x

«سور الأزبكية» يغادر معرض الكتاب لأول مرة

الجمعة 04-01-2019 23:05 | كتب: آلاء عثمان, مي هشام |
باعة سور الأزبكية يغيبون عن معرض القاهرة الدولى للكتاب باعة سور الأزبكية يغيبون عن معرض القاهرة الدولى للكتاب تصوير : فاضل داوود

يُعد مخيّم سور الأزبكية ملمحًا من الملامح الأساسية لمعرض الكتاب، ومقصدًا مهمًا لغالبية زبائنه الذين يبحثون فى جنباته عن الكتاب النادر، والكتاب الملائم لميزانياتهم المحدودة التى تنهار أمام أسعار الكتب الجديدة لدور النشر، حيث قد يتعدى سعر الكتاب الواحد 100 جنيه، وعلى خلفية ملاحقة إدارة المعرض فى الأعوام الأخيرة للكتب المزورة والمقرصنة، والتى يتورط فى بيعها بعض أصحاب المكتبات فى جناح سور الأزبكية، يأتى غياب باعة السور هذا العام عن التظاهرة الثقافية الأشهر فى مصر، معلنين عن مهرجان مواز للكتاب، لتعويض خسارتهم بعد الاعتذار عن المعرض هذا العام فى يوبيله الذهبى، فضلاً عن تلبية احتياجات زبائن السور المخلصين لكُتبه النادرة والمناسبة لميزانياتهم.

50 عامًا من المهنة قضاها عمّ سمير فى بيع الكتب القديمة والمستعملة فى سور الأزبكية، ورغم تعاقب السنوات، يستطيع أن يستعيد بدقة أيام معرض الكتاب الأولى فى أرض المعارض القديمة بالجزيرة- مكان دار الأوبرا المصرية حاليًا- وقتها لم يكُن عدد المكتبات قد وصل إلى هذا الحد ليصل إلى ما يزيد على 100 مكتبة، ومع بداية عقد الثمانينيّات، بحسب الرجل الستينى، جاء قرار نقل المعرض إلى أرض المعارض الدولية بمدينة نصر لاستيعاب زواره الكُثُر، الحقبة التى يتذكرها الرجل لتشابهها مع أحداث اليوم فيقول: «لما اتنقل المعرض لمدينة نصر، فضل مش شغّال بنفس الإقبال القديم لمدة 3 سنوات»، ورغم أنه قد شهد على هذه الفترة من تراجع الإقبال، إلا أنه لن يكون بمقدوره أن يُعايشها هذا العام، على خلفية اعتذار باعة الأزبكية مجتمعين من معرض الكتاب لهذا العام، والذى سيقام لأول مرة بأرض المعارض فى التجمع الخامس.

وعن كواليس هذا الاعتذار، يقول عم سمير: «هيئة الكتاب حددت عدد الباعة المشاركين بـ33 مكتبة، وإحنا قررنا مانروحش عشان محدش يتظلم»، فتحت قائمة سور الأزبكية تندرج تجمعات عديدة لباعة الكتب القديمة، فى العتبة والسيدة زينب، والنبى دانيال بالإسكندرية، ويعتبر كثيرون أن معرض الكتاب سيفتقد هذا العام عنصرًا شديد الجاذبية من عناصر الإقبال عليه، خاصة للزبون محدود الدخل، الذى يصف سمير ميزانيته قائلاً «عاوز يشترى ربطة كتب بـ 100 جنيه، مش كتاب واحد»، موضحًا أن ميزانية الذهاب للمعرض فى أرضه البعيدة ستلقى بظلال أكثر قتامة على هذا الزبون بالتحديد، الذى يمثل له سور الأزبكية ملاذًا من ارتفاع سعر المنتج الثقافى بشكل عام.

بدوره، يراهن أحمد نصير، أحد الباعة بالسور على نجاح «مهرجان الأزبكية» الموازى، نظرًا لإرث باعة الأزبكية من الكتب النادرة والمطلوبة، حيث يعد معرض الكتاب الموسم الذهبى لهم، والذى يعتمدون عليه بشكل كبير فى إخراج ما فى جعبتهم من كنوز لا تتيح لهم مساحة العرض المحدودة فى مكتباتهم الصغيرة بالسور عرضها، بينما يقدم المعرض لهم هذه الميزة، فيما يؤكد أن فكرة المهرجان ليست جديدة، وأثبتت نجاحًا بالفعل، حينما أقاموا مهرجانا فى 2011 على خلفية إقامة دورة محدودة فى قاعة المؤتمرات بسبب أحداث الثورة المصرية، ولاقى وقتها نجاحًا وإقبالاً.

«إحنا قادرين نعمل تخفيضات مهولة تصل لـ 70%، واحنا كباعة هنطلع كل اللى محوشينه، صحيح المكان هيكون متروس، لكن بائع الأزبكية بيتكيف عادةً مع كل الظروف، بياكل ويشرب ويتعايش فى أى حتة» يستطرد البائع الشاب الذى ورث مهنة العائلة، مؤكدًا أن حسبة المسافة ستعمل فى صالح مهرجان الأزبكية، حيث يفضل زبون الأقاليم أن تكون وجهته قريبة من محطة المترو، وهى الميزة المتحققة فى مهرجان الأزبكية هذا العام، مقابل معرض الكتاب الذى يتوقّع أن يواجه تراجعاً فى الإقبال حتى يعتاد زبائنه على الموقع الجديد بالتجمع الخامس، فيما لا يغفل أهمية عامل التسويق للمهرجان: «هنعمل إعلانات فى المترو وحملات للترويج على الإنترنت، وكمان مش هنبدأ المهرجان فى نفس وقت معرض الكتاب، لأننا مش بنافسه، لكن هنبدأ بعدما يخلص».

تنتمى «هبة» الشابة العشرينية، إلى الجيل الجديد من أصحاب مكتبات سور الأزبكية العتيقة، إذ ورثت مكتبتها الصغيرة المعنية بالكتب الأدبية النادرة والأعمال الشعرية الكاملة عن والدها، واضطلعت بإدارتها منذ 11 عامًا، تأقلمت خلالها على أمور المهنة وأسرارها، وخاضت العمل غير مرة فى أجواء معرض الكتاب السنوية وباتت تقدر ما يمثله من موسم ثقافى، فضلاً عن اعتباره موسم الرواج الأول لباعة الأزبكية «معرض الكتاب بيأكلنى أنا واخواتى طول السنة، وجوّز اخواتى، وإحنا كأصحاب مكتبات بمعنى أصح بنحوّشله الشغل»، فيما لا تخفى هبة شعورها بالاستياء نتيجة تعامُل إدارة المعرض مع باعة الأزبكية، ما اعتبرته تضييقًا مقصودًا عليهم.

«سعر المتر كان 1500، ووصل لـ 1200 بعد التحايل والرأفة، بزيادة قدرها أكثر من 50 % عن الأعوام السابقة»، تضيف هبة، موضحة أن باعة الأزبكية سيتكبدون فواتير أخرى كفاتورة الانتقال للتجمع الخامس، فضلاً عن أجور العمالة التى يتطلبها المعرض علاوة على قيمة الإيجار المرتفعة، فيما ترى أن شروط المعرض ذاتها لا تراعى طبيعة عمل بائع السور، فعلى سبيل المثال يشترط المعرض هذا العام ألا تدخل كتب جديدة إلى المعرض بعد الافتتاح «مش مسموحلنا ندخل بضاعة، أو نخزن بضاعة بعد الافتتاح، يعنى لو اللى على الرف خلص، هقعد مستنيّة المعرض يخلص من غير ما أستفيد»، مؤكدةً أنه بهذه الشروط لم يكن أمام باعة الأزبكية سوى خيار المهرجان «مفيش حلول بديلة غير المهرجان، وللأسف المعرض السنة دى هينقصه كتير بدون السور».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية