كشف اللواء أ.ح سامى عطا دياب، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن المجلس العسكرى، بصدد إصدار مرسوم بقانون يتضمن تشكيل مجلس «العدالة الوطنية» بحيث يضم مسلمين ومسيحيين إضافة إلى مستشارين قانونيين وعلماء اجتماع وشخصيات عامة، وأشار «دياب» خلال الندوة الحوارية الثالثة للمجلس تحت عنوان «الاعتدال والوسطية فى الإسلام والمسيحية» التى عُقدت الإثنين بدار المشاة، إلى أن مهمة هذا المجلس هى وأد الفتنة الطائفية وتشكيل لجان إنذار تنذر بما يمكن أن يقع من احداث طائفية وحل هذه المشاكل بشفافية كبيرة، وإذا كانت هناك مشكلة مطلوب لها القضاء ستحال للنيابة العامة والقضاء المصرى، وأضاف أن هذا المجلس سيتشكل من لجنة مركزية فى القاهرة الكبرى وستكون له لجان فرعية فى المنيا وأسيوط والأقصر وسوهاج وأسوان والاسكندرية.
وقال عضو المجلس الأعلى: «إن أسباب الفتن هى قلة العلم واتباع آراء تؤجج نار الفتنة ووجود فئات متطرفة كانت تعمل فى الظلام فى مناخ سياسى فاسد، وشعور بعض المسلمين والمسيحيين بالاضطهاد لحرمانهم من بعض الحقوق»، مؤكدا أن الحل يكمن فى العدل والمساواة وإعطاء كل ذى حق حقه، وأضاف عضو المجلس العسكرى: «الحمد لله انكشف الجميع والكل يعمل فى النور وسنرى أن كل مصرى شريف أخذ حقه»، مطالبا المصريين باتباع اهل العلم الثقات الربانيين الذين لا يتقاضون أجرا ولا يبغون إلا وجه الله.
وقال الدكتور محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر الشريف، إن القوات المسلحة من أحرص الجهات على مصلحة البلاد خاصة فى هذه المرحلة الحرجة، ولفت إلى أن خطاب الوسطية والاعتدال غُيب عن مصر فترة كبيرة، وأكد أن الإسلام يقر حق الاختلاف والتنوع منذ 14 قرنا، حيث نشأ اليهود فى كنف حضارة الإسلام، كما أن الأزهر مدرسة الوسطية منذ أكثر من 150 عاما، موضحا أن الأزهر سعيد بأن تعود مصر لطريقها الصحيح حيث نشأ التوحيد على ضفاف النيل وكذلك وُلد موسى وجاءت العائلة المقدسة وأوصى بها المسيح خيرا على ضفاف النيل، ثم دخل الإسلام مصر.
وقال الشيخ محمود عاشور، من علماء الأزهر الشريف، إن مصر عاشت تاريخا طويلاً، أكثر من 14 قرناً، يعيش فيها الأقباط مع المسلمين إخوة، وحديثاً عاش شباب مصر 18 يوما منذ 25 يناير إلى 11 فبراير يوم التخلى والتنحى فى أجواء الأخوة والمحبة أيضا فى ميدان التحرير وكل محافظات مصر، وواصل عاشور «لكن ما يحدث حاليا وافد علينا بعدما قمنا بثورة ليست على هوى أناس فى الداخل من فلول النظام السابق، وفى الخارج لنا أعداء يريدون النيل من وحدة مصر والشىء الوحيد الذى يمكن العزف عليه الآن هو ضرب الوحدة الوطنية لتصاب مصر فى مقتل، لكن مصر بفطرتها وإيمانها تستطيع أن تتقى ذلك وأن تبتعد عنه».
واقترح القمص بولس حليب، ممثل الكنيسة الأرثوذكسية، 5 محاور لنشر الاعتدال والوسطية على أرض الواقع وهى: أولا مناهج الدراسة حتى تكون الوسطية والاعتدال فى تكوين الطفل الشخصى، المحور الثانى وسائل الإعلام، المحور الثالث الخطاب الدينى فى المساجد والكنائس لتعليم أسس الاعتدال فعلا وليس قولا، رابعا قوافل التوعية بحيث يكون للقرى والنجوع نصيب منها، بينما يتضمن المحور الخامس والأخير أن يكون هناك مشروع قومى يوحد عنصرى الأمة مثلما حدث فى حرب أكتوبر وبناء السد العالى، وتمنى أن تكون الندوة بداية الإرادة القوية لانتشار الاعتدال والوسطية فى مصر.
وأضاف القس صفوت بياضى، ممثل الطائفة الإنجيلية، أن الوسطية تقوم على قبول الآخر وعدم إدانته، فعندما نتكلم عن فضيلة الشجاعة هى وسط بين الجبن والتهور، وفضيلة الكرم وسط بين البخل والتبذير، والعفو وسط بين الانتقام والتسيب، أما الواجبات فلا تعرف الوسطية فواجبنا نحو الوطن أن ندافع عنه حتى الموت ولا نستطيع أن نغامر بمستقبلة، والوسطية السياسية تقوم على التعددية والمساواة فى الحقوق والواجبات.
وكشف هانى عزيز، أمين عام جمعية محبى السلام، أن الحوارات السابقة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر لم تكن موفقة، ثم أشاد بمؤسسة الأزهر مشيدا بدور الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، وأشار إلى أن دعوة الدكتور الطيب نحو بيت العائلة مبادرة كريمة يجب أن تعمم فى كل بيت بمصر. وتحدث عزيز عن تجربة الفتنة الطائفية فى عين شمس، حيث أشار إلى الجلسة العرفية التى تمت أثناء مشكلة كنيسة عين شمس وكان معه د. شوقى عبداللطيف، نائبا عن وزير الأوقاف، والذى كان له دور كبير فى تهدئة الأجواء المشتعلة أثناء الجلسة العرفية، لافتا إلى أنه كان هناك تشدد فى أن تعود الصلاة للكنيسة مرة أخرى، وكان هناك حوار متشدد لكن حسم اللقاء فى النهاية الشيخ عبداللطيف حيث أشار علينا أن نحكتم جميعا للقانون، وتم الاحتكام فى النهاية للقانون، وقال عزيز: «المناخ محتقن جدا فى عين شمس، وعلاج ذلك التنمية لأن الشوارع هناك ضيقة وغير نظيفة على الإطلاق»
بينما أكد د. شوقى عبد اللطيف، نائب وزير الأوقاف، أنه لا توجد مشكلة أساسا بين الإسلام والمسيحية أو بين أى من شرائع السماء، فكلها مناهج ربانية فيها سعادة البشرية لكن العيب فينا نحن المسلمين والمسيحيين لأننا لا نتفهم سماحة الشرائع السماوية.
ثم تحدث المطران يوحنا قلته، ممثل الكنيسة الإنجيلية، مؤكدا أنه ليست هناك دار حرب ودار سلام، خاصة أن الإسلام انتشر فى قلب روما، بينما يوجد مسيحيون فى قلب مكة المكرمة، وبالتالى فإن البشرية فى طريقها الى التوحد، لافتا إلى أن العنف وراءه خوف فى علم النفس، إذ المطلوب ليس قبول الآخر ولكن الاعتراف بوجود الآخر وثقافته المختلفة، مشددا على سيادة القانون على الكبير والصغير، وأوضح أن أسباب الاحتقان أن المصرى لم يشعر بكرامته شعورا كاملا رغم محاولات المجلس العسكرى والحكومة.
بينما أكد الدكتور مصطفى الفقى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب «المنحل»، أن الأصل فى الحياة هو التنوع والتعددية، وأن شخصية مصر التاريخية تقوم على الوسطية والاعتدال لأن الوسطية قوة والتطرف يحرم صاحبه حرية الحركة، ولفت إلى أن الوسطية موقف إيجابى وليست مقابلة للسلبية، مشيرا إلى أن مصر ليست بها فتنة طائفية ولكنها أحداث طائفية وهناك فرق بين الاثنتين، وأنه جاء الوقت فى ظل ثورة 25 يناير وما جاءت به من طموحات وأفكار لتغيير العقلية المصرية لنرفع شعار المواطنة، وشدد على أن البناء الحضارى للحضارة العربية الإسلامية هو شراكة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، فمسيحيو الشام هم من حافظوا على اللغة العربية فى مخطوطاتهم بالأديرة والكنائس.