x

فلسطينيّو 48.. المُقاومة داخل «الخط الأخضر» (تقرير)

السبت 20-10-2018 04:19 | كتب: أحمد يوسف سليمان |
فلسطيني من عرب 48 يلقي حجارة أثناء اشتباكات مع  الشرطة الإسرائيلية، 27 أكتوبر 2010  - صورة أرشيفية فلسطيني من عرب 48 يلقي حجارة أثناء اشتباكات مع الشرطة الإسرائيلية، 27 أكتوبر 2010 - صورة أرشيفية تصوير : أ.ف.ب

مهند أبوغوش: ننتسب إلى جماعة واحدة اسمها «الفلسطينيون».. ومنظمة التحرير تخلت عنا بتوقيع اتفاق أوسلو.. وتزايد نضالنا يدفع إسرائيل إلى مزيد من القمع

>> قانون القومية قضى على رهانات المواطنة في المجتمع الصهيوني.. والتمثيل العربي في الكنيست لم يشكّل فارقًا.. وعلينا التركيز على ما يحدث على الأرض أكثر من الاهتمام بزيادة مواليدنا في الداخل

أسعد كناعنة: المؤسسة الصَهيونيّة استعملت المُشاركة العربية في الكنيست كوَرقَة توت تَتَغطّى بها أمام العالم.. ونسعى في حركة «أبناء البلد» إلى المُقاطعة الشعبية للانتخابات

>> التغيّر الديموغرافي في الداخل يؤثّر على طبيعَة الصراع العربي الصَهيوني.. ودولة الاحتلال فاقَت الأبرتهايد ولا إقرار بشرعيّة وجودها على أرضنا

في عام 1948، وقع ما سمّاه الفلسطينيّون والعرب «النكبة»، والتي انتهت إلى قيام ما سُمّي بـ«دولة إسرائيل»، ذلك الكيان المحتل، الذي أقام دولته على أراضي فلسطينية كان يسكنها قرابة المليون فلسطيني، تم تهجير نحو 800 ألف منهم، وبقى قرابة 150 ألف فلسطيني –وقتها- داخل الأراضي التي استوطنها الكيان الصهيوني، والذين عُرفوا بعد ذلك بـ«عرب 48 – فلسطينيّي الداخل – فلسطينيّي الخط الأخضر»، ويسميهم الإسرائيليّون «الأقلية العربية – أبناء الأقليات»، لكنهم الآن يشكّلون نحو مليوني نسمة، من بين 9 مليون نسمة داخل دولة الاحتلال.

قوانين وإجراءات عدّة مارسها الكيان الصهيوني تجاه فلسطينيّي الداخل طوال 70 عامًا، تحمل حصارًا وعنصريّة، كان آخرها قانون القومية، والذي نص على نقاط أبرزها، أن إسرائيل «الدولة القومية للشعب اليهودي، وأن حق تقرير المصير فيها يخص الشعب اليهودي فقط»، وأن «تنمية الاستيطان اليهودي من القيم الوطنية، وستعمل (إسرائيل) على تشجيعه ودعم تأسيسه»، كما استبعد اللغة العربية كلغة شبه رسميّة كما كانت، متخذًا العبريّة لغة رسمية، وإعطاء العربية «مكانة خاصة».

7 عقود مرّت على جزء من الشعب الفلسطيني يعيش داخل دولة الاحتلال، بين تضييقٍ وعنصريّة واتهامات التخوين، ومحاولاتٍ دؤوبة للانتصار للقضيّة بأي شكلٍ كان، لذا كان علينا أن نُلقي نظرة عبر «الخط الأخضر» على مجتمع 48.

«فلسطينيّو 48 وليس عرب 48»، هكذا يرى الناشط والمدوّن الفلسطيني مهنّد أبوغوش، من فلسطينيّي الداخل، والذي يقول لـ«المصري اليوم»، إن التعبير الأول أدق، ومقبول أكثر، لأنه «يؤكّد على فلسطينيّتنا»، حيث يرى أن مشكلة إسرائيل ليست مع الهوية العربية والتي يفخر بها بالطبع، ولكنها مع كونهم فلسطينيين.

الناشط والمدوّن الفلسطيني مهنّد أبوغوش

كان السؤال عن علاقة فلسطينيّي الداخل بذويهم في غزة والضفة، غريبًا على «مهند» الذي يرى أنهم «بشريًا، وثقافيًا، وسياسيًا، ووطنيًا، منتسبون إلى جماعة واحدة اسمها «الفلسطينيون» ننتسب إلى عمق ثقافي ووجداني واحد اسمه «العروبة»، وأن الأصل هو أن الفلسطينيون شعب واحد، تربطهم إلى جانب علاقات الجماعة المتخيلة (الهوية الوطنية)، أواصر حقيقية تتمثل في الروابط العائلية»، مضيفًا أن «مقدار العنف الممارس على كل مجموعة، أو مقدار المسموح به من ضروريات الحياة لكل مجموعة هي أدوات استعمارية تستخدمها إسرائيل من أجل خلق مناطق تتفاوت من ناحية امتيازات الحياة تحت الاحتلال، رغم هذا: الحياة تحت الاحتلال هي حياة تحت احتلال».

