اجتاح المغول العالم الإسلامى بقيادة جنكيز خان وكان أول ما واجهوا فى طريقهم بلاد الشام فاكتسحوها وخربوها إلى أن وصلوا دمشق واستولوا عليها فى مارس 1260 ومات الخاقان الأعظم للمغول منكو خان، واستُدْعى أولاد وأحفاد جنكيز خان لانتخاب الخان الأعظم الجديد فرجع هولاكو وترك فى بلاد الشام جيشاً قوامه عشرون ألف جندى بقيادة كتبغا نوين النسطورى الذى استولى على بيت المقدس وكان يحكم دولة المماليك المنصور نور الدين بن المعز أيبك وهو صبى صغير عمره 15 سنة، فقام السلطان المظفر سيف الدين قطز من المماليك البحرية بخلعه، وكان الخوف من التتار مستشريا فى المجتمع الإسلامى وعمل قطز على رفع الروح المعنوية لدى المسلمين.
واستمال منافسيه فى الشام وكان ممن انضم إليه بيبرس البندقدارى وقبل مغادرة هولاكو بلاد الشام أرسل رسالة إرهاب وتخويف لقطز بأنه سيصيبه مصير مماثل هو وبلاده، وعقد سيف الدين قطز اجتماعا مع وجهاء الدولة وعلمائها، كان من بينهم العز بن عبدالسلام، وتم الاتفاق على القتال وخطب قطز فى أمراء المماليك قائلا: «يا أمراء المسلمين، لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبنى» وقد استشار قطز ببيرس البندقدارى فأشار عليه بقتل الرسل، والزحف إلى كتبغا، وفى أغسطس 1260 خرج قطز يسبقه بيبرس الذى واجه طلائع جنود المغول قرب غزة، وانتصر عليهم.
واتجه قطز إلى غزة ومنها إلى شمال فلسطين ولاقى كتبغا جيش المسلمين فى عين جالوت. فى 25 رمضان 658 هـ/ فى مثل هذا اليوم 3 سبتمبر 1260 وقام بتقسيم جيشه لمقدمة بقيادة بيبرس، وبقية الجيش اختبأت بين التلال وفى الوديان المجاورة فى حالة هجوم مضاد، وقام بيبرس بهجوم سريع ثم انسحب متظاهراً بالانهزام لاستدراج المغول فى حين قام قطز بهجوم مضاد كاسح، ومعه الفرسان الكامنون فوق الوادى، وانطلت الحيلة على كتبغا فحمل بكل قواه على مقدمة جيش المسلمين واخترقه وبدأت المقدمة فى التراجع إلى داخل الكمين، وخرج قطز ورجاله وحاصروا جيش كتبغا، الذى حمل بعنف على مقدمة جيش المسلمين فاندحرت ميسرة المسلمين،
وعندئذ ألقى قطز خوذته على الأرض وصاح «واإسلاماه»، وحمل بنفسه وبمن معه حتى استطاعوا أن يشقوا طريقهم داخل صفوف المغول ولم يمض كثير من الوقت حتى هُزِم الجيش المغولى وسقط كتبغا صريعا، وبعد المعركة قام ولاة المغول فى الشام بالهرب، فدخل قطز دمشق فى 27 رمضان 658 هـ.