعتها دراما تليفزيونية، وحققت نجاحًا ضخمًا، خاصة فارس بلا جواد، الذى أحدثت جدلًا عالميًا، وونيس كانت موجهة للأسرة العربية، وليس المصرية، ورأيى أن المناخ هو الذى يفرز العبقريات وهو غير جاهز لعودة الريادة مرة أخرى.
■ ما سبب عدم ازدهار الحركة المسرحية حاليًا؟
- محمد هنيدى يحضر لافتتاح مسرحيته (3 أيام فى الساحل)، والقدير يحيى الفخرانى يحضر لمسرحية (الملك لير) مرة أخرى ليعيد تقديمها على مسرح الهرم قريبًا جدًا، وتراجع المسرح كان طبيعيا، بعد ثورات الربيع العربى حدث فراغ سلوكى وأخلاقى وثقافى، ودائما بعد الحروب يمر الوطن بمرحلة سيئة والآن نسير فى طريق البناء، كنت أسافر بمسرحياتى فى الوطن العربى كله، هذه السوق تم إغلاقها فى الوقت الحالى، وهو شىء محزن لما يحققه ذلك من نقل للثقافات.
■ لكن هناك بعض الفرق المسرحية تقدم عرضين أو ثلاثة كل أسبوعين؟
- فى مهرجان المسرح الجامعى الأول قدمت لعبة الست على مدار 5 شهور وكارمن 3 شهور وسكة السلامة شهرين، وبعدها أعدت تقديم رواية كل يومين، وكانت هناك حالة رواج عام 2000، وكنت وقتها وسط 20 فرقة مسرحية، وحتى نكون منصفين هناك فريقان: مسرح له جمهور عريض من تركيبة المسرح المحترم، وهناك جمهور فى المقابل بنفس الحجم يقدم على مشاهدة تلك الأعمال التافهة التى انتشرت مؤخرًا وهو ليس مسرحًا من وجهة نظرى، ومقولتى دائما أن الفنان هو الذى يختار جمهوره وليس العكس، ويقوم بذلك، من خلال ما يقدمه وكل فنان سيحرص على مشاهدة ما يشبهه، وأعتقد أن 80% من جمهور الآخر لا يشاهد مسرحى والعكس صحيح وفق استفتاءات قمت بها بالفعل مع الجمهور، وأشبه ذلك بشخص لا يتعاطى المخدرات لا يجلس مع أشخاص يفعلون ذلك، ولا أقصد أى شىء بهذا التشبيه سوى تقريب الصورة، مثل أعمال مسرح الدولة فى الستينيات كان هناك تصارع بينى وبين زملائى للحصول على دعوة لمشاهدته عروضًا بعينها، وكنت وقتها فى المعهد، وإصلاح ذلك يستغرق وقتًا طويلًا بالتراكم بإعادة دوران الحركة بإنتاج أعمال مسفة وتافهة وأخرى قوية وغير ذلك.
■ وهل هناك أمل فى عودة المسرح الخاص كما كان؟
- المسرح ليس خاصًا فقط. والسؤال هو: هل الثقافة ستعود مرة أخرى؟
أجيب أنها تحتاج سنين ووقتا طويلا، لأن ما تم تحطيمه فى الوطن العربى ضخم جدًا، وهناك إحصائية تؤكد أن 800 ألف تريليون جنيه هى خسارة الوطن العربى من ثورات الربيع.
■ هل اكتفيت بما قدمته للسينما؟
- قدمت 22 فيلمًا على مدار مشوارى، وراضٍ عنها تمامًا، وجميعها حققت نجاحًا، بدءًا من أبناء الصمت والكرنك ووراء الشمس وهنا القاهرة والعميل رقم 13 والشيطانة التى أحبتنى وبلاغ ضد امرأة وغيرها، حتى عام 85 شعرت أننا دخلنا فى مرحلة المقاولات التى يستغل فيها المنتج اسم الفنان، ويحصل الأخير على الأجر الذى يريده لتنفيذ فيلم فى 3 أسابيع، وكان آخر فيلم نفذته فى فترة قصيرة جدًا أرفض ذكر اسمه، ولهذا السبب قررت الاستغناء عن السينما وأن أبيعها بدلا من أن أبيع نفسى، ولكنى لم أعتزل بشكل كامل، وما أردت أن أقوله فى السينما قدمته فى الدراما التليفزيونية.