قانون القومية لم يأتِ بجديد، كما يرى «أبوغوش»، والذي أشار إلى أن «هنالك سلسلة من القوانين التي سنّها البرلمان الإسرائيلي أو على وشك سنّها مؤخرًا لا تقل خطورة عن قانون القومية، مثل قانون منع الأذان، أو قانون تنظيم الاستيطان، ومن تأذى، بشكل أساسي، من قانون المواطنة هم من كانوا يراهنون على المواطنة، هؤلاء يعتبرون تجنّسهم في المستوطنة الكبرى التي اسمها إسرائيل، ميزة، ويعتبرون أن حصولهم على امتيازات المستوطنين (على حساب اللاجئين) انتصارا. جاء قانون القومية في نهاية المطاف ليوضح لجميع من يراهنون على أن بإمكانهم أن يكونوا مواطنين متساويّ الحقوق في كيان أصلا مبني على تمييز اليهودي عن غيره، كيان يسمّي نفسه بالاسم «الدولة اليهودية»، بأن تناقضنا مع الاحتلال لا يمكن حلّه بجراحات تجميلية على شاكلة منح امتياز هنا وحق هناك.»

القانون جرى إقراره في الكنيست، يوليو الماضي، في القراءة الثالثة والأخيرة بأغلبية 62 نائبًا مقابل معارضة 55 وامتناع اثنين، في المجلس الذي يضم نحو 16 نائبًا عربيًا، بينهم 13 ضمن «القائمة المشتركة»، ما يمثّل نحو 10% من تشكيل المجلس، وهو ما يشكّك بمدى قدرتهم على التأثير في القوانين العنصريّة التي تُسن يومًا بعد يوم، يقول «أبوغوش»، «الأحزاب التي تدعي تمثيل الفلسطينيين حققت في الدورة الأخيرة أعلى نتائجها بأكثر من 10% من عدد مقاعد البرلمان الإسرائيلي. لكن هذا لم يشكّل فارقا أبدا، والقوانين العنصرية تسن بوتيرة محمومة، وتتزايد الممارسات الفاشية وعمليات هدم البيوت والتضييق على الناس أكثر، من دون أن يتّضح فرق زيادة التمثيل الفلسطيني في الكنيست»، وأن «النظام استخدم البرلمان كأداة تجميلية دائما، والهامش المسموح لمن يقبلون بالانخراط في لعبة تجميل الوجه القبيح للقمع، عبر المشاركة في مؤسساته، سيكون ضيقا دائما».

أبوأسعد محمد كناعنة، عضو المكتب السياسي لحركة «أبناء البلد»

أبوأسعد محمد كناعنة، عضو المكتب السياسي لحركة «أبناء البلد»، أحد أهم الحركات الأهلية في فلسطين، والتي ترفض المشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، يقول إن «خَوض انتخابات الكنيست الصَهيوني والتسجيل كَحزب رسمي في (دَولَةِ إسرائيل) يَتَطَلّب الإقرار بالقوانين الصهيونية وخاصّة تلك التي تعتبر: (قيام إسرائيل كَتجسيد لِحق تقرير المَصير لليهود في فلسطين) والإقرار بيهوديّة الدولة وديمقراطيتها عندَ مُسجل الأحزاب في وزارة الداخلية الصَهيونيّة، هذه ليسَت إجراءات شَكلِيّة وإنّما هي تَصُب في جَوهَر الصراع»، مشيرًا إلى «الآثار السَلبية التي آلَت إليها المُشاركة العربية في الكنيست، وأهَمّها الاعتراف (بحق تقرير المَصير لليهود) على أرض فلسطين واستعمال المؤسسة الصَهيونيّة للمُشاركة العربية في الكنيست، تَصويتًا وترشيحًا، كوَرقَة التوت التي تَتَغطّى بها أمام العالم وتصويرها لنفسها كدولة (ديمقراطية)».

ويرى «كناعنة» أن التَحَوّل الديموغرافي في عدد الفلسطينيين داخل المجتمع الإسرائيلي «حاصِل فعلًا وهو يَقَض مَضاجِع دوائِر التخطيط والدراسات وَمراكز صُنع القرار الصهيونيّة، هذه الزيادَة باتَت مَلحوظَة بشكل كبير، فَفي عام 1948 كانَ عَدَد من بَقوا وثَبتوا على أرضهم لا يتعَدَّى الـ150 ألف إنسان فلسطيني وهذا العَدَد تضاعَفَ أكثر من عشرة مَرات حتى اليَوم إذ يتجاوز الفلسطينيون داخل (إسرائيل) المليون ونصف المليون، ليسَ عَدَدًا بسيطًا وحتمًا هوَ يُؤرّق الساسة الصَهاينة فخوفَهم نابِع أيضًا من كون الشَعب الفلسطيني على حدود فلسطين التاريخيّة وهي حدود تحت سيطرة الاحتلال، باتَ يتساوى مع اليهود وهذا لا يُؤثّر فقَط على التوازن الديموغرافي بين العرب واليَهود إنَّما يلعب دورًا في قلب موازين الصراع، فالفعل الشعبي يُصيب الاحتلال في مَقتل كُلّما تعاظَمَ واشتَدَّ، نعم وبلا شَك هذا التحوّل يؤثّر على طبيعَة الصراع العربي الصَهيوني».

نواب عرب في الكنيست الإسرائيلي يمزقون قانون القومية

لكن الناشط مهنّد أبوغوش، في تلك النقطة مع «كناعنة»، فيقول «إنه علينا، بدلًا من المراهنة على معدّل ولاداتنا والاتكاء على الجدار بانتظار أن يفوق عددنا عددهم في المستقبل، أن نهتم بما يحدث على الأرض وأن ننخرط في معارك البقاء هنا، لأننا إن اكتفينا بالإنجاب من دون أن نحوّل كل طفل رضيع إلى سرطان في شرايين هذه الدولة، فإن ما نفعله هو إنجاب مجاميع من القوى العاملة، العبيد العاملين في بناء المستوطنة الكبرى التي اسمها إسرائيل».

هذا الأمر يردّنا إلى دور الحركة الوطنية في المناطق داخل حدود 48، حيث يوضّح «أبوغوش»، أنها شهدت مراحل صعود وهبوط، وأحطّ هذه المراحل كان لدى التوقيع على اتفاقية أوسلو، يقول «ترك أوسلو ندبة عميقة في نفوس الفلسطينيين المتروكين لمصيرهم تحت الحكم الإسرائيلي، إذ تخلّت منظمة التحرير، التي طالما نودي بها باعتبارها (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) عن فلسطينيي 48 باعترافها بالكيان الإسرائيلي، فهي، حين قامت بذلك، قد قالت بأن سكان الكيان إسرائيليون (وبضمنهم فلسطينيي 48)».

وتابع «مهنّد»: «مر الكثير من الوقت قبل تجاوز أزمة أوسلو، وصرنا نشهد الآن اشتباكا متصاعدا داخل فلسطين 48 وباتت أعداد أكبر من الشباب تنخرط في النضال وتحقق انتصارات، هذه الانتصارات تدفع الجهاز الأمني الإسرائيلي إلى إعمال المزيد من القمع في مواجهته للتحركات الشعبية المنظمة».

حركة «أبناء البلد» وهي جزء من الحركة الوطنية في الداخل، يقول عضو مكتبها السياسي أبوأسعد كناعنة، إنه «قبلَ هَزيمَةِ يونيو عام 1967 كانَت الحرَكة الوطنيّة الفلسطينيّة في الداخل الفلسطيني تَتراوَح بينَ إمكانيات التشكيل ومُحاولات الانطلاق والتأسيس ولكنَ القوانين العسكرية والإجراءات كانت دائِمًا بالمرصاد، هذا عَدا عن أنَّ تشكيلات الحركة الوطنية الفلسطينية في الضفة وغزة والقدس والشَتات لَم تأخُذ بعين الحسبان في تشكيلاتها الداخل المُحتل وإنّما اعتمَدَت على الخارج في إطار رؤية تحرير الداخل والعَودة، ثم تنامَت بذور إعادة تشكيل الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني كجزء لا يَتَجَزّأ من الحركة الوطنية الفلسطينية الأم، وكانَت حركة أبناء البلَد في بداياتها كرؤية سياسية محلية وكمحاولات لبناء وبلورة رؤية في إطار هذا البرنامج مُتَأثّرة بهذا التشابك والتلاقُح مع الحركة الثقافية الوطنية الفلسطينية وتنامَت حركَة أبناء البَلد فيما بَعد كحركة وطنية فلسطينية بعد تحالفها واندماجها مع الذراع الطلابي الحركة الوطنية التقدمية هذا الاندماج الذي رَفدَ الحركة بالكادر الشاب المُثقف وعلى أعتاب انتفاضَة يوم الأرض كانَت الانطلاقة الفعلية للحركة كَإطار تنظيمي قُطري».

ويؤكّد «أبوأسعد» أن «حركَة أبناء البلد ورغمَ كُل المُضايقات والمُلاحقات السياسية والاعتقالات إلّا أنّها أبَت أن تُقدّم تنازُلًا برنامجيًا في الموضوع السِياسي وما زالَت تعتبر أنّ المُشاركة في انتخابات الكنيست الصَهيوني، ترشيحًا وتصويتًا، هو تَطبيع مع الاحتلال وإقرار بشرعيّة وجودهِ على أرضنا على أنقاض شعبنا، لا نرى في حركة أبناء البَلد جدوى من هذه المُشاركة ولهذا نحن نسعى إلى المُقاطعة الشعبية ونعمل على ذلك مع آخرين لتصل نسبة المُقاطعة الحقيقية إلى أكثَر من 50% من الفلسطينيين في الداخل وذلك لزيادَة القناعة بعدم جدوى العمل البرلماني في دولَة فاقَت الأبرتهايد (نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا 1948) في نهجها مع «مواطنيها»».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية