داخل مدينة البنتاجون، قال لنا مرافقنا: «البنتاجون مبنى ضخم للغاية ويحتوي على 10 ممرات تمتد لمسافة 17.5 ميل، نحو 28 كيلومترا وعلى الرغم من حجم البنتاجون الشاسع، فإن متوسط الوقت للمشي إلى أي نقطة به لا يتجاوز سبع دقائق، نظرا لتصميمه الهندسي متحد المركز، وممراته الحلقية في كل طابق، وبه 131 دّرج ثابت، فضلا عن 19 دّرجا متحركا، ولا يحتوي على أي مصاعد».
وتابع ضاحكًا رجاء لا تنفصلوا عن المجموعة، ففقد الاتجاه، والضياع في المبنى الضخم عادة محببة للجميع، فـ أنتم لستم أفضل حالا من الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور، الذي أضاع طريقة بعض الوقت داخل أروقة البنتاجون، كما حدث نفس الشيء لنائب الرئيس الأسبق ديك تشيني.
ومبنى البنتاجون أقرب لمدينة متكاملة، إذ يعمل به 26 ألف موظف، من العسكريين والمدنيين، وتشير أرقام الاستهلاك اليومي للعاملين بالبنتاجون، إلى استهلاك نحو 691 جالون مياه، و4500 كوب قهوة، و6800 مشروبًا غازيًا، في 284 غرفة استراحة، وست بارات للوجبات الخفيفة، ومطعم مفتوح للوجبات الخفيفة، ويتم إعداد الطعام وتقديمه للعاملين في وزارة الدفاع بمعرفة، شركات مدنية يتعاقد معها البنتاجون، مؤلفة من طاقم طهي يبلغ 230 شخصًا يعملون من خلال غرفة طعام واحدة.
كما يضم المبنى مركزا تجاريا لبيع الهدايا وبعض الملابس ويضم أكثر من 20 من أشهر مطاعم الوجبات السريعة والقهوة الأمريكية مثل؛ McDonald's وSubway وDunkin Donuts وStarbucks، وبالرغم أن عملية تقديم الوجبات والقهوة موكلة للقطاع الخاص، لكن البحرية الأمريكية تشرف على كل الخدمات الغذائية بالمبنى.
على جانبي ممرات البنتاجون كان هناك أفراد أمن، زيهم الأمني أشبه بالزى الذي تستخدمه الشرطة في الولايات المتحدة الأمريكية، باختلاف شارتهم التي تشير إلى انتمائهم إلى وكالة حماية البنتاجون The Pentagon Force Protection Agency) أو المعروفة اختصارا (PFPA)وأشار لنا مرافقنا بأنهم يتبعون (PFPA) وهي وكالة حكومية فيدرالية، وهي شرطة البنتاجون المكلفة بحمايته، والتي تم إنشائها في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، للتعامل مع أي هجمات غير تقليدية.
محتويات مدينة «البنتاجون»
1- قاعة الأبطال
تعد قاعة الأبطال، أكبر قاعة غير سرية، بالبنتاجون، وتضم القاعة بيانات وصور لـ أكثر من 3460 حائزا على وسام الشرف الأمريكي، أرفع وسام عسكري في الولايات المتحدة، وهناك ثلاثة نسخ مختلفة من وسام الشرف؛ نسخة الجيش، ونسخة البحرية (التي تشمل العاملين بالبحرية والمارينز وخفر السواحل)، ونسخة سلاح الجو، ويتم عرض بيانات الحائزين على جميع الإصدارات الثلاثة في قاعة الأبطال.
تمتد أسمائهم وصورهم وأسباب حصولهم على الوسام على طول جدران الغرفة، وقد افتتحت قاعة الأبطال خلال حفل توزيع جوائز وسام الشرف لأول مرة في 14 مايو 1968، وقام الرئيس ليندون جونسون، وقتها بمنح وسام الشرف لأربعة جنود: تشارلز سي. هاجميستر، من الجيش الأمريكي؛ والرقيب ريتشارد بيتمان، من مشاة البحرية الامريكية، وكلاس جيمس ويليامز، من البحرية، والنقيب جيرالد ايه يونج، من القوات الجوية.
وكانت قاعة الأبطال تقع في الطابق الثاني من البنتاجون، إلا انه مع تجديد البنتاجون، في 2001، تم نقل القاعة إلى موقعها الحالي في البهو الرئيسي بالطابق الأول.
Cafe Ground Zero
بعد قاعة الأبطال توجهنا للاستراحة 10 دقائق بالحديقة الوسطى بالبنتاجون، وهي أكبر منطقة مكشوفة في أي منطقة عسكرية أمريكية، ويسمح بها بتناول المشروبات والوجبات السريعة المجهزة بمعرفة كافيتريا الحديقة، حيث بطبيعة الحال لا يسمح بجلب أي طعام أو شراب من خارج المبنى.
وقال لنا مضيفنا: «مرحبا بكم في Cafe Ground Zero، أو كافيتريا الموقع صفر، مشيرا إلى أن هذه هي أسخن نقطة في البنتاجون، حيث يتوسط المبنى الخماسي حديقة صغيرة تمتد لخمسة فدادين، تتوسطها كافيتريا صغيرة لتناول المشروبات والوجبات السريعة».
وتابع وهو يحاول إخفاء ابتسامه ظاهرة: «هل تعرفون أنكم أمام بوابة المدخل السري للبنتاجون؟!».
لم نحاول أن نفهم الدعابة لأنه تابع: «الاتحاد السوفيتي ظن لسنوات عديدة أثناء الحرب الباردة أن هذه الكافيتريا البسيطة هي المدخل السري للغرف المحصنة للبنتاجون تحت الأرض، وكانت أقماره الصناعية موجهة لهذه النقطة بالتحديد، حيث كان الضباط يدخلون الكافيتريا ذات الأبواب المتعددة ويمكثون بعض الوقت ويخرجون من أبواب مختلفة، فظن الخبراء السوفيت، انه المدخل السري لغرف العمليات النووية أو غرف العمليات الإستراتيجية أو كثير من الأساطير التي أحاطت بتلك الفترة».
ولفت ضابط المارينز المسؤول عن مرافقتنا، أن سبب تسمية الحديقة الوسطى باسم Cafe Ground Zero، لأنه كان يعتقد خلال الحرب الباردة إلى أن هذه النقطة بالتحديد (لأنها تتوسط البنتاجون) الهدف رقم واحد على قائمة الأهداف المحتملة للإتحاد السوفيتي، في حال اندلاع حرب بين البلدين، وبالرغم من انهيار الإتحاد السوفيتي بعد ذلك ونهاية الأساطير التي نسجت حول Cafe Ground Zero، إلا انه استمر إطلاق عليها نفس الاسم كجزء من التراث الذي صاحب الحرب الباردة.
الممر الاسترالي
بعد استراحة الحديقة الوسطى، تم اصطحابنا إلى ما يعرف بالممر الأسترالي، وأوضح لنا أحد مرافقينا أن أكبر محيطات العالم تفصل الأمريكيين عن حلفائهم الاستراليين والنيوزيلنديين واللذان قاتلا جنبا إلى جنب خلال الحرب العالمية الثانية، كما تتشارك القوات المسلحة في تلك البلاد في عمليات للسلام والأمن في سائر أنحاء العالم.
وقد تم افتتاح هذا الممر، في أبريل 2015، تأكيد على الصداقة بين الحلفاء المطلين على المحيط الهادئ، كما يعرض الممر جانب من المعارك التي خاضتها الجيش الأمريكي والجيشين الاسترالي والنيوزلندي،
وتشير المعلومات والقصص المعروضة على جانبي الممر، للشراكة بين الدول المتشاطئة على جانبي المحيط الهادئ، في أفغانستان، حيث خدمت قوات عسكرية من الدول الثلاث جنبًا إلى جنب، وفي أفريقيا حيث عملت طواقم طبية على مكافحة فيروس إيبولا، كما لا تزال الدول الثلاثة تقاتل جنبا إلى جنب في الشرق الأوسط للقضاء تماما على أي قدرات لتنظيم داعش الإرهابي، حيث يوجد بالعراق جنود استراليون ونيوزيلنديون يعملون بجانب حلفائهم في الولايات المتحدة ضمن التحالف الدولي ضد داعش.
على جانبي الممر الرابط بين الجانب الغربي والشرقي في الطابق الثاني، تراصت مجموعة من الصور لنساء خدمن في الجيش الأمريكي، كما تم استعراض تاريخ البطولات لسيدات شاركن في عمليات قتالية للجيش، فضلا عن خط زمني يؤرخ لنضال المرأة الأمريكية حتى السماح لها بالمشاركة في كافة فروع القوات المسلحة الأمريكية.
وأشار هذا الخط الزمني الذي زيُن جانبي الممر، إلى صور مشاركات النساء في الجيش القاري خلال 1775 حتى 1783 كطاهيات وممرضات، لكن بعضهن تنكر في زى الرجال للمشاركة في العمليات القتالية، حيث لم يكن مسوحا لهن بالمشاركة في تلك العمليات.