استمع جهاز الكسب غير المشروع، برئاسة المستشار عاصم الجوهرى، مساعد وزير العدل، الإثنين، إلى أقوال الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، حول ثروة الرئيس السابق حسنى مبارك، التى قدرها فى حوار نشرته جريدة «الأهرام» على حلقات بأنها تتراوح بين 9 و11 مليار دولار.
حضر «هيكل» بصحبة مدير مكتبه إلى مقر الجهاز فى العاشرة صباحاً، ودخلا مباشرة إلى المستشار عاصم الجوهرى، الذى أخبر «هيكل» بأن مهمة العمل على استرداد الثروات المهربة من «مبارك» ونجليه مهمة قومية، وأنه يقدر كتاباته، وأن الجهاز يطالب جميع المصريين الذين يملكون أى معلومات عن أرصدة المسؤولين السابقين فى الخارج بالإدلاء بها لمساعدة اللجنة القضائية المشكلة من المجلس العسكرى للعمل على استعادة هذه الأموال.
وذكرت مصادر قضائية مطلعة على التحقيق أن «هيكل» قال أمام المستشار خالد سليم، رئيس هيئة الفحص والتحقيق بالجهاز، إن ما أدلى به فى الحوار مجرد معلومات متوفرة لديه، وإنه ليس خبيراً فى الأموال حتى يستطيع أن يحدد حجم أموال الرئيس السابق، مشيراً إلى أنه اطلع على تقارير وصفها بأنها دولية تؤكد بشكل موثق أن «مبارك» يمتلك ما بين 9 و11 مليار دولار فى بعض الدول الأجنبية، موضحاً أن نص كلامه فى جريدة ««الأهرام»» كان: «لقد كان هناك فساد واستغلال كبير فى عهد (مبارك)، ولكن على كل من يقذف بالأرقام أن يراجعها أولا بالعقل والمنطق، قبل القياس والحساب، ولابد من تحقيق فى كل ما جرى، ولابد من مسؤولية ومسؤولين، ولابد من حساب، لكن كل حساب له قواعد، وإذا كان هناك من يريد أن يتحدث عن ثروة (مبارك) فى الخارج فأنا لا أقتنع إلا بمعلومات موثقة من مصادر دورية محترمة، وفى الأرقام التى قرأتها بنفسى تقريران: تقرير بمعلومات متوافرة لدى البنك الدولى وهى متوافقة مع تقارير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وهى تتحدث عن هذه الأموال الموجودة فى الخارج وتقدرها فيما بين 9 و11 مليار دولار وهو رقم مهول».
وحسب المصادر فإن «هيكل» أوضح أنه اطلع على تقارير لاتحاد البنوك السويسرية والحكومة السويسرية، أوضحت أن هناك حسابات لـ9 أشخاص من عائلة «مبارك» موجودة فى بنوك سويسرا مقدارها 512 مليون فرنك سويسرى، أى 3 أرباع مليار دولار، مشيراً إلى أن هذا الرقم تأكد رسمياً تقريباً، لأن الوفد السويسرى الذى زار مصر مؤخراً لإبلاغها بحسابات أسرة «مبارك» فى سويسرا أشار إلى الرقم ذاته، وأبدى الوفد استعداد بلاده لإعادة الأموال إلى الحكومة المصرية فور صدور حكم قضائى.
وقال المستشار عاصم الجوهرى، فى بيان أصدره الإثنين، إن الجهاز لفت نظره أن كاتباً كبيراً مثل «هيكل» أدلى بدلوه بشأن ثروة الرئيس السابق، وقدرها فى حواره بأنها تتراوح بين 9 و11 مليار دولار، وأن تحقيقات الجهاز لم تتضمن هذا الرقم، فتم استدعاؤه من أجل أن يقف الجهاز على هذا التقدير ومعرفة من أين استقى «هيكل» المعلومات، وما إذا كان لديه ضوء يكشف عن هذه الثروة، إلا أن المفاجأة أنه عندما تم سؤاله عن هذا الرقم قرر أنه غير مسؤول عن عنوان الحوار الذى جاء فى الصفحة الأولى بجريدة «الأهرام»، الذى أشار إلى وجود أدلة موثقة عن ثروات «مبارك»، وألقى فى التحقيقات بالمسؤولية على الجريدة، مؤكداً أن مسؤوليته تقتصر على السياق فقط.
