بعد مرور 96 عامًا على اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون- 1354- 1345 قبل الميلاد»، الملك الطفل الذي نقل مصر إلى العالم ونقل العالم إلى مصر، والتي توافق يوم الرابع من نوفمبر في كل عام وهو التاريخ الذي أخذته مدينة الأقصر عيدًا قوميًا لها لا يزال توت عنخ آمون يثير الجدل بين المصريين وغيرهم من علماء المصريات في العالم، حيث تحتفل محافظة الأقصر بذكرى مرور 96 عاما على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون الفرعون الذهبي، بافتتاح مشروعات أثرية جديدة وإقامة معارض فنية وعروض فلكلورية في المدينة وبين معالمها الأثرية والتاريخية.
محافظة الأقصر عقدت العديد من الاجتماعات لإحياء هذه الذكرى التي تتواكب مع العيد القومي للمحافظة، وسط أجواء وطقوس تتسم بسحر وغموض الفراعنة، وعبق ورائحة احتفالات مصر الشعبية، بإقامة مجموعة من الفعاليات والأنشطة الفنية والفكرية والثقافية التي تستمر حتى نهاية نوفمبر الجاري، ويشارك في إقامتها المؤسسات الأثرية والثقافية في الأقصر، مثل مكتبة الأقصر العامة وكلية الفنون الجميلة ومتحف التحنيط ومتحف الأقصر ومنطقة آثار مصر العليا وهيئة قصور الثقافة ويقام في كلية الفنون الجميلة معرض فني إحياءً للمناسبة وموسم ثقافي خاص يقيمه قطاع المتاحف المصرية ويحاضر في الفعاليات الفكرية والثقافية الخاصة بإحياء الذكرى 96 لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عددا من علماء المصريات وأساتذة الفنون والآثار.
وستؤرخ وتناقش وتحلل تلك الفعاليات الفكرية والثقافية التي تقام في الذكرى 96 لاكتشاف مقبرة الملك الفرعوني الصغير توت عنخ آمون أحداث الاكتشاف لحظة بلحظة منذ رفع العمال – في الرابع من نوفمبر عام 1922 – لأول عتبة حجرية في السلم المؤدى للمقبرة وحتى فتحها للزيارة وهو الاكتشاف الذي استأثر بخيال العالم ولا يزال يستأثر به حتى اليوم، وإلقاء الضوء على شخصية المكتشف الإنجليزي هيوارد كارتر واكتشافاته الأثرية ومنطقة وادي الملوك قبل وبعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون واهم الاكتشافات التي شهدتها الأقصر وعشاق الأقصر من علماء المصريات في العالم والأقصر في العصور الإسلامية والمسيحية والرومانية والأقصر بين الأمس واليوم.
وقال الباحث في علوم المصريات، فرنسيس أمين، إن يوم الرابع من نوفمبر عام 1922، الذي اتخذته محافظة الأقصر عيدا قوميا لها، يعد من الأيام الفارقة في تاريخ الآثار وعلوم المصريات، ففي ذلك اليوم التاريخي عثر المستكشف البريطاني هيوارد كارتر على الكنز المخبأ بمقبرة توت عنخ آمون، كاملا كما كان قبيل أكثر من ثلاثة آلاف عام، فوجد المقاصير والتوابيت والتماثيل والمجوهرات الذهبية والأثاث والمحاريب والأواني.
وتعد هذه المجموعة، وفق فرنسيس أمين، الأكثر شهرة بين مجموعات الآثار والكنوز الفرعونية التي عثر عليها بمقابر ملوك وملكات مصر القديمة.
من جانبه يقول أيمن أبوزيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية الأثرية والسياحية، إن احتفالات مصر بمرور 96 عاما، على اكتشاف مقبرة وكنوز الملك توت عنخ آمون، والتي تنطلق في أنحاء المدينة التاريخية، وعاصمة السياحة في العالم، والتي تكتسب طابعا خاصا، إذ تحل تلك الذكرى، وقد اقترب العالم من رؤية المجموعة الكاملة لكنوز وآثار الملك توت عنخ آمون، تحت سقف واحد في متحف الحضارة، أو ما يطلق عليه المتحف المصري الكبير.
وأشار «أبوزيد» إلى قرب وضع مومياء الفرعون الذهبي في فاترينة جديدة أهدتها إيطاليا لمصر، بهدف حماية المومياء من مخاطر التلف جراء تأثرها بظروف الطقس في داخل المقبرة، خاصة وأن هناك أثريين بينهم الدكتور أحمد صالح، الباحث المصري المتخصص في دراسة المومياوات، قد حذروا من تحول المومياء إلى رماد، خلال أقل من ثلاثين عاما.
ويقول الخبير السياحي، محمد عثمان، نائب رئيس الجمعية المصرية للحفاظ على السياحة الثقافية، إن احتفالات خاصة ستشهدها مدينة الأقصر، خلال نوفمبر الجاري، لإحياء للذكرى 96 لاكتشاف مقبرة وكنوز الملك توت عنخ آمون.
وأشار إلى أن تلك الاحتفالات تتضمن افتتاح مشروعات أثرية، وندوات ومؤتمرات وورش عمل، ومعارض فنية، وعروضا فلكلورية، وربما تتزامن الاحتفالات مع الإعلان عن تفاصيل العثور على كشف أثري جديد في مدينة الأقصر، الغنية بمعابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء ونبيلات مصر القديمة.
يذكر أن السبت الموافق للرابع من نوفمبر في عام 1922 كان بداية لكشف من أعظم الكشوفات الأثرية في القرن العشرين، ففي الساعة العاشرة من ذلك اليوم وبينما كان المستكشف الإنجليزي هوا رد كارتر – 1873 – 1939- يقوم بمسح شامل لمنطقة وادي الملوك الأثرية غرب مدينة الأقصر موفدا من قبل اللورد هربرت ايرل كارنافون الخامس – 1866- 1923 – عثر على أول عتبة حجرية توصل عبرها إلى مقبرة الملك الصغير توت عنخ آمون وكنوزها المبهرة. حيث عثر هوا رد كارتر على كنز توت عنخ آمون بكامل محتوياته دون أن تصل له يد اللصوص على مدار أكثر من ثلاثة آلاف عام، إذ حوى الكنز المخبأ على مقاصير التوابيت وتماثيل الملك الصغير والمجوهرات الذهبية والأثاثات السحرية والعادية والمحاريب الذهبية والأواني المصنوعة من الخزف، وقد أعطت محتويات المقبرة لعلماء الآثار فرصة فريدة للتعميق في معرفة طبيعة الحياة في عصر الأسرة الثامنة عشرة – 150- 1319 قبل التاريخ – والتي تعد فترة ذات أهمية خاصة في تاريخ مصر القديمة.