■ تحرص على كتابة أعمالك، فما رأيك فى ورش الكتابة التى انتشرت مؤخرًا؟
- لا أؤمن بكلمة ورشة للكتابة، ومعناها الاستعانة بأكثر من شخص لكتابة عمل بعقل واحد، والنتيجة ستكون عمل بـ10 عقول، أين الصدق هنا؟ المؤلف حينما يدرك نقطة الهجوم فى السيناريو، ويبدأ فى نسج خيوطها، فالأمر مختلف تمامًا.
■ وهل يعنى ذلك أنك ضد فكرة استيراد الفورمات؟
- ليس لدىّ مشكلة فى ذلك، وقدمت فكرة مماثلة فى برنامج مسرحى (مفيش مشكلة خالص)، ونجح على موسمين، الحمد لله، ولكن الرهان فى ذلك فيما إذا كانت الفكرة صالحة للتمصير أم لا وأشبهها بشخص جلب لى ثوبًا غير قومى، وطلب منى ارتداءه.
■ بذكر الثقافة.. كيف ترى مشروع وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم؟
- د. إيناس عبدالدايم إدارية جيدة فى دار الأوبرا المصرية، وحققت فيها نجاحات كبرى، وأن أدير الأوبرا بنجاح ليس شرطًا أن أحقق نفس النجاح فى الثقافة، لأن وزارة الثقافة بها العديد من المشاكل ولهذا السبب رفضتها أكثر من 4 مرات، ولكن د. إيناس ليس لها رؤية أو خطة واضحة معروضة، وإذا قبلت تولى المنصب كنت سأجتمع بكل المبدعين فى مصر، وأستعرض رؤاهم وآراءهم فيها، وإذا رفضوها كنت سأعتذر عن الوزارة، ولكنى أعلم أن رؤيتى كانت تخلص وزارة الثقافة من 4 آلاف معوِق، ليس هناك فكر، مثلا أن أجعل مسارح الدولة دائمة العروض لحفلات صباحية ومسائية ومجانًا، لتعليم الجمهور ارتياد المسرح، وعلى من يتعدى حدوده فى احترام المسرح يتم طرده، وهو أمر صعب فى ظل السلوكيات الحالية، الوزارة حاليا خالية من الفرق المسرحية وتحولوا إلى موظفين يتقاضون رواتب آخر الشهر، والوزارة ليست فى حاجة لموظفين تحتاج لفنان يوقع عقدًا، ويمثل، وتخيل أن 94% من ميزانية الوزارة تستهلكها المرتبات، فكيف يمكن أن تصنع ثقافة بـ6% فقط من الميزانية المخصصة؟ محتاج أن يخرجوا إلى المعاش، ويشتغلوا بشكل حر، أضف لذلك أن زمن الفرقة صاحبة التاريخ انتهى، والمسارح كلها بدون هوية الكل يشبه بعضه، فمثلا كان المسرح القومى يقدم الواقعية المصرية والمسرح العالمى ومسرح الجيب يقدم المسرح التجريبى، ومسرح السامر للفنون الشعبية والمسرح الكوميدى والمسرح الحر، وأتساءل كيف يكون لكل فرقة 40 مدربًا، ليس هناك فلسفة لكل مسرح، وماذا يقدم، ولمن يتحدث عن قصور الثقافة أرد عليه على المحتوى الذى تقدمه جماهيريًا ومن هم المسؤولون عنها، مشروع الثقافة الجماهيرية الهدف منه مشاهد متذوق أين هذا الهدف.
■ تحضر لمسرحية (نجوم الضهر).. ماذا عن تفاصيلها؟
- كثيرون يعتقدون أن النجوم تختفى فى النهار وتظهر ليلا فقط، وهو أمر خاطئ، لأن النجوم موجودة فى الضهر ولكن القوة الساطعة ممثلة فى الشمس تحجب رؤيتها صباحًا، أنت تنظر للنجوم وحينما تضع إلى جانبها قوة أخرى لا تشاهدها، أقول فى كل المجالات النجوم هناك قوة ساطعة تخفيها، وسيتم تقديمها فى يونيو 2019.
■ كيف ترى عام 2019؟
- عنق زجاجة، إما الفرار من الأزمة بشكل كامل، أو العودة إلى الأزمة، وأنا دائما متفائل وتفاؤلى حذر بمعنى حتى تكون 2019 عام خير إن شاء الله للأمة العربية والإسلامية والعالم كله أتمنى لكل مواطن أن يسأل نفسه: أنا عبء على الدولة، أم قيمة مضافة تضيف للوطن؟!.