x

كيف أنهى ملك الأردن وجود إسرائيل في قريتين بتغريدة على «تويتر»؟ (القصة الكاملة)

الأحد 21-10-2018 14:26 | كتب: إسراء محمد علي |
الباقور والغمر الباقور والغمر تصوير : اخبار

بتغريدة موجزة، أنهى الملك الأردني عبدالله الثاني بن الحسين، وجود إسرائيل في قريتي «الباقورة» و«الغمر» الأردنيتين، وذلك بإعلان إنهاء ملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام الأردنية- الإسرائيلية التي وقعت في 25 يوليو 1994.

النص الكامل

وقال الملك في تغريدة له عبر تويتر: «لطالما كانت الباقورة والغمر على رأس أولوياتنا، وقرارنا هو إنهاء ملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام انطلاقا من حرصنا على اتخاذ كل ما يلزم من أجل الأردن والأردنيين».

قرار الملك الأردني هو إبلاغ دولة الاحتلال عدم نيّته تجديد «النظام الخاص» على الباقورة والغمر، وبالتالي سحب الاعتراف القائم على «حقوق الملكية والاستخدام» واستعادة هذه الأراضي للسيادة الأردنية بالكامل.

بالتمعن في تاريح البلدتين فإن الأمر، يعد بالفعل تحريرا كامل الأركان، بعد احتلال إسرائيلي منذ 1950، أي أكثر من 68 عاما، قبيل معاهدة السلام التي أعادت تدوير المسمى من احتلال إسرائيلي إلى استئجار إسرائيلي قابل للتجديد.

بحسب المعاهدة، وضع الأردن منطقتي الباقورة والغمر تحت «نظام خاص» أقرب ما يكون إلى «تأجير» هاتين المنطقتين لـ«إسرائيل» لمدة 25 عامًا، ويحق لأي من الطرفين قبل انتهاء المدة بعام إبلاغ الطرف الآخر رغبته إنهاء الاتفاق حولها. ما يعني أن الأردن يستطيع بحسب الاتفاقية إبلاغ «إسرائيل» خلال عام من الآن عدم نيته تجديد عقود هاتين المنطقتين واستعادة السيطرة عليهما بالكامل.

تنص المعاهدة في الملحق 1 (ب) على تطبيق نظام خاص على منطقة الباقورة في الأغوار الشمالية تعترف «إسرائيل» من خلاله بالسيادة الأردنية على هذه المنطقة، إلا أن ذلك متبوع بعبارة تقول أن المنطقة «فيها حقوق ملكية أراضٍ خاصة ومصالح مملوكة إسرائيلية (المتصرفون بالأرض)»، وبالتالي يتعهد الأردن وفقًا للمعاهدة بأن «يمنح، دون استيفاء رسوم، حرية غير مقيدة للمتصرفين بالأرض وضيوفهم أو مستخدميهم، بالدخول إليها والخروج منها واستعمالها» و«ألا يطبق [الأردن] تشريعاته الجمركية أو المتعلقة بالهجرة على المتصرفين بالأرض أو ضيوفهم أو مستخدميهم الذين يعبرون من إسرائيل إلى المنطقة بهدف الوصول إلى الأرض لغرض الزراعة أو السياحة أو أي غرض آخر يتفق عليه»، و«أن يتخذ [الأردن] كافة الإجراءات الضرورية لحماية أي شخص يدخل المنطقة حسب هذا الملحق والحيلولة دون مضايقته أو إيذائه». بالإضافة إلى هذا، يسمح الأردن «بدخول رجال الشرطة الإسرائيلية بلباسهم الرسمي، بالحد الأدنى من الشكليات، إلى المنطقة لغرض التحقيق في الجرائم أو معالجة الحوادث الأخرى المتعلقة حصرًا بالمتصرفين بالأرض أو ضيوفهم أو مستخدميهم».

في 5 مارس عام 1926 منحت سلطات الانتداب البريطاني شركة الكهرباء الفلسطينية المملوكة لبنحاس روتنبرج، أحد قادة الحركة الصهيونية، حق امتياز توليد الطاقة الكهربائية عن طريق استخدام مياه نهري الأردن واليرموك لتوليد وتوريد وتوزيع القوة الكهربائية في فلسطين وشرق الأردن3. وفي عهد حكومة حسن خالد أبوالهدى الثانية، أقرّ المجلس التنفيذي لشرق الأردن (الحكومة) في 8 كانون الثاني 1928 هذا الامتياز ومدته سبعون عامًا.

كيف حدث احتلال الباقورة؟

عام 1950، قام الجيش الإسرائيلي بالتوسع باتجاه الأردن والاستيلاء على أراضٍ في منطقة الباقورة في شمال المملكة من خلال عبور نهر الأردن وفرض أمر واقع جديد، وتبلغ مساحة هذه الأراضي 1390 دونمًا.

أبلغت الحكومة البريطانية الأردن حينها بأنها «ترى أن الطريق الوحيد لتسوية الحادث هو المفاوضات وليس استعمال القوة»، وعبرت الحكومة الأمريكية عن رغبتها بأن «يُحل الحادث بوساطة جهاز ووسائل هيئة الأمم». في نهاية المطاف اكتفى الأردن بتقديم شكوى لمجلس الأمن، وتبين محاضر اجتماع المجلس التشريعي امتعاض بعض النواب من اكتفاء الحكومة بالشكوى ومن ردة فعل مندوب بريطانيا في مجلس الأمن الذي صرّح قائلًا بأن «قطعة الأرض المتنازع عليها بين المملكة الهاشمية واليهود لا تستحق العرض أمام مجلس الأمن، ويجب أن لا يشغل مجلس الأمن الموقر نفسه في موضوع تافه كهذا».

الباقورة في المفاوضات

من أصل 1390 دونمًا تم احتلالها عام 1950، زعمت «إسرائيل»أثناء مفاوضات «وادي عربة» بأن هناك 830 دونمًا هي «أملاك إسرائيلية خاصة»، رضخ المفاوض الأردنيّ للمطالب الإسرائيلية، ولم يتمسك باستردادها بالكامل، واتفق «الطرفان» على صيغة أشبه بالإيجار، يذكر منذر حدادين عضو الوفد الأردني المفاوض كيف أقنع رئيس الوزراء «الإسرائيلي» إسحق رابين الملك حسين بتأجير هذه الأراضي لـ«إسرائيل»، وعرض رابين فكرة الإيجار على الملك حسين قائلًا: «جلالتك، لم لا تؤجرنا الأرض لبعض الوقت؟». فردّ الملك: «فكرة الإيجار ليست مطروحة على الطاولة. لكن إلى متى تريدون البقاء فيها؟». أجاب رابين: «فلنقل 25 عامًا، تجدد برضا الطرفين». فرد الملك «يبدو ذلك معقولًا».

اكتفى الأردن باعتراف «إسرائيل» بسيادة الأردن عليها واتفق «الطرفان»على تطبيق نظام خاص على هذه المساحة من منطقة الباقورة يضمن «حقوق ملكية أراض خاصة ومصالح مملوكة إسرائيلية» ويبقى هذا الوضع -وفقًا للملحق 1(ب) في الاتفاقية- «نافذ المفعول لمدة خمس وعشرين سنة، ويجدد تلقائيا لفترات مماثلة ما لم يُخطِر أحد الطرفين الطرف الآخر بنيته بإنهاء العمل بهذا الملحق قبل سنة من انتهائه وفي هذه الحالة يدخل الطرفان في مشاورات حيالها بناء على طلب أي منهما».

في المفاوضات، وافق المفاوض الأردنيّ على إدراجها تحت «نظام خاص»، بحيث ينطبق عليها ما ينطبق على الباقورة. تعترف «إسرائيل» بالسيادة الأردنية عليها لكن تضمن الأردن «حقوق المزارعين الإسرائيليين فيها»، والتي سميت في المعاهدة «حقوق استعمال إسرائيلية خاصة تتعلق بالأرض». وإذا اعترف الأردن بالملكية «الإسرائيلية» للباقورة، فإنه اعترف بحق الاستخدام في الغمر، كما تبيّن المعاهدة.

يزرع «الإسرائيليون» في هذه الأرض الأردنية الفلفل والكوسا والزهور، بعد توقيع المعاهدة، أعرب أحد المزارعين -وهو عسكري متقاعد شارك في ثلاث حروب ضد العرب- عن سعادته بهذا الاتفاق قائلًا: «هذا هو الحل الأفضل بالنسبة لنا، إنه (اتفاق) رائع».

أما منطقة الغمر المحتلة التي تبلغ مساحتها 4000 دونم وهي أرض خصبة فقد زحفت إليها إسرائيل واستغلتها زراعيا لصالح مستوطنة تسوفار وقد خضعت في اتفاقية السلام لنظام خاص كما طبق على منطقة الباقورة.

في نوفمبر الماضي، قالت الحكومة الأردنية إنه في سبيل استرداد الحقوق الأردنية الثابتة في الأرض والمياه والسيادة التامة عليهما، وحمايةً لهذا الوطن من التآمر والتهديد، وتثبيتًا لحدود المملكة الأردنية الهاشمية بشكل معترف به دوليًا، قررت الحكومة الدخول في عملية التفاوض مع إسرائيل».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية