مع دقات الساعة السابعة و42 دقيقة، تعامدت أشعة الشمس، صباح الجمعة، فوق معبد الكرنك الفرعونى الشهير، فى شرق مدينة الأقصر التاريخية، وتسللت أشعتها الذهبية لتضىء قدس أقداس آمون داخل المعبد الذى يعد من أكبر دور العبادة بالعالم على مر التاريخ.
وجرت عملية التعامد على وقع أنغام وعروض فرق الفنون والفلكلور الشعبى، وبحضور مئات من السياح وكبار المسؤولين فى محافظة الأقصر، التى تضم بين جنباتها مئات المقابر وعشرات المعابد التى شيدها ملوك وملكات ونبلاء ونبيلات مصر القديمة.
وتأتى ظاهرة تعامد الشمس على معبد الكرنك ضمن مجموعة من الظواهر الفلكية التى رصدها فريق مصرى، برئاسة الدكتور أحمد عوض، الباحث المتخصص برصد تلك الظواهر داخل المعابد والمقاصير المصرية القديمة، بموافقة من اللجنة الدائمة بالمجلس الأعلى للآثار المصرية، على مدار 3 سنوات مضت.
وأوضح أيمن أبوزيد، عضو الفريق البحثى، ورئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أن «الفلك الأثرى» من المشروعات المهمة فى إطار تنشيط السياحة الثقافية ووضع الأسس والقواعد لنمط سياحى جديد يسمى بسياحة الفلك الأثرى الذى ظل طوال سنوات ما قبل ثورة 25 يناير قاصرا على معبد أبوسمبل فقط بأسوان.
وأوضح أن مشروع استغلال الظواهر الفلكية فى المعابد المصرية القديمة بدأ فى حيز التنفيذ من خلال اعتماد الجمعية على الأبحاث العلمية الموثقة فى مجال الفلك الأثرى للباحثين المصريين، وعلى رأسهم الدكتور أحمد عوض، الباحث فى الهندسة المعمارية بجامعة أكتوبر والذى يدور بحثه حول ارتباط 14 معبدا مصريا قديما بالظواهر الشمسية والتى توجد فى عدة مدن أثرية وسياحية، والتى بلغت 17 ظاهرة ظهرت فى معابد «الأقصر وأسوان وقنا والوادى الجديد، وتشمل معبد الملكة حتشبسوت غرب الأقصر ومعبد إيزيس غرب الأقصر والمعروف بدير شلويط ومقصورة بيت الولادة الإلهية بمعبد دندرة بمحافظة قنا ومقصورة الملك حور محب بمنطقة جبل السلسلة بأسوان ومعبدى إدفو وكلابشة بأسوان ومعبدى هيبس وقصر الغويطة بمحافظة الوادى الجديد».
وأضاف أن حدث تعامد الشمس على معبد آمون بالكرنك ظاهرة فلكية فريدة عالميا، نظرا لتفرد معبد آمون بالكرنك الذى يعود عمره الزمنى لأكثر من 4 آلاف عام ومازال يحتفظ بالعناصر المعمارية من بوابات وصالات وأعمدة وغرف مقدسة، وهذا ما لا يتواجد فى المعابد والبنايات القديمة المعاصرة لمدينة طيبة فى الحضارات القديمة، ما يجعله متفردا، ويؤكد على نبوغ المصريين القدماء فى الهندسة والعمارة المرتبطة بالعلوم الفلكية التى شيد على أساسها معبد آمون بالكرنك، لافتاً حرص المهندس المصرى القديم على تشييد معبد آمون بالكرنك على محور شرق غرب بزاوية تستقبل الشمس مع بداية فصل الشتاء سنويا.
وأوضح الباحث الأثرى، الطيب عبدالله، أن الفريق البحثى قام بأكثر من 60 رصدا فلكيا خلال الأعوام الخمسة الماضية، مستخدما أجهزة وبرامج رصد حديثة لتحديد زوايا وأيام حدوث تلك الظواهر الفلكية، وقد توجت مساعيهم بالنجاح.
وشدد على أن الاهتمام بهذه الظواهر الفلكية ووضعها على الخريطة السياحية المصرية من شأنه أن ينعش السياحة الثقافية الراكدة فى مصر ويمنحها التجدد والشباب الذى تحتاجه فى السنوات المقبلة، علاوة على إثراء الأجندة السياحية.