منذ واقعة تسمم طفلتيه «سارة»، 4 أعوام، و«سجدة»، 10 أشهر، وحبس زوجته «مريم.م»، لاتهامه بقتل نجلتهما، وعمرو محمد الشاعر، يحبس نفسه بين 4 جدران بمنزله في منطقة الشرابية بالقاهرة، لم يخرج من منزله سوى بالأمس، ليجلس مع صديقيه «مصطفى عاشور»، و«عمر خالد»، حكى لهما شيئًا من مأساته، يقول صديقا الأب المكلوم، لـ«المصرى اليوم»، إن حالة صديقهما «عمرو» قد تؤدى باللحاق بابتيه «كان متعلقًا لأقصى درجة بأولاده».
تمام الساعة 12.5 صباح الأحد الماضى، تلقى «عمرو» الذي يعمل بمحل هواتف محمولة، اتصالاً من زوجته تخبره:«يا عمرو عيالك اتسمموا»، هرل صاحب الـ35 عامًا، إلى مسكنه، لم يلتفت إلى ندائه «أحمد عقل»، و«محمد حيرم»، زميلاه في المحل «قول لنا ماذا حدث لك؟»، فحسب «الأول»، ما هي إلا ثوانٍ وتحولت المنطقة إلى ثكنة عسكرية، وألقى القبض على الزوجة «مريم»، ونقلت الابنتين إلى مستشفى الدمرادش.
تعانى «مريم»، المتهمة، من أمراض نفسية وتزور طبيبًا لمعالجتها، قبل عدة أشهر، وهو الذي أدى لقرار النيابة العامة بعرض المتهم على مستشفى الأمراض العقلية والنفسية، للوقوف على سلامة قواها العقلية، يقول «مصطفى»، صديق الزوج، إنهم لم يتصوروا ما حدث لـ«عمرو»، فالأخير متدينًا «يؤدى الصلوات في أوقاتهم بالمسجد القريب من عمله»، وزوجته متدينة هي الأخرى «ترتدى نقابًا، وسلوكها منضبط».
لم يشكو «عمرو» أي من المرات، إلى أصدقائه والمحيطين به، من أزمة مالية، قد تدفع إلى وجود خلافات زوجية:«أحواله كانت كويسة.. وكان يحب شراء الحلوى الكثيرة لطفلتيه»، وفقًا لـ«عمر»، صاحب ورشة الميكانيكا، الملاصقة لمحل الهواتف الذي يعمل به أبا الطفلتين المجنى عليهما، فكانا دائمى الجلوس سويًا «سارة البنت الكبيرة عمرو كان متعلق جدًا بها، وأحيانًا تأت معه إلى العمل، ويدللها وشقيقتها سجدة فكانت الأم تحملهما أحيانًا وتمر عليه بالمحل».
منزل عمرو الذي شهد واقعة تسمم طفلتاه، مغلقًا من البوابة الخارجية بالمفتاح، هكذا طلب الرجل الثلاثينى من جيرانه، بأن يغلقوا الباب من ورائه، خشية تسلل أحد إلى شقته والتحدث إليه «لا أريد مقابلة أحدًا من الناس.. وأحد يطرق بابى»، فرض الرجل على نفسه عزله، لم تقطعها سوى خروجته بالأمس لمقابلة صديقيه، لنصف الساعة، وتعد جلسته هي الأولى منذ وفاة الابنه الأولى «سجدة»، عقب تسممها بيوم واحد، والثانية «سارة» بعد 3 أيام من تلقى العلاج بالمستشفى «كان الأب عمرو لدية أمل أن يعيش جزءًا منه، ابنته الكبرى لكنها سرعان ما لحقت بشقيقتها الصغرى، وأمهما تحبس احتياطيًا»، يؤكد «مصطفى»، مأساة صديقه «ربنا يستر ولا يمت من الحزن على أسرته».
أصبح الرجل يعيش بين 4 جدران، ويحضتن صور طفتلاه، كما يؤكد لصديقاه اللذين طلبا منه «أنزل أقعد معانا وشوف شغلك»، ليرد عليهما، كما يقولا:«أريد اللحاق بهما لا أستطيع التحمل».
طوال الجلسة التي جاءت بناءً على رغبة «عمرو»، حيث لا يرد على هاتفه طوال الوقت، وانقطع على عمله، لم يتحدث سوى عن أن زوجته «مريم»، وضعت سم فئران لابنته الرضيعة «سجدة»، بوجبة السيريلاك، وأختها «سارة» بطبق المكرونة، لا يعلم الأب سبب إقدام زوجته على ذلك «لا أعرف السبب وراء ما فعلته مريم»، يذكر «مصطفى»، أن صديقه أصبح يكلم نفسه، وكل دقيقة ينظر بصورة الطفلتين على هاتفه المحمول، ولا يأبه بالحديث الدائر من حوله، لأنه طوال الوقت شاردًا.
اكتفى «عمرو»، بالرد على رثاء جيرانه، ومنهم عم «عمرو»، المكوجى، بالتلويح لهم باليد «شكر الله سعكيم»، هيئته التي بدا عليها لم تسمح لأحد بإيقافه «كانت ذقنه طويلة للغاية.. وحاله يصعب على الواحد».
لا يريد أبا المجنى عليهما، ترك شقة الزوجية والانتقال إلى شقة والديه القريبة من محل سكنه، فيقول شقيقه وليد، إن ما أصاب أخاه الكبير لم يكن سهلاً، ولا نحب أن نتداوله بين الناس.
ولد «عمرو»، يُدعى الشيخ محمد الشاعر، وهو إمام مسجد، معروف بين قاطنى المنطقة «حتى جد الطفلتين أصبحا في حالة يرثى لها»، يقول صاحب محل سوبر ماركت، قبل أن يضيف «عمرو اشترى شيكولاتة ولاعب للبنتين قبل واقعة التسمم بـ24 ساعة».
يذكر أحد أفراد عائلة عمرو، رفض ذكر اسمه، أن والد الطفلتين تزوج «مريم» بعد قصة حب، وكان دائمًا يحكى لهم عن فترى الخطوبة وولعه بخطيبته آئنذاك.