أعلن الشيخ سلطان القاسمى، حاكم الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، أنه يتكفل بإعادة ترميم المجمع العلمى المصرى كاملا، وأكد أن بحوزته بعض المخطوطات الأصلية مثل المجلة الدورية التى تعود إلى عام 1860 ونسخة أصلية من كتاب «وصف مصر».
وقرر الدكتور محمد إبراهيم، وزير الآثار، مخاطبة الجهات الدولية للمساهمة فى ترميم المجمع العلمى المصرى بعد ما حدث له من تدمير جراء الحريق الذى نشب به بسبب الاعتداءات على المتظاهرين، مشيراً إلى أنه أرسل خطابا إلى الدكتورة فايزة أبوالنجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، لتفعيل العروض المقدمة من كل من الشيخ سلطان القاسمى، حاكم إمارة الشارقة الإماراتية، الذى عرض ترميم المجمع وإهداءه عددا من المخطوطات النادرة التى بحوزته، والدكتور فريديريك ميتيران وزير الثقافة الفرنسى.
وأشاد «إبراهيم» بالدور المهم الذى يقوم به «القاسمى» فى إثراء الحياة الثقافية العربية والحفاظ على الهوية العربية. ووجه «إبراهيم» الشكر إلى فريديريك ميتيران، وزير الثقافة الفرنسى، على عرضه تجنيد طاقة مكتبة الآداب الفرنسية للمساهمة فى ترميم مبنى المجمع العلمى، مؤكداً أن وزارة الآثار سوف تقوم بترميم المبنى بعد هدوء الأوضاع بالمنطقة المحيطة به، منوهاً بأن ترميم المبنى يستغرق حوالى عام بتكلفة قدرها 2.5 مليون جنيه وإعادته إلى ما كان عليه صرحاً ثقافياً عملاقاً.
من جانبه، أعلن الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة، عن انتهاء عمليات نقل الكتب من المجمع العلمى إلى دار الكتب.وقال «شاكر»، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، إن اللجنة التى قام بتشكيلها أفادت بأن عمليات إخلاء المبنى من الكتب ونقلها إلى دار الكتب انتهت، وأن معظم الكتب كانت متفحمة تماماً وغير صالحة للإستخدام أو الترميم. وأوضح «عبدالحميد» أن إجمالى الكتب التى تم إنقاذها وبحالة شبه جيدة تتراوح ما بين 15 و20 ألف كتاب، لافتاً إلى أن الوصول للرقم الدقيق لعدد الكتب التى تم إنقاذها شىء صعب للغاية فى الوقت الحالى، وقال إن وزارة الثقافة تلقت عروضاً كثيرة للمساهمة فى إحياء مبنى المجمع العلمى من جديد سواء بترميم المبنى نفسه أو إهدائه كتبا أثرية ومخطوطات بديلة وبناء المبنى من جديد وتزويده بالكتب.
وأوضح «عبدالحميد» أن من بين الجهات التى أرسلت العروض شخصيات دولية مثل حاكم الشارقة والمنظمة الدولية للعلوم والثقافة «يونسكو» وكذلك الحكومة الفرنسية، وجهات أخرى محلية مثل مكتبة الإسكندرية والجامعة الأمريكية ووزارتى الأوقاف والبحث العلمى. وقال إن اللجنة حاليا تعكف على إعداد تقرير بإجمالى الخسائر الأدبية والمالية الناجمة عن حادث حريق المجمع العلمى.
وفى السياق ذاته، أعلن الشيخ سلطان القاسمى، حاكم الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، على الهواء مباشرة من العاصمة الفرنسية باريس، أنه يتكفل بإعادة ترميم المجمع العلمى المصرى كاملا، وأن بحوزته بعض المخطوطات الأصلية مثل المجلة الدورية التى تعود إلى عام 1860 وكتاب وصف مصر.
وقال «القاسمى»، فى اتصال هاتفى مع الإعلامية منى الشاذلى مقدمة برنامج «العاشرة مساء» بقناة دريم، إن النسخ الأصلية كلها الموجودة فى مكتبته مقدمة هدية منه للمجمع، وأنه يملك منها مجموعة نادرة لا توجد إلا عنده. وأضاف أنه طلب من مصر وصفا كاملا للكتب التى احترقت وستقوم دار الوثائق المصرية بجردها حتى يتمكن من استرجاعها جميعاً. وقال «القاسمى» إن «ما يصيب مصر يصيبنا، وهذا جزء من رد الجميل، خاصة من أبناء الشارقة، فالمصريون علمونا وأكملوا الطريق لنا فى جامعاتهم، ونحن لا نستطيع رد كامل الجميل، ومهما عملنا لا يكفى لرد الجميل»، موضحا أنه يقوم الآن ببناء دار الوثائق المصرية بعين الصيرة، وستحتوى على جميع الوثائق الموجودة حاليا بمجلس الوزراء المصرى، وأضاف: سنحضر إلى هذه الدار الوثائق والمخطوطات بسرعة حتى لا تمتد الأيادى إليها، وأعطتنا الحكومة الضوء الأخضر لجلب كل الوثائق فى مجلس الشعب والمؤسسات والبلديات إلى هذا المكان لحفظها بالطرق الصحيحة. واستطرد قائلاً: «إن شاء الله نحفظ تراث مصر كما حفظت الأمة العربية، وبذلت الغالى والرخيص، ونحن لا ننسى موقف مصر فى الكويت وهذا لا يساويه شىء».
وتعرض المبنى الذى يعود تاريخه إلى عام 1798 للتدمير كاملا، واحترق عدد كبير من الكتب والوثائق التى يزيد عددها على 200 ألف مخطوطة ووثيقة أبرزها إحدى النسخ الأصلية من كتاب «وصف مصر»، الذى وضعه العلماء والمستشرقون الذين رافقوا الحملة الفرنسية عام 1798 التى استمرت 3 سنوات، ويضم وصفا كاملا لأحوال مصر وحياتها ومدنها وقراها ويتكون من 37 مجلدا.
سلطان القاسمى حاكم «الشارقة» صاحب السمو «الإماراتى» الذى يذوب عشقاً فى مصر
لم يكن غريبا عن صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمى، حاكم إمارة الشارقة، الإعلان عن تكفله بقيمة ترميم المجمع العلمى، بعد حرقه منذ عدة أيام، فهو ذلك الشيخ نفسه الذى تبرع بوديعة مالية تبلغ 20 مليون جنيه، منذ سنوات قليلة، لاتحاد كتاب مصر لصالح علاج الكتاب والأدباء المصريين، وهو نفسه الذى تبرع أيضا لإنشاء مبنى الجمعية التاريخية، لتكون صرحا تليق برسالة المؤرخين، فهو - كما يقول عنه الكثيرون - «يذوب» حبا وعشقا فى مصر، وهو ما وضح جليا من مواقفه فى مصر، وصوره فى بيته بحى الدقى بالجيزة، فى أواخر الستينيات من القرن الماضى، وهو يجلس على مكتبه وبجواره صورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
ولد الشيخ سلطان فى 6 يوليو 1939، وكان شغوفا بالعلم، والعلماء، لدرجة جعلته يشرف بنفسه على الأمور التعليمية فى الشارقة، وإذا كان تبرع الشيخ القاسمى للمجمع العلمى جاء الأول بعد ثورة يناير، فإن تاريخ الثورة يرتبط معه بأهم تواريخ فى حياته، حيث تولى مقاليد الحكم فى إمارة الشارقة فى 25 يناير، ولكن قبل الثورة المصرية بـ39 عاما وتحديدا فى 1972، التى استطاع أن يجعلها إمارة ثقافية من الدرجة الأولى، يحصل باسمها على أرفع الجوائز الثقافية.
«ذلك الشيخ يسعى دائما لإظهار ولائه وحبه لمصر».. هذا كان رأى الدكتور جابر عصفور، عقب الإعلان عن إعادة ترميم المجمع العلمى، فقال: «لم تأت تبرعات الشيخ سلطان لمصر من فراغ، والتى كان أهمها تبرعه بمبلغ 100 مليون جنيه، لإنشاء مركز للوثائق بدار الكتب، والذى سيتم افتتاحه قريبا، حيث يسعى دائما لإظهار تقديره وحبه لمصر، التى تعلم فيها واكتمل تكوينه الفكرى بها».
وإذا كان هذا رأى «عصفور»، فإن الشيخ «سلطان»، قال ذلك علانية، أثناء افتتاح معرض «رحلة عبر الشرق» قبل نحو سنتين، فأكد أن مصر لديها «دين فى رقبته» منذ تعلمه فيها فى كلية الزراعة، وتخرجه فيها عام 1971، فلم ينس الشيخ أن يحكى فى كلمته الافتتاحية عن طيبة وشهامة عم إبراهيم حارس العمارة التى كان يسكن فيها، ومع تبرعاته واهتماماته العلمية داخل مصر ينتظر الشيخ سلطان الآن «تكريماً خاصاً» من الدولة التى يظهر لها ولاءه باستمرار.