x

بالفيديو..قدرى جميل عضو لجنة تعديل الدستور السوري: «الربيع العربى» تجربة لحرب عالمية مصغرة *

الخميس 15-12-2011 15:55 | كتب: شاهر عيّاد |
تصوير : شاهر عيّاد

قال الدكتور قدرى جميل، عضو لجنة صياغة الدستور الجديد، رئيس تحرير صحيفة «قاسيون»، عضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، إن المشروع الذى تعمل عليه اللجنة سينص علىأن سوريا جمهورية تعددية ديمقراطية، لا امتياز فيها لحزب على آخر إلا عبر صندوق الانتخاب، ما يعنى أن المادة التى تتحدث عن أن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع ستلغى فى الدستور الجديد.

جميل المولود عام 1952، حاصل على دكتوراه فى الاقتصاد من موسكو عام 1984، وهو أستاذ محاضر فى معهد تخطيط التنمية الاقتصادية فى دمشق، وعضو فى الحزب الشيوعى السورى منذ عام 1966، ورئيس تحرير صحيفة «نضال الشعب» الصادرة عن الحزب من عام 1991 حتى عام 2000.

■ لماذا انفجرت الأوضاع فى سوريا بهذا الشكل؟

- ما يجرى فى سوريا ظاهرة معقدة لا تختلف كثيراً عن السياق الجارى فى العالم وليس فقط فى البلدان العربية، هناك ظاهرة لها قيمة تاريخية تتكرر كل 100 عام، حسبما يقول العلماء والباحثون، تنزل الجماهير إلى الشارع، لكى تحل المهام التى تراكمت واستحق حلها. لذلك يجب التعامل مع التحركات الشعبية بكل جدية، هى ليست سحابة صيف عابرة، بل ظاهرة عميقة وطويلة المدى، وستستمر لعقود. علم الاجتماع يعرف هذا الشىء، وبالتالى من يعرف ذلك يجب أن يكون جاهزاً للتعامل معه انطلاقاً من موقعه.

 

■ ولكن حتى الآن النظام يتحدث عن مؤامرة خارجية؟

- هناك أمور كثيرة يمكن اللعب عليها لتشويه الحركة الشعبية، سوريا لم توقع على كامب ديفيد، وبالتالى الدور الوظيفى لسوريا بمعنى الموقف من المخططات الإمبريالية والإسرائيلية فى المنطقة مستمر، بغض النظر عن رأينا فى درجة استمراريته ودرجة عمقه، ولكن الشىء الذى لا يمكن إنكاره أنها لعبت دوراً أساسياً فى دعم المقاومات فى فلسطين ولبنان والعراق، وهذه المقاومات لعبت دوراً أساسياً فى تعثر المخطط الأمريكى فى المنطقة.

ما يجرى فى المنطقة الآن هو محاكاة لحرب عالمية، لأن المخرج من الأزمات تاريخياً كان حروباً عالمية، الحرب العالمية الأولى والثانية كانا سببهما أزمات اقتصادية، ولكن كل حرب إذا كان سببها أزمة، فإن من نتائجها إعادة توازن معين، واختراق تقوم به قوى لم يتوقعها أحد هى الطرف الآخر، لذلك يمكننا أن نتوقع أن تؤدى هذه الأزمة إلى صدام كبير فى مكان ما، ولكن بما أن الصدام لا يمكن أن يكون بين الكبار كالسابق كون أنيابهم كلها نووية، وهذا انتحار، فإننا نتجه نحو «مينى حرب عالمية» فى المنطقة الأساسية التى يؤدى فقدانها إلى تهديد المصالح الأمريكية العالمية.

 

■ قلت إن الاحتجاجات لها ظروفها الموضوعية، والآن تتحدث عن انعكاس لواقع دولى؟

- الحراك له شروطه الموضوعية، ولكن كان يمكن دائماً التنبؤ بظهوره، هذا ليس عصياً على علم الاجتماع، ومع إمكانية التنبؤ بظهوره، بات ممكناً التحكم به عبر وسائل السيطرة الجديدة، خاصة وسائل الإعلام السياسية. كنا نحذر منذ عام 2005 من أخطار السياسات الاقتصادية الاجتماعية على الوضع وتحويله إلى كارثى، لأن سوريا كدولة ممانعة، يمكن النفاذ إليها ببساطة إذا ارتفع مستوى الاستياء الداخلى الاقتصادى الاجتماعى. فى سوريا القصة ليست مؤامرة، سوريا تتعرض لمؤامرات منذ الاستقلال، ولكن السؤال دائماً لماذا تنجح المؤامرات حيناً ولماذا تفشل حيناً آخر؟ ولماذا تنجح جزئياً وتفشل جزئياً فى حين ثالث؟ الإجابة تكمن فى مدى مناعة البنية الداخلية.

 

■ وهل البنية الداخلية ستبقى متماسكة فى ظل تعقد الأوضاع الإقليمية والأوضاع الميدانية؟

- هناك 3 قوى أساسية فى سوريا، هى النظام والمعارضة والشارع. المعادلة لا تستقيم بدون قوى الشارع، الكل يتحدث عن النظام والمعارضة، هذه المعارضة التى ذهبت إلى القاهرة واجتمعت فى جامعة الدول العربية، لا تؤثر إطلاقاً على حركة الشارع ولا علاقة لها بها، أى أن اللاعب الأساسى غير موجود، سيتفاوض النظام والمعارضة على شىء لا يملكانه، ولا يملكان التأثير عليه نهائياً. والحركة الشعبية ليس لديها ناطق من الأحزاب الموجودة الآن، وهى لم تفوض أحداً، وإذا حدث فإنها ستفوض أحداً من داخلها.. المشكلة الآن أن هناك متشددين فى كل الأماكن، فى النظام لا يفهمون إلا الحل الأمنى، مع أن الإجراءات الأمنية العسكرية لا تجدى نفعاً، المطلوب إجراءات اجتماعية اقتصادية، وفى المعارضة أناس مواقفهم غير مفهومة، لا يريدون الحوار، منذ 8 أشهر الأزمة مستمرة فى سوريا، ولم يستطيعوا إسقاط النظام، ولا يريدون الحوار.. ماذا إذن؟

 

■ التدخل الأجنبى لم يعد مطروحاً إذاً؟

- التهديدات المتبادلة بين روسيا وأمريكا قصتها العقدة السورية. الأمريكان يظنون أنهم إذا سيطروا على سوريا فسوف تصبح المنطقة لهم تماماً، والروس يفكرون أن الأمريكان إذا أخدوا سوريا أصبحوا فى اليوم التالى فى جنوب روسيا. لذلك سوريا أصبحت خط الدفاع الأخير عن الأمن القومى الروسى، ولهذا لا أشك فى أن الموقف الروسى سيتجذر، فهو ليس مجرد تسجيل موقف، أو ظاهرة صوتية كما كان فى يوغسلافيا والعراق، وهو أبعد من تأييد دبلوماسى وسياسى. وهناك أمر ثالث، أنه فى سوريا ظهرت معارضة وطنية لها تأثير ما على الأرض، ولو أنها لا تظهر إعلامياً على الفضائيات الخارجية، ولكن لها وزن على الأرض، وهى المعارضة الوطنية للنظام، هذه المعارضة متشددة فى القضية الوطنية أكثر من النظام، وهى متشددة فى القضية الاقتصادية والاجتماعية لصالح الجماهير المسحوقة، وهى متشددة فى القضية الديمقراطية أكثر من القوى التى تريد ديمقراطية شكلية، لكن ليس عندها برنامج اقتصادى واجتماعى يحل المشكلة.

 

■ هذا يعنى أن الطريق مسدود؟

- يجب إحداث تغيرات بنيوية جذرية، وهى يمكن أن تجرى بالتحالف مع جزء من النظام، متضرر تاريخياً من قوى الفساد، الموجودة فى صفوفه، والتحالف مع جزء مهم من الحركة الشعبية المتضررة من هذه الأوضاع السابقة، لأن الشق السياسى لحل الأزمة تعبير عن نهج اقتصادى اجتماعى.

 

■ إذن أنتم ترفضون دعوات «إسقاط النظام»؟

- نحن من اللحظة الأولى أعلنا أننا ضد شعار إسقاط النظام، والذين يرفعون الآن شعار إسقاط النظام فى المجلس الوطنى، كانوا هم من يصيغ السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام عندما كنا نحن نعارضها، هم من أوصل البلاد إلى هنا.

 

■ كيف ترى الحل إذن؟

- يجب فرز النظام بين قوى الفساد والقوى المتضررة منها، وهذه القضية ليست قضية إرادة ولكنها قضية موضوعية الواقع يفرضها، المقاومة الأساسية للإصلاح تجرى داخل النظام.

وهناك قوى مهمة فى النظام هى ليست فى موقع صنع القرار، ولكنها كتلة مهمة لها مصلحة فى حل جذرى سلمى باتجاه التغيير، وأى معارض لا يفهم هذه الحقيقة، فهو لا يعمل فى السياسة.

مشكلة بعض المعارضين أنهم يتعاملون مع النظام على أنه «بلوك» ويحكمون عليه بالإعدام كتلة واحدة، وبما أنهم غير قادرين على الفعل السياسى لأنهم لا يمثلون الحركة فى الشارع، يكتفون بالتمنى بسقوط النظام، على يد أحد ما، دون أن يورطوا أنفسهم بشبهة، ثم يستفيدون من النتيجة. هناك طريقتان لكسر قشرة البيضة، من الخارج لتلتهمها، أو من الداخل ليظهر مولود جديد، التدخل الخارجى هو كسر للبيضة من الخارج لالتهامها، ونحن نريد منع التدخل، لكى يولد المولود الجديد ويكسر قشرة البيضة من الداخل بإمكانياته.

 

■ وهذا ما تحاولون القيام به فى لجنة صياغة التعديلات الدستورية؟

- لجنة تعديل الدستور قطعت خطوات كبيرة، ووضعت مبادئ دستورية عامة، الهدف الوصول إلى سوريا جمهورية ديمقراطية تعددية، لا امتياز لأى حزب فيها على الحزب الآخر، صندوق الاقتراع هو الحكم، وهو الذى يقرر، دولة ذات سيادة، غير قابلة للتجزئة، مضمونة فيها كل المكاسب الاجتماعية والاقتصادية التى تحققت تاريخياً.

 

■ نفهم إلغاء المادة الثامنة؟

- نعم ممكن تفهم ذلك، ولكن نحن لجنة فنية سياسية حقوقية، نقدم مشروعاً، ثم هناك حسب الدستور، هيئات هى التى تقرر، رئيس الجمهورية ومجلس الشعب، والنسخة الأخيرة هى التى تطرح على الاستفاء. ما نقدمه هو تعبير أولى عن المزاج والاتجاه العام. وليس النسخة الأخيرة التى ستعرض على الاستفتاء. والمناخ العام مع نظام سياسى تعددى، هناك إجماع حول ذلك. لم ألمس بلجنة الدستور أى أحد متمسك بشكل حكم نظام الحزب الواحد.

شاهد الفيديو

 

* وقع خطأ فني تسبب في نشر أسئلة وإجابات إضافية من موضوع آخر، لم يتضمنها الحوار مع الدكتور قدري جميل، وتم تعديل المحتوى المنشور ليطابق نص الحوار.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية