x

ثورة غير مسبوقة فى الهندسة الوراثية على البشر

الثلاثاء 27-11-2018 22:30 | كتب: عنتر فرحات |
الابتكار العلمى الذى كشفه العالم الصينى يثير الجدل بين العلماء الابتكار العلمى الذى كشفه العالم الصينى يثير الجدل بين العلماء تصوير : آخرون

أعلن العالم الصينى (هى جين كواى) أنه نجح فى تغيير الحمض النووى لفتاتين (توأم) ولدتا الشهر الجارى، لتصبحا أول طفلتين فى العالم تمت ولادتهما بعد تعديل جيناتهما الوراثية، بعدما تمكن باستخدام أداة قوية قادرة على إعادة صياغة الحمض النووى، وهو ما إن ثبت صحته سيشكل ثورة فى الهندسة الوراثية وقفزة نوعية كبيرة على الجانبين العلمى والأخلاقى، بحسب وكالة «أسوشيتيد برس»، الأمريكية، بينما سارعت السلطات الصينية إلى إطلاق تحقيق فى عملية الهندسة الجينية، وأمرت هيئة الصحة الوطنية فى الصين بإجراء «تحقيق فورى»، خاصة أن العالم لم يقدم أى أدلة تثبت إجراءه العملية، كما لم يكشف عن أى تفاصيل متعلقة بهوية الطفلتين، وفق ما ذكرت صحيفة «جارديان» البريطانية، أمس، فيما أعلن 120 عالما، غالبيتهم من الصين، فى خطاب مكتوب باللغة الصينية، أن «أبواب جهنم قد فتحت، وربما ما زال هناك بصيص أمل لإغلاقها قبل فوات الأوان».

وشارك أحد العلماء الأمريكيين فى جهود التعديل، لكن هذا النوع من التغيير الجينى محظور فى الولايات المتحدة، نظرًا لأن التلاعب بالحمض النووى يمكن أن ينتقل إلى الأجيال القادمة للمولود، كما أن العملية برمتها تهدد بالإضرار بالجينات الأخرى، ويعتقد العديد من العلماء أنها غير آمنة على الإطلاق، وقد ندد بعضهم بتطبيق التجربة على البشر فى الصين.

وقال جينكواى إنه عدل الأجنة لـ7 أزواج خلال عمليات تعزيز الخصوبة، لكن حالة واحدة وضعت حملها بنجاح حتى الآن، مضيفًا أنه لم يكن يستهدف مداواة مرض وراثى ما أو الوقاية منه، بل محاولة إعطاء الجنين سمة لا يمتلكها سوى القليل من الناس، مثل القدرة على مقاومة العدوى المحتملة فى المستقبل بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (الإيدز).

ورفض الوالدان المعنيان بالحالة الناجحة الكشف عن هويتهما، وفقًا للعالم الصينى، الذى رفض أيضًا الكشف عن مكان عيشهما أو حتى أين تم إنجاز العملية، وإلى الآن لا يوجد تأكيد مستقل لما أعلنه الباحث الصينى، ولم يتم نشر تفاصيل العملية فى أى مجلة مختصة، حيث يمكن للعلماء الآخرين النظر فى تفاصيلها.

وأضاف الباحث الصينى، فى تصريحاته للوكالة الأمريكية: «أشعر بمسؤولية قوية، ليس فقط لكونى أول من يفعل هذا الأمر، لكن لجعله مثالًا، ولاحقًا سيقرر المجتمع ما يجب فعله بعد ذلك من حيث السماح أو منع مثل هذه العملية».

ودرس «هى» فى جامعتى رايس وستانفورد فى الولايات المتحدة، قبل أن يعود إلى وطنه لفتح مختبر فى الجامعة الجنوبية للعلوم والتكنولوجيا فى مدينة شنتشن الصينية، بالإضافة إلى شركتين للتعديلات الجينية.

أما العالم الأمريكى المشارك فى العملية فهو فيزيائى، وأستاذ فى الهندسة الحيوية، ويدعى مايكل ديام، الذى عمل كمستشار فى جامعتى رايس وهيسوتن، ويمتلك حصة صغيرة فى شركتى «هى»، وعضو بالمجلسين الاستشاريين للشركتين.

وأثارت هذه الخطوة غضب الأوساط العلمية فى مختلفة أنحاء العالم، خاصة أنها تعتبر بمثابة «تجربة على البشر»، وهى خطوة ممنوعة قانونيا فى العديد من الدول. وأكدت جامعة الجنوب للعلوم والتكنولوجيا، حيث كان الباحث الصينى يعمل بها، أن العالم الصينى كان فى إجازة غير مدفوعة منذ فبراير الماضى، لافتة إلى أنه لم يجر أبحاثه المتعلقة بالهندسة الوراثية داخل حرم الجامعة، وقالت جامعة «رايس»، الأمريكية، إنها ستجرى تحقيقا بشأن مشاركة بروفيسور الفيزياء الأمريكى فى هذه الاختبارات، وأضافت فى بيان: «بغض النظر عن المكان الذى أجرى فيه هذا العمل، فإنه، وكما تم وصفه فى التقارير الإعلامية، ينتهك قواعد السلوك العلمى، ويتعارض مع المعايير الأخلاقية الخاصة بالمجتمع العلمى وبجامعة رايس».

وقال الدكتور كيران موسونورو، خبير تعديل الجينات فى جامعة بنسلفانيا الأمريكية، رئيس تحرير إحدى المجلات المختصة بعلم الجينات الوراثية، إن التجربة التى أجريت فى الصين على البشر لا يمكن تبريرها أو الدفاع عنها أخلاقيًا، وقال الدكتور إريك توبول، رئيس معهد «سكريبس» للأبحاث فى كاليفورنيا: هذا الأمر سابق لأوانه كثيرًا، نحن نتعامل فى هذه العملية مع ما يمكن وصفه بتعليمات التشغيل الإنسانية، إنه لأمر كبير.

وحذر 120 عالما، معظمهم فى الصين، من أنه لايزال هناك بصيص أمل لإغلاق «باب جهنم»، الذى فتحه عالم وراثة بقوله إنه عدل جينات فتاتين توأم للتوصل إلى أول رضيع معدل جينيا، وفى خطاب مفتوح متداول على الإنترنت، قال العلماء إن استخدامات تكنولوجيا (كريسبر- كاس 9) لتعديل جينات الأجنة البشرية محفوف بالمخاطر وغير مبرر، ويضر بسمعة وتطور أوساط الطب الحيوى فى الصين. وقال العلماء، فى خطابهم الذى نشره موقع «بيبر» الصينى، إن «مراجعة أخلاقيات الطب الحيوى لهذا الذى يطلق عليه بحث علمى موجودة بالاسم فقط، وإن إجراء تجارب مباشرة على البشر لا يمكن وصفه إلا بالجنون».

وفى المقابل، دافع الأستاذ بجامعة هارفارد (جورج جورس)، أحد علماء الهندسة الوراثية المشهورين، عن المحاولة الصينية لتعديل الجينات البشرية بهدف التصدى لفيروس «الإيدز»، والذى وصفه بأنه تهديد رئيسى متعاظم للصحة العامة.

وفى السنوات الأخيرة، اكتشف العلماء طريقة سهلة نسبيًا لتعديل الجينات، وتتيح الأداة المعروفة بـ«كريسبر- كاس 9» الوصول للحمض النووى وتزويده بأحد الجينات أو تعطيل أحدها بالفعل، واستخدمت مؤخرًا فقط مع البالغين لعلاج بعض الأمراض القاتلة، وبطريقة تسمح باقتصار التعديلات على الشخص المصاب، لكن عملية تعديل الحيوانات المنوية أو البويضات أو الأجنة يمكنها توريث التغيرات الجينية، لذا لا يسمح بإجرائها فى الولايات المتحدة سوى للأبحاث المعملية، وفى المقابل تحظر الصين عمليات استنساخ البشر، بيد أن ذلك لا يشمل تعديل الجينات.

وتبدأ عملية التعديل الجينى أو الهندسة الجينية فى المختبر أثناء عملية الإخصاب الأولى مخبريا، بفرز الحيوان المنوى لعزله عن السائل العضوى الذى تفرزه الخصيتين، وهو السائل الذى يمكن أن يوجد فيه فيروس الإيدز، ثم يتم حقن حيوان منوى فى بويضة أنثوية واحدة لتلقيحها من أجل تكون الجنين، ثم تتم إضافة أداة التحرير الجينى، حسب ما ذكرت وكالة «أسوشيتد برس»، وعندما يبلغ الجنين 3-5 أيام تتم إزالة بعض الخلايا وفحصها من أجل تعديلها، ويمكن للزوجين عند هذه المرحلة الاختيار بين الجنين المعدل وراثيا أو غير المعدل فى محاولة التلقيح الصناعى والحمل، وتم استخدام 16 جنينا معدلا وراثيا من أصل 22، واستخدمت 11 بويضة ملقحة فى 6 عمليات زراعة فى الرحم، قبل أن تتحقق ولادة التوأم المعدل وراثيا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية