فى الذكرى الـ21 لتحقيق الوحدة اليمنية وقيام الجمهورية، بدت محافظة صعدة «شمال اليمن» أشبه بإقليم كردستان العراق باعتبارها جهة تتمتع باستقلالية كإقليم يسيطر عليه الحوثيون ويحكمونه فى إطار الدولة الموحدة، وربما يضيفون إليه 3 محافظات مجاورة تحظى بحضور قوى لأتباعهم وهى حجة والجوف وعمران.
ففى حين كان الرئيس صالح يؤكد مراراً أن سقوط نظامه سيعنى تقسيم اليمن عبر انفصال الجنوب، وانفصال مناطق الوجود الحوثى فى أقصى الشمال، جاء رد أبناء صعدة وجماعة الحوثيين بتنظيم احتفال كبير مؤخراً بذكرى الوحدة اليمنية، حيث زينت الألعاب النارية سماء صعدة، وعمت المهرجانات الكرنفالية عموم مديريات المحافظة، فى رسالة أراد من خلالها الحوثيون تفنيد مزاعم صالح وتأكيد أن صعدة ومناطق النفوذ الحوثى ستظل جزءاً من الدولة اليمنية الواحدة، إذا ما رحل صالح وسقط نظامه.
والمحافظة التى تعد معقل الحوثيين وشيعة اليمن الذين هم أقرب إلى الاثنى عشرية منهم إلى المذهب الزيدى وشهدت 6 حروب بين القوات الحكومية، وأتباع الحوثى منذ 2004 أصبحت منذ مارس الماضى خارج سيطرة نظام صالح، بعدما أعلن أعضاء المجلس المحلى ومدراء مديريات المحافظة، وشيوخ العشائر استقالتهم من حزب المؤتمر الشعبى الحاكم فى 24 مارس الماضى، وبينما عقد هؤلاء اجتماعاً استثنائياً نصبوا فيه الشيخ فارس مناع محافظاً مؤقتاً لصعدة، بمباركة زعيم الجماعة عبدالملك بدر الدين الحوثى، كانت التظاهرات المطالبة برحيل صالح تتزايد فى صنعاء، لذا سرعان ما أعلن الحوثيون انخراطهم فى الثورة الشبابية فى 25 فبراير. حيث شهدت صعدة لأول مرة خروج عشرات الآلاف من أتباع جماعة الحوثى فى تظاهرة حاشدة فى جمعة الإنذار للمطالبة بإسقاط نظام صالح سلمياً. ومنذ ذلك اليوم تحول الحوثيون من أسلوب المواجهة المسلحة مع نظام صالح إلى خيار النضال السلمى، حيث تدفق الآلاف منهم إلى ساحة التغيير بصنعاء لينصبوا خيامهم جنباً إلى جنب مع خصومهم الفكريين من الإخوان المسلمين والحركة السلفية.
ويرى الأمين العام المساعد لجمعية خطباء اليمن الشيخ محمد الباشق، الذى يعد من المهتمين بدراسة الفكر الحوثى، أن انخراط الحوثيين فى ساحات الاحتجاجات دليل على التطور الفكرى الذى تتمتع به هذه الجماعة، وأنهم ليسوا أسرى لحمل السلاح، وأضاف لـ«المصرى اليوم»: «يدل ذلك أيضاً على الأصل فى طبيعة الشعب اليمنى وهو التعامل بسلوك حضارى.. والحوثيون جزء من النسيج الاجتماعى اليمنى، ولم يحملوا السلاح إلا اضطراراً فى فترات الحروب الستة، أما الآن فانخرطوا مع بقية مكونات الثورة، ومع مختلف التيارات الفكرية تأكيداً لبعد النظر الذى يتمتع به أبناء الحركة الحوثية، وأنصح الدارسين ورجال الفكر بأن يتعمقوا فى قراءة فكر هذه الجماعة».
والباحث فى الدراسات الاستراتيجية عبدالله الدوبلة تحدث لـ«المصرى اليوم» عن ذلك قائلاً: «المطالب المشتركة جمعت الحوثيين مع السلفيين والإخوان المسلمين، وأيضاً القبائل، فالكل محبط من الأوضاع القائمة والحالة الهلامية، من اللادولة، مع أن هناك جناحاً من السلفيين مازال واقعاً تحت خطاب طاعة ولى الأمر».
وأخذت تسمية جماعة «الحوثيين» عبر وسائل إعلام الحكومة اليمنية التى ربطتها باسم القائد السابق للجماعة حسين بدر الدين الحوثى الذى لقى مصرعه فى سبتمبر 2004 خلال الحرب الأولى، وبلغ عدد أفراد الجماعة نحو 3 آلاف مقاتل فى 2005، ثم أصبح قرابة 10 آلاف مقاتل فى 2009، ويؤكد الحوثيون أن حركتهم المسلحة هى للدفاع عن مجتمعهم ضد التمييز والاضطهاد اللذين تقومان بهما الحكومة ضدهم، وفى المقابل تتهمهم الحكومة بأنهم يسعون للإطاحة بنظام الحكم.