x

شروق مغسول بالدم (شعر)

الخميس 03-01-2019 20:56 | كتب: اخبار |
كاريكاتير دعاء العدل كاريكاتير دعاء العدل تصوير : اخبار

عَينى على طفلٍ صَحا ذاتَ شروق..

حوْلَه فى خيمةٍ باليةٍ،

عدّةُ أطفال منَ الحيِّ القديمْ

لعبوا فوقَ تراب الحارةِ البلهاء،

اختبؤوا بينَ ركامٍ نازفٍ لجدرانَ حزينَة،

دفنوا فى قلبه أحلامَهم وأمانيهِم،

ونسوا أنّ لهم مستقبلاً حياً،

عندما جاؤوا إلى هذا المخيّمِ

مُجْبَرين!!

قامَ فى الفَجرِ،

وهُم قاموا معَهْ..

توضَّأ.. كيفَما يذكرُ،

ثم صلوا رَكعتين..

جلُّهم لا يُتقنُ كلّ تفاصيلِ الصلاة،

يذكرُ ما علّمه ( الشّرعِيّ )،

أو (قاضى الدِّيار)..

كما سمُّوه قُدّام الصّغير،

أجنَبيٌّ، أشقرُ، أشعثُ،

قادمٌ من خارجِ التاريخِ والعالمِ،

من بلادٍ يجْهلُ موقعَها فى الخارطة،

«مُسلم أو مُتَأسلِم»..

حسب وصفٍ قيل بالهمْس،

قالهُ الأغرابُ بالأمسِ..

أو «يا مُعلّم» مثلما نادوهُ،

بعد أن أطلقَ نارَ الغدْرِ

على رأسِ صَغيرٍ،

رفضَ التدريبَ محتجّاً على قتلِ أبيه،

ثمّ بكى..

لحيتُه الكثّةُ الحمراءُ من دمِ النّاس

عنوانُ النَّذالة،

مع أنّه بالكامِلِ نَسْخٌ للْحقارَة،

وهو لم يحفَظ من القرآنِ إلا:

«اقتُلوهم حيث ثَقِفتُموهمْ»

يتقِنُ ما يفعلُه من وَحشِيّةٍ،

ولا يدركُ معنى الكلِماتْ..

وإذا ردّدها..

غارتِ الأحرفُ فى بعْضٍ،

وأَضحَت ترّهاتٍ مُضحِكات..

فصارَ « القافُ » كافاً،

وصارَ « الحاءُ » هاءً،

وعلى هذا تُقاس المُلحَقات،

وعلى السامعِ أن يفهمَ إن شاءَ،

وإذا لم يَشأ تَضيعُ المُفرَدات..

■ ■ ■

عَينى على طفلٍ صَحا ذات شُروق

بعدَ أن أنهَى صَلاتَه،

قفزَت فى وجهِه صورةُ أمّه،

وهى تَرقيهِ بآياتٍ كَريماتٍ،

ثمّ تَحميهِ بأَمواجِ الدُّعَاء..

قبلَ أن تغمرَه بدِفءِ القلبِ،

وذكرِ الأنبِياء..

ضمَّها بجَناحَينِ من الخَوْف،

يلوذَان بجزءٍ ساكنٍ من نفسِهِ،

لم يلوِّثه كلامُ التركُمانِيُّ،

الذى لقَّنه ذاكَ النشيدَ الدّاعِشّى

ثم انتَضَى ساطورَه الأسودَ،

ومَضى كى يقتلَ من شَاء بلا ذَنبٍ،

ولكِن شهوةُ القتلِ تَسوقُه..

رعْشةٌ خاطفةٌ رافقَت صورةَ والدهِ،

هادِئاً كانَ،

طيّباً يشْبهُ سُنبلةَ القمحِ،

رقِيقاً وغَزِيراً فى عَطائِه..

عاشقاّ للأرضِ..

حَنوناً على حبّاتِ التُّراب،

شَيِّقَ الصَّوتِ..

إذا غنَّى بصَمتِ الأُمسِيات..

يصخبُ الدَّمعُ بعينيهِ..

إذا اشتاقَ لابنَيهِ الشَّهيدينِ..

جُرحُه يكبَر فى داخلِه،

ويَبقى صابِراً،

منتظراً أن يُزهرَ وعدُ الانتِصار..

نفضَ الطفلُ شريطَ الذكرَيات،

قبلَ أن تظهَر فيه أختُه الصُّغرى،

وهيَ تدعوه إلى اللعبِ معاً..

جَلجلَ البوقُ، نَعيقُ البُومِ،

هزّ دُنياهُ، تمَطَّى فى كيانِه،

جاءَهُ صوتٌ كرَعدٍ،

مارِقاً عبرَ شُقوقِ الخيمَة،

حملَ البارودةَ بيديهِ وبصدرِه

ومضَى جريَاً إلى سَاحِ المخيّم،

كانَ جمعٌ من رجالٍ ونساءٍ راكعين..

كبّر المجلوبونَ من كلّ البقاعِ الداعِرة،

جَمَعوا الأطفالَ خلفَ المُنحَنين،

ركَلوهُم، فانكَبُّوا على الأرضِ،

لثَموا طَعمَ التُّرابِ المرِّ وارتاحوا عليه:

صاحَ وحشٌ إيغورىٌّ: (اكتُلوهُم كفاَّرين)

دوّت طلقاتُ الخوفِ وارتدَّ الصِّغار،

مالتِ الأجسادُ على الجَّنبِ،

والشمسُ أطلَّت من مشرِقها باكيَة،

نازفاً طار قلبُ الأمِّ منَ الصَّدرِ،

ارتَمى فى حضنِ الابنِ الصَّغير،

زعَقَ الطفلُ وأضحَى مَارِدا فى ثانِيَة،

أطلقَ النَّارَ على مَن حولهُ،

قتلَ الإيغورَ والشِّيشانِ ووحوشاً آخرين،

قبلَ أن يُذبَح فى حضنِ أبيهِ وأمِه..

■ ■ ■

أيّها المَجْلوبونَ من كلّ ديارِ العُهْر،

مُخدّرينَ، قَذِرينَ، قَتَلة..

شامُنا ليسَتْ مَلاذا للسَّفَلَة..

قَدَرٌ أنْ تُسْحَقوا فيها، لا أنْ تَؤوبوا،

فالثَّرى السُّوريُّ سًيأْبى دَفْنَكُمْ..

وسِباعُ الطيْر والحَيوانِ لنْ تقرَبَكُم..

جِيَفٌ أنْتم سَتُرمَونَ،

ولنْ تدْعَسَكم حتّى النِّعالْ..

عارُكم يَملؤكُم جُبْنَاً،

خزْيكُم لا تُقوّيهِ البنادقُ والنّصالْ..

أيها المجْلوبونَ بالدّولارِ والغَازِ،

دمُنا السوريُّ لنْ يتركَكُم ترْحَلونْ،

أو تُدْفنون، أو تُحْرَقون،

وعدُه أنّ رياحَ النّصْرِ،

سَتَذْرو ما تبقّى منْكُم..

لتَكوُنوا عِبْرةً مُقْرِفَة للعَالَمينْ..

حاتم صادق

خربيط سوريا

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية