x

حيثيات سجن «العادلى» فى «غسل الأموال»: استغل نفوذه وأمر ضباطه ببيع الأرض

الإثنين 30-05-2011 18:04 | كتب: فاطمة أبو شنب |
تصوير : نمير جلال

أودعت محكمة جنايات الجيزة حيثيات حكمها بإدانة حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، بالسجن 12 عاماً وإلزامه برد 19 مليون جنيه، فى قضية غسل الأموال والتربح.

قالت المحكمة إنها اطمأنت لأقوال الشهود وتقرير وحدة غسل الأموال التى أدانت المتهم، وأفادت بأن المتهم استغل نفوذه كوزير للداخلية وكلف مرؤوسيه ببيع قطعة أرض كان من المفترض أن يتم سحبها منه.

وأفادت المحكمة بأن محامى المتهم كان قد دفع ببراءة موكله استناداً إلى أن جمعية النخيل للإسكان الخاصة بالضباط العاملين بأكاديمية الشرطة، أسست طبقاً للقانون ولا تخضع لرئاسة وزير الداخلية، ولا علاقة لها بوزارة الداخلية، وأن طلب المتهم من الضباط العاملين بتلك الجمعية لا يعد تكليفاً، وأن القول بأن المتهم استغل الوظيفة العمومية فى هذا المجال غير صحيح، وأن الاتهام خلط بين عمل شاهد الإثبات الأول بوزارة الداخلية وعمله بوصفه رئيساً لمجلس إدارة الجمعية المذكورة، وأن طلب المتهم إيداع ثمن الأرض فى حسابه بالبنك ينم عن حسن نيته وليس سوء القصد، وأن أمر إسناد عمليات إنشاء العمارات التى يتولاها صندوق أراضى وزارة الداخلية لا دخل للمتهم به، إذ يتولاها أعضاء هذا الصندوق ودور المتهم يقتصر على اعتماد هذه الأوامر، وأن المتهم لا يعرف اسم مشترى الأرض، وقد خلا عقد البيع من اسم «زوبعة» منذ عام 1998، تاريخ اعتماد أمر إسناد مشروع الخمائل الذى نفذته شركة زوبعة.

وأضافت: قدم الدفاع السابق مذكرة ردد فيها مضمون دفاعه السابق، مشيراً إلى عدم توافر أركان جريمتى التربح وغسل الأموال المنسوبتين للمتهم، وشرح ذلك بالقول بأن المتهم لم يحصل قط على ربح أو منفعة، ولم يحاول ذلك من خلال أى عمل من أعمال وظيفته كوزير للداخلية، وأنه لم يثبت وقوع جريمة تربح من المتهم فلا تقوم فى حقه جريمة غسل الأموال، لأن ثبوت وقوع الجريمة الأولى بشرط من شروط قيام الجريمة الثانية، إذ إن المنفعة التى حققها المتهم مشروعة لا جريمة فيها، وأن المال الذى نتج عنها مشروع لا تشوبه شائبة، حسبما جاء بمذكرة الدفاع، التى أنهاها بالتماس الحكم ببراءة المتهم وعدم قبول أو رفض الدعاوى المدنية.

وتابعت المحكمة: «قدم الدفاع مذكرة ثانية أشار فيها إلى أنه جاء فى التحريات أن هيئة الأمن القومى لا توجد لديها معلومات حول واقعة غسل الأموال التى يحاكم عنها المتهم، إذ إن تلك التحريات لم تسفر عن وجود دلائل على ارتكاب المتهم هذه الجريمة».

وقالت إن ما أثاره دفاع المتهم بخصوص عدم وجود سلطة رئاسية للمتهم بوصفه وزيراً للداخلية على رئيس مجلس إدارة جمعية النخيل والضباط العاملين بها، وذلك توصلاً للقول بأن ما قام به هؤلاء الضباط سعياً لبيع قطعة الأرض المملوكة للمتهم لم يكن تكليفاً من رئيس لمرؤوس، فهذا القول غير سديد، إذ الثابت من أوراق الدعوى أن شهود الإثبات الأربعة من الثالث حتى السادس يعملون ضباطاً بوزارة الداخلية، فالشاهد الثالث اللواء عماد حسين يعمل مساعداً لوزير الداخلية ورئيس أكاديمية الشرطة، والرابع المقدم عماد عوض عدس، رئيس قسم التفتيش بأكاديمية الشرطة، والخامس حاتم محمد عبدالعزيز، ضابط بقسم التفتيش والرقابة بأكاديمية الشرطة، والسادس المقدم هشام أحمد دسوقى إبراهيم، ضابط بمباحث أمن الدولة، ومنتدب للعمل بمكتب وزير الداخلية، ومن ثم فهم يخضعون لرئاسة المتهم بصرف النظر عما إذا كانوا يشغلون مناصب أخرى بجانب عملهم الأساسى، إذ إن توليهم هذه المناصب الأخرى لا ينفى عنهم السلطة الرئاسية للمتهم.

وأضافت: «بناء على ذلك فإن ما يطلبه المتهم منهم سواء كان ذلك كتابة أو شفاهة بأى صيغة كانت يعد تكليفاً لهم ويسارعون فى تنفيذ ما يعتبرونه أمراً لهم، لأن مصير وجودهم فى مناصبهم مرتبط بمدى انصياعهم لأوامره وما يكلفون به، وإلا فقدوا هذه المناصب أو تعرضوا للاضطهاد، وأن صفته كوزير للداخلية وما له من سلطات رئاسية عليهم تظل قائمة ولا يمكن التفرقة بين عمل هؤلاء الضباط تحت رئاسة المتهم المباشر وعمل الجمعية المخصصة لرجال الشرطة، فهم فى أى وضع تحت السلطة الرئاسية للمتهم وهى سلطة شبه عسكرية، ما يصدر عنها يعد تكليفاً واجب التنفيذ الفورى بما يعنى اختصاص وزير الداخلية المتهم بإصدار الأوامر والتكليفات إلى أى من هؤلاء الضباط، حتى لو كان فى شأن خاص هو بيع أراضى جمعية الشرطة، المشار إليها لاختلاط الصفات والنفوذ.

وقالت المحكمة إن ما أثاره الدفاع بشأن المناقصات التى يعلن عنها صندوق أراضى وزارة الداخلية، وأن أوامر الترسية التى تصدر للشركات بتنفيذ بعض المشاريع لصالح هذا الصندوق، وأن دور المتهم فيها يقتصر على اعتماد قرارات مجلس إدارة هذا الصندوق ولا شأن له بها، وأن أوامر إسناد المشاريع التى صدرت لشركة «زوبعة» شأنها شأن كل أوامر الإسناد التى تصدر من هذا الصندوق، وأن المتهم لا علاقة له بتلك الشركة ولا يعرف ملاكها، كما لم يقابل المتشرى - صاحب شركة زوبعة - ولا يعرفه، فمردود عليه بأنه مهما كانت وجهة النظر فى هذا الموضوع، فلا أثر له على جريمة التربح المنسوبة للمتهم إذ إن قيام هذه الجريمة مرتبط بالسلوك الذى أتاه المتهم وهو التكليف الذى أصدره لمرؤوسيه ببيع قطعة الأرض محل الدعوى حتى لو كان البيع تم لغير هذا المشترى صاحب شركة زوبعة، وما نتج عنه من الحصول على منفعة هى عملية البيع ذاتها فى هذا الوقت أيضاً، الذى لولاه لكان تعرض لسحب الأرض كلها وضياع قيمتها كلها لعدم قيامه بالبناء خلال الفترة المسموح به فيها طبقاً لقرار هيئة المجتمعات العمرانية ومن ثم تطرح المحكمة هذا الدفع.

وتابعت المحكمة: وحول الدفع المبدئى من دفاع المتهم، بتوافر مانع من موانع المسؤولية طبقاً للمادة 60 من قانون العقوبات فمردوده أنه إذا نصت هذه المادة على أنه لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر فى القانون فإنه يشترط نقطتين فى هذه المادة: أن يكون استعمال الحق بحسن نية، وأن يكون استعمال هذا الحق فى حدود القانون، ولما كان الثابت فى الأوراق أن المتهم لم يكن حسن النية فى استعماله حقه فى بيع قطعة الأرض المملوكة له، إذ كان هذا البيع بوسيلة غير مشروعة قانوناً، ذلك أنه بمجرد علمه أن جهاز مدينة القاهرة الجديدة أصدر قراراً بضرورة استخراج تراخيص البناء فى ميعاد حدده بتاريخ 28 فبراير 2011، سارع إلى تكليف الضباط ببيع قطعة الأرض المملوكة له تفادياً لسحبها منه مستعملاً وسيلة غير مشروعة هى استغلال موقعه الوظيفى بوصفه وزيراً للداخلية وكلف مرؤوسيه بسرعة بيع هذه الأرض.

وتابعت المحكمة: لذلك تخلف شرط حسن النية كما أن استعماله حق البيع لم يكن فى حدود القانون، بل إنه فى ذلك خالف القانون بحصوله على منفعة من أعمال وظيفته، الأمر المؤثم بالمادة 115ع، ومن ثم يكون هذا الدفع غير سديد يتعين الالتفات عنه.

وأضافت: حيث إنه من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها فى المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق فى استغلال الموظف العام أو من فى حكمه وظيفته بأن حق أو حاول الحصول لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حصار أو لغيره دون وجه حق، وعن عمل من أعمال وظيفته، ففى هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة، من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه، بين المصلحة الخاصة التى يستهدفها الموظف العام لنفسه ولغيره وبين المصلحة العامة المكلف بها.

وتابعت: لا يصلح ذلك دفاعاً أن يدعى الجانى بمشروعية الفائدة التى حصل أو حاول الحصول عليها، فهى حتماً فائدة غير شرعية، فى نظر القانون مادام الحصول عليها جاء بسبب مباشرة الموظف العام أحد أعمال وظيفته العامة المكلف بها.

وأضافت الحيثيات: حيث إنه لما كانت الفقرة «ب» من المادة الأولى من قانون غسل الأموال نصت على أن كل سلوك ينطوى على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو نقلها أو تحويلها.. إذا كانت متحصلة من الجرائم، وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت جريمة غسل الأموال وكما عرفتها الفقرة «ب» من المادة الأولى من قانون غسل الأموال، تقوم على ثلاثة أركان، الأول هو محل الجريمة ويتمثل فى وجود أموال متحصلة من إحدى الجرائم الأولية التى عددتها المادة الثانية، والركن الثانى وهو الركن المادى فى السلوك الإجرامى الذى يأتيه الجانى بغرض معين، وهذا الركن يقوم على ثلاثة عناصر هى السلوك الإجرامى الذى يرتكبه الجانى ويتمثل هذا السلوك فى اكتساب الأموال المتحصلة من إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المادة الثانية المشار إليها سلفاً وكذلك يتمثل السلوك الإجرامى فى حيازة الأموال المتحصلة من الجرائم سالفة الذكر أو التصرف فيها أو إدارتها أو إيداعها أو نقلها، وأن يرتكب الجانى هذا السلوك بقصد إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانة أو صاحب الحق فيه، وكذلك تغيير حقيقته أو محاولة منع الوصول إلى الشخص الذى قام بارتكاب الجريمة المتحصل فيها المال، كما يشترط لقيام الركن المادى لهذه الجريمة أن يترتب على السلوك الإجرامى سالف البيان نتيجة إجرامية، هى إبعاد أو فصل الأموال غير المشروعة عن مصدرها الإجرامى.

واستطردت: «يلزم لقيام جريمة غسل الأموال فضلاً عن الركن المادى توافر القصد الجنائى لدى الجانى، الذى يقوم على عنصرى العلم والإرادة، وقد تطلب قانون مكافحة غسل الأموال القصد الجنائى الخاص فى جميع صور السلوك الإجرامى أو النشاط الإجرامى، ولم يقصرها على صورة من هذه الصور، فتطلب اتجاه إرادة الجانى لتحقيق الأغراض التالية وغرض واحد منها، وهى إخفاء المال أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه، أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف أو عرقلة التوصل إلى من ارتكب الجريمة المتحصل منها، ومن ثم فإن جريمة غسل الأموال عمدية، فيجب أن يكون الجانى على علم بحقيقة الأموال التى ينصب عليها فعله وكونها متحصلة من إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المادة الثانية من قانون مكافحة غسل الأموال، فضلاً عن ضرورة توافر عنصر العلم فى تلك الجريمة فيلزم توافر عنصر الإرادة، ويتمثل فى اتجاه إرادة الجانى إلى هذا السلوك وأن يكون ارتكبه بغرض إخفاء الأموال أو تحويلها أو إيداعها أو تمويه طبيعتها، أو مصدرها أو مكانها أو يقصد تغيير حقيقتها أو منع اكتشافها أو عرقلة التوصل إلى مرتكب الجريمة الأولية المتحصل منها المال غير المشروع.

وقالت: «حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم شغل منصب وزير داخلية مصر منذ 1/6/1997 حتى 6 فبراير 2011 فبسط نفوذه وسلطته على جميع ضباط الشرطة بصرف النظر عما إذا كان أحدهم منتدباً فى أى جهة أخرى فى وزارة تخضع لقانون خاص أو غير ذلك، فهم أولاً وأخيراً ضباط فى وزارة الداخلية تحت رئاسته، خاصة من كان منهم فى مكان مميز اختاره المتهم بنفسه لهم، وعليه فإنه إثر على المتهم بقرار جهاز مدينة القاهرة الجديدة الصادر فى 23/9/2010 بمنح مدة ستة أشهر تنتهى فى 28/2/2011 لاستخراج ترخيص البناء لأرضه وإلا ستسحب منه - قام باستغلال نفوذه كوزير للداخلية بتكليف مرؤوسيه بتحقيق منفعة له وهى بيع قطة الأرض محل الدعوى درءاً لسحبها منه وخسارتها، فكلف اللواء علاء حلمى، مدير مكتبه، بنقل هذا التكليف إلى اللواء عماد حسين، مدير أكاديمية الشرطة، رئيس مجلس إدارة جمعية النخيل، الذى نقل التكليف للمقدم عماد عوض عدس، رئيس قسم التفتيش بأكاديمية الشرطة، الذى كلف هانى عثمان، صاحب شركة الشمس للمقاولات، بسرعة إيجاد مشتر للأرض المذكورة، فقام الأخير بعرضه على محمد فوزى محمد يوسف صاحب شركة زوبعة الذى تلقف هذا الطلب لسابق تعامله مع صندوق مشروعات وزارة الداخلية ورغبته فى توثيق صلته بالوزارة.

وأوضحت الحيثيات: طمعاً فى الفوز بتنفيذ بعض مشاريع الوزارة تقابل المذكور مع هانى عثمان وعماد عوض عدس وصحبهما إلى اللواء عماد حسين، واتفقوا على الصفقة فدفع المشترى مائتين وخمسين ألف جنيه عربوناً أوصلها المقدم عماد عدس للمتهم عن طريق المقدم هشام أحمد دسوقى، وبناءً على طلب المتهم أودع المشترى مبلغ 451300 جنيه فى حساب المتهم ببنك مصر فرع الدقى، وذلك لإخفائه وتمويه مصدره، ومن ثم فقد تكاملت الأركان المادية لجريمتى التربح وغسل الأموال المنسوبتين للمتهم، كما توافر أيضا الركن المعنوى لكل جريمة، فالمتهم وبحكم عمله وزيراً للداخلية يعلم تمام العلم بسلطات وظيفته وأن من كلفهم ببيع الأرض مرؤوسوه ولن يعارضوه فى تنفيذ هذا التكليف.

وقالت المحكمة: الدعاوى المدنية المرفوعة فإن المادة 251 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه لا يجوز الادعاء بالحقوق المدنية أمام المحاكم الجنائية إلا عن الضرر الشخص المباشر الناشئ عن الجريمة.

وبعد الاطلاع على المواد سالفة الذكر فقد حكمت المحكمة حضورياً بمعاقبة المتهم حبيب إبراهيم حبيب العادلى بالسجن المشدد لمدة 12 عاماً وتغريمه ورد مبلغ يصل إلى 19 مليون جنيه، ورُفضت الدعوى المدنية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية