بدأ المجلس المركزى لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثانى أعلى هيئة تشريعية فلسطينية، اجتماعاته فى مقر الرئاسة برام الله، أمس الأول، وتصدرت جدول أعماله مناقشة العلاقة مع الإدارة الأمريكية وإسرائيل والمصالحة الفلسطينية، وفى تحد لإدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، قال الرئيس الفلسطينى محمود عبّاس «أبو مازن» إنّه إذا كان وعد بلفور المؤسّس لدولة إسرائيل قد مرّ قبل قرن من الزمن فإنّ «صفقة القرن لن تمرّ»، فى إشارة إلى خطّة السلام التى تعهد الرئيس الأمريكى بالكشف عنها لحل الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، وأكد «أبو مازن» فى خطابه أمام الاجتماع «وحدة الأراضى الفلسطينية»، قائلا إنه «لا دولة فى قطاع غزة ولا دولة دون غزة».
وقال «أبو مازن» إنّ «وعد بلفور كان البداية، وهو أساس المشكلة، وإذا مرّ وعد بلفور فلن تمرّ صفقة القرن»، ويعتبر وعد بلفور، الذى قطعه فى 1917 وزير الخارجية البريطانى آنذاك، اللورد آرثر بلفور، وتعهّد فيه باسم المملكة المتّحدة بإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين، الخطوة العمليّة المؤسِّسة لدولة إسرائيل. وأضاف «أبو مازن» مخاطباً أعضاء المجلس المركزى: «أنتم اليوم أمام لحظة تاريخية يجب أن تنتبهوا إليها جيداً، ما زالوا يتحدّثون عن صفقة العصر، وإنّهم سيقدّمونها بعد شهر أو شهرين، لكنّهم قدّموا كل صفقة العصر ولم يبق منها شىء».
واتهم «أبو مازن» واشنطن وإسرائيل بمحاولة شطب قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين، وقال «إنّهم نقلوا السفارة إلى القدس، وحقّ اللاجئين يحاولون أن ينهوه، وترامب قال بكل وقاحة إنّ اللاجئين 40 ألفاً.. يخرب بيتك من وين جبت 40 ألفاً؟!»، وأضاف: «قالوا إنهم 40 ألفاً فقط من أجل إنهاء قضيتهم، وأنا أقول إنّها لم تنته». وقال مخاطبا ترامب: «القدس بلعتها ونقلت سفارتك إليها، اللاجئون وحق اللاجئين أنهيته وأقفلت وكالة غوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وقلت بكل وقاحة اللاجئين 40 ألفا». وتابع عباس: «اللاجئون الذين خرجوا من فلسطين عام 1948- 1949عددهم 950 ألفا، والآن 6 ملايين، تقول لى 40 ألفا؟ لماذا 40 ألفا؟ علشان يقولوا انتهت قضية اللاجئين، لا لم تنته؟!».
وجدّد «أبو مازن» تأكيده مواصلة دفع رواتب المعتقلين الفلسطينيين فى سجون الاحتلال وأُسر الذين قتلهم الجيش الإسرائيلى، وهو ما تعارضه إسرائيل، وقال: «أقولها للجميع إنّ رواتب أسرانا وجرحانا خطّ أحمر، يحاولون بكل الوسائل ويضغطون- وما زالوا يضغطون لوقف صرفها، ولو أدى هذا إلى خصم أموالنا، هذا الأمر مقدّس والشهداء وعائلاتهم مقدّسون، اعملوا ما شئتم».
واتّهم الرئيس الفلسطينى حركة «حماس»، التى تسيطر على غزة، بالوقوف مع «أفكار الأعداء». وقال «أقول لـ(حماس) أنتم تقفون مع أفكار الأعداء الذى يريدون إقامة شبه دولة فى غزة وحكمٍ ذاتى فى الضفة الغربية». وشدّد «أبو مازن» على أنّ «القدس وفلسطين ليستا للبيع، ولا دولة فى قطاع غزة ولا دولة بدون غزة، ونرفض الدولة ذات الحدود المؤقّتة».
وفى المقابل، قالت «حماس»، فى بيان، إنها «تؤكد على عدم شرعية جلسة المجلس المركزى الانفصالى وترفض كل ما يصدر عنه من قرارات ضارة بالشعب الفلسطينى»، وقال فوزى برهوم، المتحدث باسم «حماس»، إنّ كلمة «أبو مازن» «خطاب تويترى»، وطالب برهوم «مكوّنات شعبنا بالوقوف أمام مسؤولياتهم تجاه تهديدات (عباس) باتخاذ أى قرارات لا مسؤولة تمسّ صمود شعبنا وأهلنا فى غزة»، وكانت السلطة الفلسطينية اتخذت عدة إجراءات عديدة فى غزة، منها إحالة الآلاف من موظفيها فى القطاع للتقاعد المبكر، وخصم ما بين 30 و50% من رواتب الموظفين العموميين، بهدف الضغط على «حماس» للتخلى عن سيطرتها على القطاع، وفق مسؤولين فى السلطة. ووصفت «حماس» تلك الإجراءات بـ«العقابية».
وكان المجلس المركزى، أعلى هيئة تشريعية على المستوى العام، اتّخذ قرارات قضت خصوصاً بوقف التنسيق الأمنى مع إسرائيل ودعوة اللجنة التنفيذية للمنظمة إلى إعادة النظر فى الاعتراف بالدولة العبرية. وقال عبّاس: «لقد اتّخذتم قرارات سابقة، وآن الأوان لتنفيذها، لأنّهم لم يتركوا لنا أى طريق للمصالحة ولا للتسوية ولم نعد نحتمل».
ويأتى اجتماع المجلس المركزى وسط حالة من الجمود السياسى بين إسرائيل والفلسطينيين منذ توقف المفاوضات الثنائية بين الطرفين فى عام 2014، وعقد المجلس اجتماعاته لمدة يومين فى ظل مقاطعة الجبهتين الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين وحركتى «حماس» والجهاد الإسلامى.
وفى آخر اجتماع له فى رام الله، قبل أشهر، أحال المجلس الوطنى الفلسطينى، الذى يمثل الفلسطينيين فى كافة أماكن تواجدهم، ويعتبر أعلى هيئة تشريعية فلسطينية، كافة صلاحياته إلى المجلس المركزى لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ومن جهة أخرى، طالبت منظمة التحرير الفلسطينية، محكمة الجنايات الدولية، بفتح تحقيق جنائى فى «جريمة» قتل 3 أطفال فلسطينيين، بقصف استهدفهم، مساء أمس الأول، قرب الحدود الشرقية جنوبى قطاع غزة. وقالت المنظمة، فى بيان، إن «المجتمع الدولى ومؤسساته الدولية مطالبون بالخروج عن صمتهم تجاه الجرائم المتواصلة التى ينفذها جيش الاحتلال». واتهمت الجيش الإسرائيلى بقتل الأطفال فى قطاع غزة «بشكل متعمد»، وأضافت: «المحكمة الجنائية الدولية مطالبة بفتح تحقيق فورى فى الجريمة».