أكد المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حرصه على قوة وتماسك المجلس ووحدة الصف بين أعضائه، لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية، والمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها، ورغبتها في تحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين من خلال المسيرة الخيرة لمجلس التعاون، بما يحقق تطلعات المواطن الخليجي.
جاء ذلك في «البيان الختامي» الصادر مساء اليوم الأحد، في ختام الدورة الـ39 للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت برئاسة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بقصر الدرعية.
وأكد «المجلس الأعلى» على مواقف دول المجلس الثابتة من القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، ودعمها للسيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين وفق مبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية.
وأدان المجلس التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة الذي تسبب في مقتل وإصابة المئات وتدمير الكثير من المنازل والمقار الرسمية، كما طالب مجلس الأمن بتحمل مسئولياته للوقف الفوري لكل أشكال العمل العسكري في القطاع، وإفساح المجال أمام جهود التهدئة.
وأكد المجلس أن القدس هي العاصمة التاريخية لفلسطين وفقًا للقرارات الدولية، وأن أي إجراء تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي هو أمر باطل، ولا يؤدي إلا إلى إشعال التوتر في المنطقة، وإضعاف فرص التوصل إلى حل شامل ودائم يبنى على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي هذا الإطار، أشاد المجلس الأعلى بنتائج القمة العربية في دورتها الـ29 التي عقدت في مارس 2018، بمدينة الظهران بالمملكة العربية السعودية، مؤكدًا أن إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، عن تسمية القمة بـ «قمة القدس» يجسد حرصه على أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى للأمة العربية.
وأشاد المجلس الأعلى بقرار مجلس جامعة الدول العربية الصادر في ختام اجتماعه المستأنف على مستوى وزراء الخارجية الذي عقد في القاهرة بتاريخ أول فبراير 2018، تحت عنوان التحرك العربي لمواجهة قرار الإدارة الأمريكية بشأن نقل السفارة إلى القدس، لتنسيق العمل العربي تجاه هذا القرار وتبعاته.
وأعرب المجلس عن إدانته لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي ببناء المزيد من الوحدات الاستيطانية الجديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يعد تحديًا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانًا في العدوان على حقوق الشعب الفلسطيني بهدف فرض واقع جديد للحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأكد المجلس، أهمية وكالة الأمم المتحدة للإغاثة وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، مشيدًا بالمساعدات السخية التي تقدمها دول المجلس ودعم لأنشطة الوكالة، وطالب المجتمع الدولي باستمرار زيادة تقديم الدعم للوكالة لتواصل مهمتها حتى عودة اللاجئين الفلسطينيين.
وهنأ المجلس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، على توليه رئاسة اجتماع المجلس الأعلى في دورته الـ39، معربًا عن تقديره لما تضمنته كلمته الافتتاحية، من حرص واهتمام على تفعيل مسيرة التعاون بين دول المجلس في كافة المجالات.
وعبّر «المجلس الأعلى» عن بالغ تقديره وامتنانه للجهود الكبيرة الصادقة والمخلصة، التي بذلها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصـباح أمير دولة الكويت، وحكومته، خلال فترة رئاسة دولة الكويت للدورة الـ38 للمجلس الأعلى، وما تحقق من خطوات وإنجازات هامة.
وأشاد المجلس، بالمساعي الخيرة والجهود المخلصة التي يبذلها الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، لرأب الصدع الذي شاب العلاقات بين الدول الأعضاء، وعبر المجلس عن دعمه لتلك الجهود وأهمية استمرارها في إطار البيت الخليجي الواحد.
وأكد القادة أهمية سرعة تنفيذ كافة قرارات المجلس الأعلى والاتفاقيات التي تم إبرامها في إطار مجلس التعاون، والالتزام بمضامينها، لما لها من أهمية في حماية أمن الدول الأعضاء وصون استقرارها وتأمين سلامتها ومصالح مواطنيها، وإيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية مستقرة تعزز من رفاه مواطني دول المجلس.
وشاد «المجلس الأعلى» بإعلان المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي واعتماد استراتيجية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصاديًا وتنمويًا وعسكريًا «استراتيجية العزم».
كما أشاد المجلس بإنشاء مجلس التنسيق السعودي الكويتي الذي يندرج تحت مظلته جميع مجالات التعاون، مؤكدًا أن هذا العمل الثنائي بين الدول الأعضاء يعد رافدًا من روافد العمل المشترك بين دول المجلس ويعزز من مسيرة مجلس التعاون لما فيه خير مواطني دول المجلس.
وأكد المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، دعمه وتأييده للمملكة العربية السعودية فيما اتخذته من إجراءات تجاه التعامل مع ملف قضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، وما قامت به من جهود بهذا الشأن، وحرصها على تلقي كافة المعلومات للوصول إلى حقيقة ما حدث.
وأشاد «المجلس الأعلى» بما تضمنته البيانات الصادرة عن الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية بالكشف عما أسفرت عنه التحقيقات التي تمت في هذه القضية، والتي تعبر عن التزام السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بسيادة القانون وإرساء قواعد العدل وإتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمحاسبة المتورطين في هذه الجريمة لتأخذ العدالة مجراها، منوهًا في هذا الصدد بقرار المملكة العربية السعودية بدراسة أوضاع بعض الأجهزة الأمنية.
وأكد المجلس رفضه القاطع لاستغلال هذه القضية للمساس بسيادة قرار المملكة العربية السعودية وأمنها واستقرارها، الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأشاد المجلس الأعلى بالنجاح الذي تحقق في الانتخابات النيابية والبلدية التي شهدتها مملكة البحرين، ما يؤكد التقدم والنجاح في النهج الذي تبناه الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين في تعزيز المكتسبات السياسية وحماية المنجزات ودعم مسيرة التقدم والازدهار.
واستعرض المجلس الأعلى تطورات العمل الخليجي المشترك، مؤكدًا أهمية الحفاظ على مكتسبات المجلس وإنجازات مسيرته التكاملية، ووجه الأجهزة المختصة في الدول الأعضاء والأمانة العامة واللجان الوزارية والفنية بمضاعفة الجهود لتحقيق الأهداف السامية التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون.
وأبدى المجلس الأعلى، ارتياحه لما تم إحرازه من تقدم في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، لتعزيز العمل الخليجي المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ36 في ديسمبر 2015.
وكلّف المجلس الهيئات والمجالس واللجان الوزارية والفنية، والأمانة العامة وكافة أجهزة المجلس، بمضاعفة الجهود لاستكمال ما تبقى من خطوات، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية في إطار مجلس التعاون، والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة للمجلس تحفظ مصالحه ومكتسباته وتجنّبه الصراعات الإقليمية والدولية، وتلبي تطلعات مواطنيه وطموحاتهم.
وبارك المجلس الأعلى تعيين الفريق الركن عيد بن عواض بن عيد الشلوي، قائدًا للقيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون، مؤكدًا على سرعة إنجاز جميع الإجراءات الخاصة بتفعيل القيادة العسكرية الموحدة ومباشرتها لمهامها.
وعبر المجلس عن ارتياحه للخطوات التي تمت في نطاق تفعيل مركز العمليات البحري الموحد وقوة الواجب البحري (81)، وتفعيل مركز العمليات الجوي والدفاع الجوي الموحد ومباشرته لمهامه.
وأكد المجلس الأعلى، استمرار العمل لاستكمال مراحل الدراسة الخاصة بإنشاء الأكاديمية الخليجية للدراسات الاستراتيجية والأمنية، ومختلف الجوانب المتعلقة بالعمل العسكري المشترك وما تتطلبه من إجراءات ودراسات مختلفة.
وأطلع المجلس الأعلى على ما توصلت إليه اللجنة العسكرية العليا في دورتها الـ15، وصادق على موازنة الشؤون العسكرية وموازنة القيادة العسكرية الموحدة للعام المالي 2019، والاعتمادات الخاصة بمشاريع الاتصالات المؤمنة.
كما أطلع المجلس الأعلى على تطورات العمل في هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية، ووجه بسرعة العمل على إنجاز الدراسات والمشاريع المتعلقة ببرنامج عمل هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية لتحقيق الوحدة الاقتصادية بحلول عام 2025؛ لاسيما الدراسات المتعلقة باستكمال الوضع النهائي للاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وتسهيل انتقال الشاحنات بين الدول الأعضاء.
وأكد المجلس الأعلى، أهمية استمرار تعميق التعاون والتكامل في المجال الاقتصادي والتنموي بين دول المجلس، واطلع على تقارير متابعة بشأن آخر التطورات في عدد من المشاريع التكاملية، بما في ذلك مشروع سكة الحديد لدول مجلس التعاون، وإنشاء شركة المدفوعات الخليجية.
واعتمد المجلس الأعلى الخطة الاستراتيجية للعمل البلدي المشترك للجنة الوزراء المعنيين بشئون البلديات بدول المجلس، ودليل الإجراءات الصحية الموحدة في المنافذ الحدودية لدول مجلس التعاون.
ووافق المجلس الأعلى على القانون (النظام) الموحد لتمكّين الأشخاص ذوي الإعاقة بدول المجلس بشكل استرشادي لمدة سنتين، وعلى القانون (النظام) الموحّد للعمل التطوعي بدول المجلس بشكل استرشادي لمدة سنتين.
وفي مجال الاهتمام بالشباب، اطلع المجلس الأعلى على تقرير الأمانة العامة الخاص بتنفيذ توصيات ورش الشباب بدول المجلس، وما قامت به اللجان المعنية من جهود لتنفيذ تلك التوصيات.
وعبر المجلس الأعلى عن ارتياحه لما توصل إليه الاجتماع الـ11 لرؤساء المجالس التشريعية في دول مجلس التعاون، الذي عقد في دولة الكويت يناير 2018، مقدرًا الجهود التي تبذلها مجالس الدول الأعضاء للمساهمة في تعزيز العمل الخليجي المشترك.
ووافق المجلس الأعلى على القانون (النظام) الاسترشادي للوقاية من العنف والاستغلال والإيذاء الأسري.
وأكد المجلس الأعلى، أهمية تعزيز تواجد دول المجلس في المناصب التنفيذية والمهمة لدى المنظمات الإقليمية والدولية، ووجه الأمانة العامة بوضع آلية لتحقيق ذلك.
كما وجّه المجلس الأعلى بسرعة استكمال تعديل أوضاع كافة المنظمات الخليجية المتخصصة بوضعها تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون وتحت إشراف اللجان الوزارية المختصة والمجلس الوزاري، وفقاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين، وقرارات المجلس الأعلى بهذا الشأن.
وأكد المجلس حرصه على استمرار ما دأبت عليه دول المجلس من تقديم المساعدات للدول الشقيقة والصديقة، منوهًا بالبرامج الإنسانية والتنموية العديدة التي تمولها دول المجلس في كافة أنحاء العالم، مشيدًا بمبادرة المملكة العربية السعودية مؤخرًا في إعفاء الدول الأقل نموًا من خلال تنازلها عن أكثر من 6 مليارات دولار أمريكي من ديونها المستحقة وذلك استمرارًا في أداء دورها الإنساني وبما تمليه عليها مكانتها الإسلامية والعالمية.