أصدر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بيانا عن مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى فى قنصلية بلاده بإسطنبول، فى 2 أكتوبر الماضى، ولم يقدم ترامب فى بيانه توضيحا حاسما بشأن ما إذا كان لولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، دورا أم لا، وأكد أن السعودية حليف قوى لأمريكا، وتساعد فى كثير فى الملفات، وأن أمريكا يجب أن تضع مصالحها أولا، وقال ترامب «إن الأمر بالنسبة لى بمنتهى البساطة، أمريكا أولا، لن أدمر اقتصاد العالم، ولن أدمر اقتصاد بلادنا بالتصرف بحماقة مع السعودية».
وفى بيانه الذى صدر مساء الإثنين، بعنوان: «أمريكا أولا»، لم يذكر ترامب إذا كان قد اطلع على تقييم الاستخبارات أم لا، وقال: «تواصل وكالاتنا الاستخباراتية تقييم جميع المعلومات، لكن من المحتمل جدا أن يكون ولى العهد على علم بهذا الحدث المأساوى، ربما كان وربما لم يكن!»، بحسب نص التقرير الذى نشرته شبكة «سى.إن.إن»، الأمريكية.
وقال البيان «إن إيران، على سبيل المثال، هى المسؤولة عن حرب دموية بالوكالة ضد السعودية فى اليمن، وتحاول زعزعة استقرار محاولات العراق الهشة نحو الديمقراطية، وتدعم جماعة حزب الله الإرهابية فى لبنان، وتدعم الديكتاتور بشار الأسد فى سوريا، الذى قتل الملايين من مواطنيه، وأكثر من ذلك بكثير، وبالمثل، قتل الإيرانيون العديد من الأمريكيين وغيرهم من الأبرياء فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، تقول إيران علناً، وبقوة كبيرة، «الموت لأمريكا!» و«الموت لإسرائيل!»، تُعتبر إيران «الراعى الرئيسى فى العالم للإرهاب».
وأضاف البيان: ومن ناحية أخرى، فإن السعودية ستنسحب بكل سرور من اليمن إذا وافق الإيرانيون على المغادرة، وسيقدمون على الفور المساعدة الإنسانية المطلوبة بشدة، بالإضافة إلى ذلك، وافقت السعودية على إنفاق مليارات الدولارات فى قيادة الحرب ضد الإرهاب الإسلامى الراديكالى»، وقال: «بعد رحلتى التى شهدت مفاوضات كبيرة إلى السعودية، العام الماضى، وافقت المملكة على إنفاق واستثمار 450 مليار دولار فى الولايات المتحدة، هذا هو مبلغ قياسى من المال، سيخلق مئات الآلاف من فرص العمل، وتنمية اقتصادية هائلة، وثروة إضافية كبيرة للولايات المتحدة، ومن أصل 450 مليار دولار، سيتم إنفاق 110 مليارات دولار على شراء معدات عسكرية من بوينج ولوكهيد مارتن ورايثيون، والعديد من كبار مقاولى الدفاع الأمريكيين، إذا قمنا بإلغاء هذه العقود بحماقة فإن روسيا والصين ستكونان المستفيدين الهائلين، ويسعدان للغاية بالحصول على كل هذه الأعمال الجديدة. ستكون هدية رائعة لهما مباشرة من الولايات المتحدة!».
وقال البيان: «الجريمة ضد خاشقجى كانت رهيبة، وهى جريمة لا تتغاضى بلادنا عنها، فى الواقع، لقد اتخذنا إجراءات قوية ضد أولئك الذين سبق أن عُرف أنهم شاركوا فى القتل، بعد بحث مستقل كبير، نعرف الآن الكثير من التفاصيل عن هذه الجريمة الرهيبة، لقد فرضنا بالفعل عقوبات على 17 سعوديًا معروفين بتورطهم فى قتل خاشقجى، والتخلص من جثته».
وأوضح ترامب: «يقول ممثلو السعودية إن جمال خاشقجى كان (عدوا للدولة) وعضواً فى جماعة الإخوان المسلمين، لكن قرارى لا يستند بأى حال على هذا، إنها جريمة غير مقبولة وفظيعة، وينفى العاهل السعودى، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولى العهد، الأمير محمد بن سلمان، بشدة أى علم بالتخطيط أو تنفيذ جريمة قتل خاشقجى، تواصل وكالاتنا الاستخباراتية تقييم جميع المعلومات، لكن من المحتمل جدا أن يكون ولى العهد على علم بهذا الحدث المأساوى، ربما كان وربما لم يكن!».
وأضاف: «ومع ذلك، قد لا نعرف أبداً جميع الحقائق المحيطة بقتل خاشقجى، على أى حال، بالنسبة لعلاقتنا مع السعودية، لقد كانوا حليفا عظيما فى حربنا المهمة جدا ضد إيران، تنوى الولايات المتحدة البقاء شريكا ثابتا للسعودية لضمان مصالح بلدنا وإسرائيل وجميع الشركاء الآخرين فى المنطقة، هدفنا الأسمى هو القضاء التام على تهديد الإرهاب فى جميع أنحاء العالم!».
وأكد ترامب: «أدرك أن هناك أعضاء فى الكونجرس يرغبون، لأسباب سياسية أو غيرها، فى الذهاب نحو اتجاه مختلف، وهم أحرار فى فعل ذلك، سأدرس فى أى أفكار تقدم لى، ولكن فقط إذا كانت متسقة مع الأمن والسلامة المطلقين لأمريكا، بعد الولايات المتحدة، السعودية هى أكبر دولة منتجة للنفط فى العالم، لقد عملوا معنا بشكل وثيق وكانوا مستجيبين للغاية لطلباتى بالحفاظ على أسعار النفط عند مستويات معقولة، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة للعالم، بصفتى رئيساً للولايات المتحدة، أعتزم أن أضمن، فى عالم خطير جداً، أن تواصل أمريكا السعى من أجل مصالحها وتنافس بقوة البلدان التى ترغب فى التسبب بضرر لنا، ببساطة شديدة يطلق عليها: (أمريكا أولا!)».
ودافع ترامب عن بيانه، وقال إنه لن يتخلى عن السعودية واستثماراتها بسبب مقتل خاشقجى، وقال، فى تصريحات للصحفيين بعد البيان الذى أصدره، إن الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى.آى. إيه» لم تتوصل إلى تقييم «حاسم ونهائى» بشأن مقتل خاشقجى، وأضاف ترامب: «ربما فعل وربما لم يفعل»، فى إشارة إلى ولى العهد السعودى.
واعتبر ترامب أنه سيكون «خطأ كبيرا» أن يتخلى عن العلاقة مع السعودية بسبب قضية خاشقجى، وقال إنه «لن نتخلى عن مئات ملايين الدولارات ونسمح لروسيا والصين بالحصول عليها»، وأضاف ترامب: «إذا انفصلنا عنهم فإن أسعار نفطكم سوف تخترق السقف»، وتابع: «إنها معادلة بسيطة جدا بالنسبة لى، الأمر بالنسبة لى هو أن تكون أمريكا عظيمة مجددا وأن تكون أمريكا أولا»، وأكد أنه لن يسمح بـ«تدمير» الاقتصاد الأمريكى بسبب مقتل خاشقجى، وهاجم ترامب إيران مجددا، قائلا إن العالم يحتاج إلى ثقل موازن من أجل مواجهة إيران، مضيفا: «إذا تخلينا عن السعودية سيكون خطأ كبيرا جدا». وكان من المقرر أن يتسلم ترامب تقييم الاستخبارات الأمريكية بشأن مقتل خاشقجى، الإثنين، بعد تردد أنباء أن تقييم «سى.آى.إيه» توصل إلى أن العملية «لم تكن لتحدث دون علم» الأمير محمد بن سلمان، وهو ما نفته السلطات السعودية، وقال ترامب إنه سيجتمع بالأمير محمد بن سلمان فى قمة مجموعة العشرين فى الأرجنتين، الأسبوع المقبل، إذا حضر ولى العهد.
وشكر ترامب، الأربعاء، السعودية، الثلاثاء، على انخفاض أسعار النفط، بعد تعهده بأن واشنطن ستبقى «شريكا راسخا» للمملكة رغم قتل جمال خاشقجى. وقال ترامب عبر «تويتر»: «أسعار النفط تنخفض. رائع!، هذا بمثابة خفض كبير للضرائب بالنسبة لأمريكا والعالم. استمتعوا!»، مشيرا إلى أن سعر البرميل بات بـ«54 دولارا، بعدما كان 82 دولارا». وأضاف: «شكرا للسعودية، فلنخفضها أكثر».
وقالت مصادر بالإدارة الأمريكية إن التقرير الذى قدمته «سى. آى. إيه» لمقتل خاشقجى يعطى البيت الأبيض «مخرجا»، وأوضحت المصادر أن التقييم لا يقدم نتيجة نهائية للمعلومات الاستخباراتية التى جمعت حول مقتل خاشقجى، رغم أن المعلومات والتقييم يعد «عالى الثقة»، وقال مصدر فى الإدارة الأمريكية لشبكة «سى.إن.إن» إن التقييم قدم للبيت الأبيض على «صورة مادية» على شكل ملف ملموس ويتضمن كل المعلومات الاستخباراتية التى جمعت حول القضية، ولكنه لم يتضمن «نتيجة نهائية».