طالب الكاتب الأمريكى توماس فريدمان الإدارة الأمريكية بأن تتفهم أن القاهرة الآن تحتاج مساعدة واشنطن فى آلية التحول الديمقراطى فى البلاد أكثر من مجرد تقديم الدعم المادى لها، مبديًا تخوفه من تدفق أموال دول مجاورة لدعم جماعات كالإخوان المسلمين في أول انتخابات بعد ثورة، ستفرز البرلمان الذي سيحدد ملامح دستور مصر الجديد.
وأكد فريدمان، في مقاله الأحد بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن الدعم المادى وحده لا يكفى لصناعة الديمقراطية، مشيراً إلى أن مصر خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك حصلت من الولايات المتحدة الأمريكية على أكثر من 30 مليار دولار، وعلى الرغم من ذلك لم يشهد الاقتصاد المصرى انتعاشا، الأمر الذي اعتبره فريدمان «إحراجاً» لمبارك والولايات المتحدة.
واستعرض فريدمان الخطوات السياسية التي يتخذها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإتمام عملية التحول الديمقراطى قائلاً إن القادة العسكريين يتحركون بدأب لتمهيد الطريق نحو الديمقراطية وذلك بإجراء الانتخابات البرلمانية فى سبتمبر المقبل، على أن يشرف البرلمان المنتخب بعد ذلك على وضع الدستور الجديد للبلاد، وأخيراً إجراء انتخابات لاختيار رئيس مدنى.
واعتبر الكاتب الأمريكي أن «شعبية وعفوية» الثورة المصرية هي إحدى المشاكل الأساسية في مصر الآن، حيث لا يوجد لها قائد أو زعيم ولم يحمل لواءها فصيل أو حزب سياسي محدد، محذراً من أن جماعة الإخوان المسلمين هى الفصيل السياسى الوحيد القادر على خوض الانتخابات البرلمانية بثقة فى ظل عدم اتساع قاعدة الأحزاب الجديدة بين المصريين. وتابع: هذا الفصيل الذى عمل لسنوات طويلة «تحت الأرض» أصبح وجوده الآن شرعيا بشكل مفاجئ بعد الثورة.
ولفت فريدمان إلى مخاوف قيادات الثورة التى تتسم بالوسطية والاعتدال من إجراء الانتخابات البرلمانية فى سبتمبر واتجاه المصريين للتصويت لشعار «الإسلام هو الحل» بدلا من التصويت لبرامج إصلاحية جديدة. وقال: إن الانتخابات الحرة «نادرة» فى العالم العربى، فإذا ما وجدت يسعى الجميع للتصويت وليس فقط أبناء الوطن، مبدياً تخوفه من تدفق الأموال من جهات خارج مصر لدعم جماعة الإخوان المسلمين.
وأضاف فريدمان «إن إجراء الانتخابات في سبتمبر المقبل وحصول جماعة الإخوان على الأغلبية سيكون له تأثير كبير للغاية على أول دستور حر في مصر، كما أنه سيؤدي إلى وجود الكثير من القيود على النساء وملابسهن وبيع الخمور والعلاقة بين الدين والدولة». ونقل فريدمان عن الدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية قوله «في حالة حصول الإخوان على الأغلبية سيكون في مصر برلمان ممثلا للشعب، ودستور لا يمثل الشعب».
وأشار فريدمان إلى أن الثورة فى مصر لم تنته، قائلا «لقد انتقلت الثورة من المرحلة الدرامية المتمثلة في النزول إلى الميادين والشوارع إلى مرحلة اختيار من سيكتب دستور مصر الجديدة». وتابع «واشنطن لايمكنها التدخل العلني فى شأن الانتخابات المصرية، لأن هذا سيؤدي إلى تقويض الإصلاحيين في البلاد، ولكن عليها أن تتواصل مع القادة المصريين لحثهم على الالتفات لمخاوف عامة المصريين والمتعلقة بانتخابات سبتمبر المقبل».