شاركت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، اليوم الأحد، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي الرابع لقسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية بعنوان «من النمو الاقتصادي إلى السعادة الاقتصادية»، الذي يقام تحت رعاية وزارة التخطيط، بحضور عدد من الوزراء وقيادات وأعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية، ونخبة من الأساتذة وعلماء الاقتصاد في مصر.
وخلال كلمتها بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أكدت الدكتورة هالة السعيد على أهمية الربط الذي يتناوله المؤتمر بين تحقيق النمو الاقتصادي والسعادة الاقتصادية، مشيرة إلى الجهود المبذولة لتحقيق النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، موضحة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قامت في إطار رصدها للجهود الأممية والوطنية لتحقيق التنمية المستدامة بتحديد يوم 20 مارس من كل عام بوصفه اليوم العالمي للسعادة، اعترافاً منها بأهمية السعادة والرفاهية بوصفهما قيمتين عالميتين وغاية تسعى الدول لتحقيقها.
وأضافت «السعيد» أن «الرؤية المصرية لتحقيق التنمية المستدامة جاءت متفقة مع هذا الربط وهذا التوجه، حيث يمثل هدف الارتقاء بجودة الحياة إحدى الركائز الرئيسية لرؤية مصر 2030، حيث تسعى مختلف محاور وبرامج الاستراتيجية لتحقيق هذا الهدف، كما يمثل ذلك الغاية الرئيسية لبرنامج عمل الحكومة للفترة (2018-2022)، حيث تشكل مختلف الجهود التي تبذلها الدولة في إطار تنفيذ هذا البرنامج روافداً رئيسية لرفع جودة حياة المواطن».
كما أشارت وزيرة التخطيط إلى الجهود التي تقوم بها الدولة خلال السنوات الأربع الأخيرة لرفع جودة الحياة للمواطن المصري، خاصة في ضوء المتغيرات التي شهدتها مصر منذ عام 2011 وتداعياتها الاقتصادية، مشيرة إلى قيام الدولة من خلال تنفيذ رؤية مصر 2030 والتطبيق الناجح للبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، بالإصلاحات التشريعية (قانون التراخيص الصناعية - قانون الاستثمار الجديد- قانون الإفلاس أو الخروج من السوق)، والإصلاحات المؤسسية، وتهيئة البنية التحتية، وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى (مشروع الشبكة القومية للطرق، العاصمة الإدارية الجديدة، تنمية محور قناة السويس، ومشروعات قطاع الطاقة؛ بالتوسع في مشروعات انتاج الطاقة الجديدة والمتجددة)، وكذلك تنفيذ خطة شاملة للإصلاح الإداري تهدف إلى رفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة الأعمال والتى تتضمن عدد من المحاور أهمها؛ الإصلاح التشريعي وتحديث القوانين المنظمة لعمل الجهاز الإداري للدولة، والتطوير المؤسسي واستحداث إدارات جديدة للموارد البشرية والمراجعة الداخلية والتدقيق، التدريب وبناء القدرات على مختلف المستويات الإدارية، بالإضافة الى تحسين وميكنة الخدمات الحكومية.
وأضافت الوزيرة، خلال كلمتها بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن الدولة نجحت من خلال تلك الجهود في تحقيق العديد من النتائج الإيجابية منها تحقيق أعلى معدل نمو اقتصادي سنوي منذ عشر سنوات بلغ 5.3٪ خلال العام المالي «2017/2018»، وكذلك في الربع الأول من العام المالي الحالي، مشيرة إلى أن معدل النمو هذا جاء مدفوعاً بتحقيق معدلات نمو إيجابية لكافة القطاعات الاقتصادية، وأن مصدر هذا النمو هو الاستثمار وصافي الصادرات وليس الاستهلاك، بالإضافة إلى انخفاض معدل البطالة إلى 9.9%، وتحقيق فائض في ميزان المدفوعات بلغ نحو 12.8 مليار دولار، وارتفاع حجم احتياطيات النقد الأجـنبي إلى 44.5 مليـار دولار (في أكتوبر 2018)، لتُغطي تسعة أشهر من الواردات السلعية بعد أن كانت تغطي ثلاثة أشهر فقط في 2014.
كما أشارت الوزيرة إلى أنه تأتى ضمن النتائج الايجابية لجهود الدولة كذلك القيام خلال السنوات الأربعة الأخيرة بضخ استثمارات عامة تزيد قيمتها عن 960 مليار جنيه، وذلك في إطار الأولوية التي تعطيها الحكومة للارتقاء بجودة الحياة وتحسين مستوى المعيشة، حيث شهد الربع الأول فقط من العام المالي الجاري (2018/2019) الانتهاء من تنفيذ 490 مشروعاً بتكلفة استثمارية قيمتها 27.2 مليار في 13 قطاع موزعة على مختلف محافظات الجمهورية، تضمنت تنفيذ 238 في قطاعي الصحة والتعليم بقيمة 1.6 مليار جنيه، و164 مشروع تم تنفيذها في محافظات الصعيد بقيمة 12 مليار جنيه، مشيرة إلى المشروعات التى تم الانتهاء منها، وتشمل 62 مشروع في قطاع الكهرباء بتكلفة 15.02 مليار جنيه، و65 مشروع في قطاع الإسكان بتكلفة 5.45 مليار جنيه، ومشروعان في قطاع البترول بقيمة 3.92 مليار جنيه، و213 مشروع في قطاع التعليم بقيمة 1.3 مليار جنيه، و62 مشروع في قطاع الري بقيمة 472 مليون جنيه، و25 مشروع في قطاع الصحة بقيمة 314.6 مليون جنيه، و3 مشروعات في قطاع التجارة الداخلية بقيمة 241.1 مليون جنيه، و38 مشروع في قطاع التنمية المحلية بقيمة 217.5 مليون جنيه، و5 مشروعات لقطاع الشباب بقيمة 101 مليون جنيه، و5 مشروعات لقطاع الأثار بقيمة 69 مليون جنيه، ومشروعان في مجال التعليم العالي بقيمة 29.7 مليون جنيه، و7 مشروعات لقطاع الأوقاف بقيمة 12.25 مليون جنيه، ومشروع لقطاع الثقافة بقيمة 9.9 مليون جنيه.
كما أوضحت وزيرة التخطيط أن تلك الجهود أثمرت عن تحسن نسبي في وضع مصر في المـــؤشــر الدولي للسعادة خلال الأعوام الأخيرة، مشيرة إلي أن الدولة تعمل علي الوصول إلي مؤشر أفضل من خلال تنفيذ البرامج الرئيسية والفرعية لبرنامج عمل الحكومة للفترة (2018-2022)، الذي يتضمن محوراً رئيسياً لتحسين مستوى معيشة المواطن ورفع مستوى جودة الحياة من كافة الجوانب اقتصادياً واجتماعيا وبيئياً، كما يتسق مع ذلك البرامج الجاري تنفيذها على المحاور الأخرى سواء المتعلقة، بهدف بناء الإنسان المصري تعليمياً وصحياً ورياضياً وثقافياً، وكذلك تحقيق التنمية الاقتصادية ورفع كفاءة الأداء الحكومي، والنهوض بمستويات التشغيل.
وفيما يخص تبادل الخبرات، أكدت الدكتورة هالة السعيد أن الحكومة تسعي من خلال وزارة التخطيط إلى تبادل الخبرات والتجارب الناجحة مع الدول الأخرى في إطار ما يتم القيام به من جهود في مجال الإصلاح الإداري وتطوير العمل الحكومي، الذي يهدف إلى رفع جودة الحياة وتحسين مستوى الخدمات الحكومية بما يلبي احتياجات المواطنين ويحقق رضاهم، مشيرة إلي التجربة الناجحة للتعاون مع الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي من الدول التي لديها تجربة متميزة في هذا المجال خاصة وأنها أول دولة عربية تعين وزيرة للسعادة.
وأضافت أنه «تم التعاون مع الإمارات في إطلاق جائزة مصر للتميز الحكومي في شهر نوفمبر الماضي، بهدف نشر ثقافة وفكر التميز المؤسسي في الجهاز الإداري للدولة، وتعزيز تنافسية الأداء، كما تم التعاون في مشروع إنشاء مراكز الخدمة النموذجية للمواطنين في مختلف المحافظات المصرية، حيث يتم البدء بمحافظتي القاهرة وأسوان».
وتابعت الوزيرة أنه «يتم التعاون كذلك مع دولة الإمارات في مشروع مليون مبرمج، والذي يهدف إلى رفع قدرات الطلاب والشباب المصريين في مجال البرمجة لتمكينهم من مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية في مجال الميكنة والذكاء الصناعي»، مشيرة إلى إطلاق جائزة مصر لتطبيقات الخدمات الحكومية لطلاب الجامعات للتشجيع على المشاركة في تطوير الخدمات الحكومية وتعظيم الاستفادة من قدراتهم الإبداعية في هذا المجال، وكذلك التعاون في برنامج الأداء الإلكتروني، الذي يهدف إلى توفير آلية لتقييم الأداء التنفيذي لمختلف البرامج الحكومية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع كفاءة هذا الأداء.
وفي نهاية كلمتها، أكدت السعيد علي ضرورة اتباع نهج تشاركي يضم إلى جانب الحكومة كل من القطاع الخاص والمجتمع المدني ويبرز فيه دور كل من المرأة والشباب، حيث أن النهج التشاركي هو أكثر السبل فاعلية لتعظيم الاستفادة من كافة الجهود، موضحة أن تحقيق التنمية ليس مسؤولية الدولة وحدها وإنما هي مسؤولية جماعية يشارك فيها الجميع، مؤكدة أن هذا النهج التشاركي يعزز جهود الدولة لمواجهة التحديات في سبيل رفع مستوى جودة الحياة وزيادة العائد المتحقق للمواطن من جهود وثمار التنمية، مشيرة إلى معدلات النمو السكاني المرتفعة وزيادة الاختلال بين الموارد والسكان كأحد أكبر تلك التحديات.
وأوضحت دور الدولة لمواجهة هذا التحدي والاستفادة من القوى البشرية الحالية من خلال تنفيذ برامج التدريب وبناء القدرات والتوسع في الاستثمار في البشر، والعمل في الوقت ذاته على ضبط معدلات النمو السكاني من خلال الاستراتيجية القومية للسكان للفترة «2015-2030».