x

أطفال «السابقون بالخيرات» يروون لـ«المصري اليوم» مأساة تعذيبهم (صور)

السبت 15-12-2018 15:49 | كتب: محمد القماش |
دار أيتام السابقون دار أيتام السابقون تصوير : طارق وجيه

عصر الاثنين الماضي، كان الطفل «يوسف»، بالصف الأولى الثانوي صناعي، يقف أمام شقة الأطفال ال3 «وجدي»، و«زيد»، و«مؤمن»، أكبرهم 11 عامًا، التقط صورًا للطفلين «الأول»، و«الثاني»، داخل دور رعاية أيتام السابقون بالخيرات في فيصل بالجيزة، كان المشرف مصطفى ناصر، مقيد قدميهما ورجليهما بحزام بنطال، عقابًا لهما، وكان الطفل الثالث يشاهدهما أيضًا من ردهة السلم، وظهر في الصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وبسببها حققت نيابة الهرم مع «مصطفى»، بتهم التعذيب البدني، وإلحاق إصابات تحتاج إلى علاج 21 يومًا للأطفال، فضلًا عن استعمال القسوة، بحسب طلعت صبري، مدير الدار، ل«المصري اليوم».

قبل التحدث إلى الأطفال ال3، وقفنا على سيرة المتهم، والذي أظهرتها سجلات الدار بأنه قدم إلى العمل منذ شهرين، وحاصل على دبلوم صنايع، وإنه من محافظة أسيوط «لم يدرس أي شيء في حياته عن مجال رعاية الأيتام.. تصرف بشكل عفوي مع الأطفال»، هكذا قال «صبري»، إن الدار تعاني من عمل المتخصصين «بنعمل إعلانات وبيكون الراتب من 1500 ل2000 جنيه، والمبلغ الأخير لحاملي مؤهل البكالوريس».

كان المتهم «مصطفى»، يعمل لمدة 25 يومًا بالدار «بنام وأكل وأشرب وأوصل الأطفال إلى مدارسهم»، ويأخذ 5 أيام متصلة مع نهاية الشهر كإجازة، بحسب أقواله بتحقيقات النيابة، التي أمرت بإخلاء سبيله بضمان محل إقامته.

لم تكن تلك المخالفة الوحيدة بالدار، باعتراف «صبري» نفسه:«العام الماضي هرب 12 طفلًا من الدار، وكان ذلك قبل تسلّمى عملي، ومعظم الأطفال كانوا يدخنون السجائر».

تتبع دار الأيتام التي شيدت قبل 15 عامًا، الجمعية الشرعية، وملحق بها مسجد «الروضة»، وهي عبارة عن مبنيين، أحداهما للأطفال فوق ال16 عامًا، والآخر للأقل عمرًا، تقول أم شيماء، وهي زوجة معوض أبوزيد، المتبرع ببناء الدار:«زوجى تبرع بالأرض، وأصحاب الخير شيدوا بقية الأدوار»، لم تنكر السيدة الخمسينة التي أكدت أنهم يقطنون بالطابق الأرضي بأحد مباني الدار، وجود المخالفات:«كنت اعتبر الأطفال كأولادي، ويدخلون بيتى كأمهم، وأجلسهم أمامهم بأي شكل، لكننى منعت ذلك بعدما لاحظت قيامهم بوقائع مخلة بالآداب والسلوك العام».

يتبرع للدار التي تمتلك سيارة إسعاف وحافلة، بشكل أساسي، 4 سيدات بينهن «أميرة»، التي اتهمها مدير الدار بأنها وراء تحريض الطفل «يوسف» على تصوير وقائع التعذيب المنسوبة للمشرف «مصطفى»:«هذه السيدة تريد إخضاع الأطفال لها، فنشرت صورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي».

إحدى المتبرعات – رفضت ذكر اسمها- قالت ل«المصري اليوم»: إنها قبل أيام أحضرت سريرًا لأحد الأطفال لكنها فوجئت باختفائه «لا أعرف الأشياء التي اشتريها من يخفيها أو يسرقها»، لتضيف:«أن الأطفال الكبار بالدار يخوفون على إخواتهم الصغار من مصير الأطفال ال12 الذين هربوا العام الماضي».

يؤكد «صبري»، مدير الدار، أن هؤلاء الأطفال الهاربين أخذتهم سيدة أخرى وخصصت لهم شقة في منطقة حدائق القبة، ولا يعرفون عنهم شيئًا.

يدافع مدير الدار عن نفسه، قائلًا:«خلال إدارتي قمت بالترفية عن الأطفال برحلات لمدن سياحية، وأغلبهم حصل على شهادات تقدير من المدرسة»، فهناك 24 طفلًا بمدرسة خاصة ابتدائي وإعدادي، وطفل في «كى جى تو» بإحدى المدارس الدولية، حيث تكفلت متبرعة بمصاريفه، و11 طفلًا بمدارس الثانوي الصناعي والفنادق.

قالت متبرعة أخرى، إن الأطفال يقومون بأعمال النظافة في الدار، وأصيب الطفل «تامر» بيده جراء كسر زجاج، وتتهم مدير الدار بالتعنت، ويقول الأخير ردًا على ذلك «المتبرعون يروون ذلك لأننى أحيانًا أحرم الأطفال من المصروف اليومي حال ارتكابهم مخالفات، لكن الأطفال أصبحوا لا يهمهم العقاب مثل الطفل يوسف، الذي صور إخواته، لأنه يحصل على المصروف والهدايا مثل التليفونات المحمولة من ما أسماهم ب«المحرضين»».

خارج الدار، قابلنا الطفلين «عمر»، و«مازن»، بالصف الرابع الابتدائي، كانا يلعبون الكرة، مع عدد من الأطفال بالشارع، ومنهم «حماد»، و«أبوبكر»، قالا:«إن إخواتهم وجدي، وزيد، ومؤمن، ينامون بالطابق الثاني من مسجد الروضة».

«محرمين من النوم داخل الدار»، هكذا أخبرنا الصغار، وهم يلعبون الكرة، قبل أن يؤكد «ساعات ناس بتتضرب من إخواتنا».

التقينا الطفلين «وجدي حمدي»، و«زيد تامر»، والطفل «مؤمن بسام»، شاهد العيان، قال «وجدي»:«أنا ضربت واحد زميلي في المدرسة اسمه محمود سامي، في صدره، لأنه ضرب أخويا إبراهيم سعيد، والضربة دى على فكرة عملت له كدمة، وأم محمود اشتكت للمشرف بتاعى الأستاذ مصطفى، وهو بيستلمني من المدرسة، ولما رجعت الدار وأكلت، الأستاذ مصطفى قال لي اتعاقب قلت له لأ، لأني عنيد قوى، فربط رجلي وأيدي بالحزام، دا كل اللي حصل، وأنا مش زعلان، وأنا نفسي أطلع ضابط علشان أحمى الأطفال كلهم».

وروى الطفل «زيد»، أنه «وقعت بنت زميلتى في المدرسة، ووقعت من على السلم، وأمها اشتكت للمشرف بتاعي، وكتفني مع وجدي، وقال لي أقعد في الأرض، زى ما بنتمرن تدريبات رياضة»، ورغم ما تعرض له الطفل من إصابات بيده، قال:«على فكرة نفسي أطلع دكتور أعالج الناس».

وأكد الطفل الثالث «مؤمن»، أنه لم يتعرض للتعذيب، وأنه كان يشاهد الطفلين يتعرضا للضرب، لكن مأساة هذا الطفل تمثلت في «كل شوية أسيب دار وأروح دار، أنا سابت الدار بتاعي الأولى في أكتوبر، علشان مامتي المشرفة سافرت»، ولم يتسن لنا مقابلة الطفل «يوسف»، الذي صور الواقعة.

وأكد محمد العقبي، المتحدث باسم وزارة التضامن، واقعة تعذيب الطفلين، وتحرير محضر بالواقعة:«الولد كان ضرب زميله في المدرسة فهم بيعاقبوه، ودور الأيتام في مصر لا تخلو من المخالفات، عندهم مشكلة في الالتزام بالاشتراطات الضرورية اللازمة مثل وسائل الأمن وغيرها»، مشيرًا إلى تحرك الوزارة فور انتشر الصور على مواقع التواصل «الأمركله أصبح بيد النيابة العامة، لمعرفة المدان، وحين ذلك سنقيم الموقف».

كانت الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، اعترفت بالانتهاكات التي تحدثت في دور الأيتام، وقالت:«هناك انتهاكات جسدية ونفسية واستغلال مادي وجنسي حدث في عدد من دور رعاية الأيتام خلال السنوات الماضية، وأكثر من 75% منها يستحق الإغلاق لافتقادها لأبسط قواعد الحياة الكريمة بدعوى قلة الموارد والمرتبات وعدد المشرفين، بل أصبحت تلك الدور مشروعات تجارية معتمدة على التبرعات في المقام الأول».

دار أيتام السابقون

دار أيتام السابقون بالخيرات

دار أيتام السابقون بالخيرات

دار أيتام السابقون بالخيرات

دار أيتام السابقون بالخيرات

دار أيتام السابقون بالخيرات

دار أيتام السابقون بالخيرات

دار أيتام السابقون بالخيرات

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية