جاء قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بسحب كامل القوات الأمريكية من سوريا خلال فترة لا تزيد على 90 يوما، ليعيد بورصة التكهنات إلى الملعب السورى مرة أخرى.
بحسب خبراء، يأتى القرار المفاجئ انتصارا للدولة السورية وحليفها الروسى من جانب، لكنه يمثل ضربة قاصمة للأكراد، ويمنح تركيا حرية الحركة فى الاعتداء على الأراضى السورية، بدعوى الرغبة فى القضاء على الميليشيات الكردية، التى يدعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أنها تهدد الأمن القومى التركى.
ولم تتأخر التطورات على الأرض كثيرا بعد القرار الأمريكى، فقد شن تنظيم داعش الإرهابى هجوما على مواقع لقوات سوريا الديمقراطية فى منطقة هجين، جنوب شرق سوريا، أمس، بحسب مصطفى بالى، مدير المركز الإعلامى لقوات سوريا الديمقراطية.
وقال بالى على تويتر «تشن داعش هجوما ضخما، اشتباكات عنيفة تجرى هناك... حررت قواتنا 35% فقط من هجين».
وحذرت مسؤولة كردية فى باريس من أن قوات سوريا الديمقراطية، وهى تحالف يضم فصائل عربية وكردية، قد يضطر للتوقف عن قتال الإرهابيين فى المنطقة إذا اضطر لإعادة نشر قواته لمواجهة هجوم تركى محتمل.
كما حذرت إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية، والتى حضرت إلى باريس لبحث الوضع فى المنطقة بعد قرار الرئيس الأمريكى سحب قواته من سوريا، من «خروج الوضع عن السيطرة» بالنسبة للإرهابيين المسجونين لدى الأكراد.
وقالت للصحفيين: «عندما لم يكن الأمريكيون موجودين فى المنطقة كنا نحارب الإرهاب، سنستمر فى مهمتنا هذه لكن بمواجهة الإرهاب هذا سيكون أمراً صعباً، لأن قواتنا ستضطر لأن تنسحب من الجبهة فى دير الزور لتأخذ أماكنها على الحدود مع تركيا».
وتخوض قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولى بقيادة أمريكية معارك عنيفة منذ سبتمبر ضد آخر جيب للتنظيم على الضفاف الشرقية لنهر الفرات فى محافظة دير الزور.
وطردت قوات سوريا الديمقراطية خلال العامين الأخيرين التنظيم من مناطق واسعة فى شمال وشمال شرق البلاد، أبرزها مدينة الرقة التى كانت تعد معقله الرئيسى فى سوريا.
وأضافت المسؤولة الكردية «تحت تهديدات الدولة التركية وإمكانية إنعاش داعش مرة أخرى، نخاف بأن يخرج الوضع عن السيطرة وألا يعد بإمكاننا حصرهم فى المنطقة التى يتواجدون فيها»، مشيرة إلى أن «هذا سيفتح المجال أمام انتشارهم».
من جانب آخر دعت إلهام أحمد الحكومة الفرنسية إلى تقديم دعم للأكراد.
وقالت «الحكومة الفرنسية كان لها مواقف واضحة فى السابق لكنها لم تستطع أن تغير كثيرا من القرار التركى، نأمل منها أن تلعب دورها بشكل أقوى فى هذه المرحلة».
وأضافت: «لها القدرة أن تلعب دورها ضمن الاتحاد الأوروبى وأن يتم فرض حظر جوى على هذه المناطق على الأقل كى لا تتم إعادة إنتاج داعش مرة أخرى وهو لسلامة الأمن الدولى».
من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة «حرييت» التركية أن ترامب اتخذ قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركى بعد أن تعهّد الأخير بالاستمرار فى مكافحة الإرهابيين.
وجرت هذه المكالمة الهاتفية فى 14 ديسمبر. وقالت وقتها مصادر فى الرئاسة التركية إن الرئيسين اتفقا على «تعاون أكثر فاعلية» فى سوريا.