وأضاف البيان أن «هيكل» قرر فى التحقيقات أن حواره لم يكن عن ثروة «مبارك»، ولكن جاءت تصريحاته عن «مبارك» بسبب ما لاحظه من كم كبير من المبالغات فى تحديد حجم الثروة التى تناولتها ونشرتها الصحف المصرية، فضلا عن وسائل الإعلام الخارجية، وأضاف أن مصادره التى ارتكن إليها هى تقارير ودوريات دولية منشورة عن وكالات أنباء عالمية، وأن الوصول للحقيقة مهمة جهات التحقيق وليست مهمته كصحفى.
وتابع البيان: «انطلاقا من الدور الذى يقوم به الجهاز يود أن يضع بين يدى الرأى العام عدداً من الحقائق المهمة لتصل إلى جميع القائمين على الصحافة بجميع أطيافها ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة حتى يتأكد الجميع منها، أولاً: إن الوصول بالتحقيقات إلى غايتها يكون بالدليل الجازم المبنى على وثيقة أو مستند أو وسيلة قانونية قاطعة. ثانياً: إن إطلاق الأرقام الخاصة بالثروات بشكل جزافى من شأنه إشاعة وتضليل الرأى العام، لكونه يأخذ هذه الأرقام على أنها حقائق، رغم أنها أوهام من شأنها أن توقع المجتمع فى الشك، وتثير الفوضى. ثالثاً: إن الجهاز يناشد الجميع توخى الدقة والحذر، وأن يضع مصر وظروفها التى تمر بها نصب عينيه، ويهيب بكل المصريين تقديم ما لديهم من أدلة أو مستندات أو وثائق إلى جهات التحقيق وحدها، ورابعاً: يناشد الجهاز وسائل الإعلام ألا تقع فى غواية الرأى العام بناء على ظن لا يغنى عن الحق شيئا».
فى سياق متصل، قال «الجوهرى» لـ«المصرى اليوم»: «التحقيقات مع أسرة الرئيس السابق ما زالت مستمرة، فقد تم التحقيق مع سوزان مبارك وتم إخلاء سبيلها، كما تم التحقيق مع جمال مبارك داخل محبسه واعترف ببعض الأمور، وتعهد بتقديم مستندات، وقررنا حبسه كما استجوبنا الرئيس السابق وقررنا حبسه أيضاً، وسيتم التحقيق مع علاء وجمال الأسبوع المقبل، كما انتقل الجهاز لمعاينة قصر شرم الشيخ الذى اشتراه مبارك من رجل الأعمال الهارب حسين سالم، وأن جميع من تم التحقيق معهم من أسرة الرئيس السابق تمت مواجهتهم بتحريات هيئة الرقابة الإدارية، والتحقيقات مستمرة مع جميع المتهمين الذين تم إخلاء سبيلهم، انتظارا لتحريات جديدة».
وأضاف «الجوهرى» أن الجهاز لا يصدر قرارات من أجل الشارع، ولا يخشى أحداً عند إصداره قراراً بحبس أى مسؤول مهما كانت وظيفته أو سلطته، مؤكداً أنه لا سلطان على الجهاز.
وجدد الجهاز، الإثنين، حبس إيهاب محمد خليفة، مدير إدارة بشركة «غاز مصر»، أحد أقارب كمال الشاذلى، وزير شؤون مجلسى الشعب والشورى الراحل، 15 يوماً على ذمة التحقيقات، بعد مواجهته بتحريات إضافية تفيد اشتراكه مع الشاذلى بطريق المساعدة، فى إخفاء أموال وردت بطريقة غير مشروعة، من خلال استغلال الشاذلى وظيفته، وتورطه فى جريمة الكسب غير المشروع، فاعترف بارتكابه الجريمة.
وكشفت التحريات والتحقيقات أن «خليفة» اعتاد إخفاء مبالغ الكسب غير المشروع الخاصة بالشاذلى، وأنه يمتلك سلسلة «آيتن» للمطاعم والمشروعات، وشركة ميراج للدعاية والإعلان، وأن الشاذلى سجل هذه الممتلكات باسم إيهاب الذى نقلها بعد ذلك إلى ورثة الشاذلى، كما تبين أنه مساهم فى جريدة «الجماهير» رغم أنه لم يدفع مليما.
وواجه الجهاز، أمس، محمد عهدى فضلى، رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم السابق، الذى قرر الجهاز حبسه 15 يوما على ذمة التحقيق فى اتهامه بالكسب غير المشروع، بشأن الهدايا التى كانت تقدمها المؤسسات الصحفية إلى بعض المسؤولين، والحصول على مبالغ لا تتناسب مع مصادر دخله، ولم يصدر الجهاز قراراً حتى مثول الجريدة للطبع.