افتتحت، منذ قليل، الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، «يوم مصر» بمشاركة كلا من أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وريتشارد ديكتس، الممثل الدائم للأمم المتحدة بمصر، بحضور عدد من الوزراء والسفراء وممثلو المنظمات العربية والإقليمية والدولية، وذلك في إطار فعاليات الأسبوع العربي للتنمية المستدامة 2018 في عامه الثاني، الذي تم افتتاحه بعنوان «الانطلاق نحو العمل» بمقر جامعة الدول العربية، تحت رعاية رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، في 19 نوفمبر الحالي، واستمرت فعالياته حتى اليوم 22 نوفمبر، وقامت بتنظيمه وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وفي كلمتها التي ألقتها الدكتورة هالة السعيد، أكدت الوزيرة أن الأسبوع العربي للتنمية المستدامة أصبح يمثل مَحفِلاً عَربِياً ومناسبةً سنويةً تجمعٌ في مكانٍ واحدٍ كافة شركاء التنمية من؛ مُمثلي الحكومات، والقطاعِ الخاصِ، والمجتمع المدني، والمرأة، والشباب، والإعلام، بالإضافة إلى المنظمات العربيةِ والإقليميةِ والدولية، والجامعات والمراكز البحثية المتخصصة، وذلك لمناقشة وبحث حاضر ومستقبل تحقيق التنمية المستدامة في منطقتنا العربية، مضيقة: أنه «تَتويجاً للنجاح الذي شَهِدتُه فعاليات هذا الأسبوع؛ يأتي اليوم الختامي في هذا الحدث المٌتميز تحت عنوان (يوم مصر) ليلقي الضوء على التجربة المصرية في تحقيق التنمية المستدامة، وما بدأته مصر في السنوات الأخيرة من عمل جاد وتعاون مثمر بين كافة شركاء التنمية».
وأشارت وزيرة التخطيط، في كلمتها إلى إطلاق «استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030»، في فبراير عام 2016، بحضور رئيس الجمهورية تأكيداً على الاهتمام والدعم الذي تحظى به هذه الاستراتيجية، وباعتبارها الإطار العام المنظم لبرامج العمل خلال السنوات المقبلة، كما أشارت إلى برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، الذي بدأته الحكومة في نوفمبر 2016، ونفذت الدولة من خلاله العديد من الإصلاحات والإجراءات لتحقيق النمو الشامل والمستدام، بتحرير سعر الصرف، والإصلاح الهيكلي لبعض القطاعات وفي مقدمتها قطاع الطاقة، بهدف زيادة القدرات التنافسية، وإعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وتحفيز النمو الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص كشريك رئيسي للحكومة في تحقيق التنمية.
وأضافت الوزيرة أن الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة قد ارتكزت على مجموعة من المرتكزات، أولها هو إصلاح المنظومة التشريعية والمؤسسية القائمة من خلال إصدار حزمة من القوانين والتشريعات التي تهدف إلى رفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة الأعمال (قانون التراخيص الصناعية، وقانون الاستثمار الجديد، وقانون الإفلاس أو الخروج من السوق)، كذلك العمل على تهيئة البنية الأساسية اللازمة لعملية التنمية من خلال تكثيف الاستثمار في مشروعات البنية التحتية، وأهمها مشروع الشبكة القومية للطرق، ومشروعات قطاع الطاقة، وإنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى العالم في منطقة بنبان بأسوان، بالإضافة إلى مشروعات تنمية محور قناة السويس، والمدن الجديدة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، مضيفة: أنه «يأتي من ضمن المرتكزات إصلاح الجهاز الإداري للدولة بتنفيذ خطة شاملة للإصلاح الإداري، تشرف على تنفيذها وزارة التخطيط وتتضمن عدداً من المحاور، أهمها الإصلاح التشريعي، والتطوير المؤسسي واستحداث إدارات جديدة للموارد البشرية والمراجعة الداخلية والتدقيق، بالإضافة إلى والتدريب وبناء القدرات، وتحسين وميكنة الخدمات الحكومية، والعمل على نشر ثقافة وفكر التميز المؤسسي في الجهاز الإداري للدولة، وتعزيز تنافسية الأداء من خلال إطلاق جائزة مصر للتميز الحكومي».
وأشارت إلى التحول إلى مجتمع رقمي كأحد المرتكزات، حيث يحظى هذا التوجه بدعم من القيادة السياسية، وجاء في هذا الإطار إنشاء المجلس القومي للمدفوعات في فبراير ٢٠١٧ برئاسة السيد رئيس الجمهورية وعضوية البنك المركزي المصري والجهات المعنية.
كما أوضحت الدكتورة هالة السعيد أن الدولة المصرية تنظر للشباب باعتبارهم حاضر عملية التنمية ومستقبلها، لذا تعمل الحكومة على تنفيذ العديد من برامج التدريب وبناء القدرات، من بينها البرامج التدريبية والمنح الدراسية للعاملين بالجهاز الإداري للدولة، وبرنامج إدارة الأعمال الحكومية بالتعاون مع جامعة اسلسكا مصر، والبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة PLP، فضلا عن إنشاء الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، بالإضافة إلى تشجيع ريادة الأعمال والابتكار من خلال مشروع رواد 2030، منوهة عن الحرص الدائم من قبل الدولة بدءاً من القيادة السياسية على التواصل والحوار المستمر مع الشباب من خلال انتظام ودورية انعقاد مؤتمرات الشباب بحضور السيد رئيس الجمهورية، فتشهد هذه المؤتمرات تفاعلاً ونجاحاً ملحوظاً، كما تطورت واتسع نطاقها خلال العامين الأخيرين لتصبح حدثاً مصرياً عالمياً في ضوء تنظيم واستضافة مدينة شرم الشيخ للمنتدى السنوي الثاني لشباب العالم في مطلع نوفمبر الجاري، مشيرة إلي دور المرأة في تنفيذ رؤية مصر 2030، منوهة عن وجود 8 حقائب وزارية في الحكومة المصرية الحالية تشغلها المرأة، وهو ما يمثل ربع عدد أعضاء الحكومة(25%).
وحول النتائج الايجابية لإصلاحات الحكومة، قالت الوزيرة: إن «أهمها تمثل في تحقيق الاقتصاد المصري أعلى معدل نمو سنوي منذ عشر سنوات بلغ 5.3٪ خلال العام المالي (2017/2018)، وتحقيق المعدل ذاته في الربع الأول من العام المالي الجاري (2018/2019)، مقارنة بنمو قدره 2.9% في عام (2013/2014)، كذلك انخفاض معدل البطالة إلى 9.9%، مقارنة بـ13.2% في عام (2013/2014)، وتحقيق ميزان المدفوعات فائضاً في عام (2017/2018) بلغ نحو 12.8 مليار دولار، مقارنة بعجز قدره 11.3 مليار دولار في عام (2011/2012)، فضلا عن ارتفاع حجـم احتياطيات النقـــد الأجــنبي من 14.9 مليـار دولار (في يونيـو 2014) إلى 44.5 مليـار دولار (في أكتوبر 2018)، لتُغطي تسعة أشهر من الواردات السلعية بعد أن كانت تغطي ثلاثة أشهر فقط».
وأضافت «السعيد» أن الربع الأول من العام الحالي «2018/2019» شهد الانتهاء من تنفيذ 460 مشروعاً بلغت تكلفتها الاستثمارية 27 مليار جنيه في عدد كبير من القطاعات في مقدمتها: الكهرباء والإسكان والبترول والتعليم، كما تعززت هذه النتائج الإيجابية بالنظرة المتفائلة من قبل وكالات التصنيف الائتماني والمؤسسات الدولية للاقتصاد المصري، فتحسّن التصنيف الائتماني لمصر (من مستقر إلى إيجابي)، كما أبقى صندوق النقد الدولي على نظرته الإيجابية للاقتصاد المصري بتوقع تحقيق معدل نمو بواقع 5.3% خلال عام 2018 الجاري، و5.5% في 2019.
وحول برنامج عمل الحكومة خلال (2018-2022)، أكدت الوزيرة علي إعطاء أولوية قصوى لحماية الأمن القومي المصري، واستمرار العمل على الاستثمار في البشر من خلال وضع خطة لبناء الإنسان المصري، مع الاستمرار في رفع معدلات النمو الاقتصادي المستدام من خلال تعزيز دور الاستثمار الخاص في دفع هذا النمو بمواصلة الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال، خاصةً ما يتعلق بميكنة إجراءات تأسيس الشركات وتبسيطها وخفــض تكلفتها، والتوسع في المناطق الحرة، وإنشاء 12 منطقة استثمارية جديدة، وتأسيس منصة شاملة لتحفيز بيئة ريادة الأعمال، مضيفة أن الحكومة تولي أهمية كبيرة لإعطاء دفعة تنموية للقطاعات الواعدة ذات القيمة المضافة والتي تتمتع بعلاقات تشابكية قوية مع باقي القطاعات مثل (الصناعة التحويلية – تجارة الجملة والتجزئة- السياحة- الإنشاءات والأنشطة العقارية والمرافق-الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات- نشاط الاستخراج – الزراعة)، مشيرة إلي أن برنامج عمل الحكومة يتضمن محوراً رئيسياً لتحسين مستوى معيشة المواطنين، بإنشاء 14 مدينة جديدة من مدن الجيل الرابع على مساحة 450 ألف فدان، والتوسع في تقديم وحدات الإسكان المناسبة لكافة المواطنين بإنشاء 764 ألف وحدة سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي وحوالي 400 ألف وحدة أخرى بالإسكان المتوسط، وإنشاء 1600 كم بشبكة الطرق القومية، وتحسين خدمات مياه الشرب بتنفيذ 265 مشروع فضلاً عن 594 مشروع لتطوير خدمات الصرف الصحي، والتوسع في شبكات الأمان الاجتماعي من خلال برنامج تكافل وكرامة (ليغطي حوالي 18 مليون مواطن).
وحول الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أوضحت وزيرة التخطيط أنه يأتي ضمن هذه الآليات انشاء صندوق مصر السيادي (بقرار السيد رئيس الجمهورية في أغسطس 2018 بإصدار القانون رقم 177 لسنة 2018 برأس مال مرخص به 200 مليار جنيه ورأس مال مدفوع 5 مليار جنيه مصري)، والذي يهدف إلى تعبئة الموارد، وتعظيم الاستفادة من إمكانيات وأصول وموارد الدولة غير المستغلة؛ لتعظيم قيمتها وزيادة الاستثمار المشترك مع القطاع الخاص والمؤسسات الاستثمارية والصناديق السيادية العربية والدولية، وذلك من أجل إعطاء دفعة قوية لتحقيق التنمية المستدامة التي تراعي مصالح وحقوق الأجيال القادمة.
وفي نهاية كلمتها، اقترحت وزيرة التخطيط أن يتبني الأسبوع العربي للتنمية المستدامة 2018 توصية بإنشاء مرصد تنموي على مستوى الدول العربية تحتضنه الجامعة العربية، ليعمل هذا المرصد على متابعة النتائج والإنجازات المتحققة في الدول العربية في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأن يعمل كذلك على دعم الجهود الوطنية العربية لتحقيق هذه الأهداف في ضوء ما تمتلكه الدول العربية من فرص وإمكانيات، مشيرة إلى استعداد مصر للتعاون التام مع أشقائها العرب في إنشاء ودعم دور هذه المرصد في ضوء ما تمتلكه من خبرات في هذا المجال من خلال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.