قال الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، إنه ليس بمقدور العالم التصدي للتحديات في سبيل بلوغ أهداف التنمية المستدامة وهي الحصول على مياه شرب آمنة وخدمات صرف صحي للجميع، ومدن صالحة للعيش فيها، وأمن غذائي، وأمن الطاقة، وتحقيق معدلات نمو اقتصادي واستقرار اجتماعي، والوصول إلى أنظمة إيكولوجية سليمة إلا إذا نجح في تحسين الطريقة التي تدير بها مختلف بلدان العالم مواردها الطبيعية خاصة مورد المياه، موضحا أنه سوف تتصاعد الضغوط على هذا المورد الحيوي نظراً للزيادة المضطردة في تعداد السكان بالإضافة إلى الرغبة في تحقيق معدلات نمو اقتصادية، وتأثير ظاهرة التغيرات المناخي كتحدي نسعي جميعاً لمواجهته، فضلاً عن التحدي الخاص بتعزيز التعاون العابر للحدود في مجال المياه.
وأضاف عبدالعاطي في كلمته خلال افتتاح أسبوع القاهرة الأول للمياه، أنه قد يتجاهل البعض أننا في بلد قطرة الماء فيه تساوي الكثير نظرا لشح مواردنا المائية وما تواجهه منظومتنا المائية من تحديات لاسيما مع تنامي الفجوة بين الإمداد والطلب على المياه، مما جعل التوازن بين الموارد والاحتياجات مشكلة خطيرة، موضحا انخفاض نصيب الفرد من المياه ليصل إلى حوالي 570 م3 سنوياً عام 2018 مقارنة بالمعايير الدولية التي تري أن يكون نصيب الفرد 1000 متر مكعب سنوياً.
وأوضح الوزير أن الأمر لا يقتصر فقط على كمية الموارد المائية المتاحة بل وطبيعتها أيضاً حيث أن أكثر من 97% من مواردنا المائية تأتى من خارج الحدود مشيرا إلى أنه في ظل تنامي العجز في الموارد المائية فإن الدولة تحاول تقليل الفجوة بين الموارد المائية والاحتياجات المتصاعدة من خلال إعادة تدوير المياه والذي يمثل 25% من الاستخدام الحالي، بخلاف استيراد مياه افتراضية في صورة سلع غذائية لسد باقي العجز.
وأشار عبدالعاطي إلى أن التقديرات الاولية لنقص المياه المتجددة في مصر بــ 2% (فقط) سيؤدي إلى فقدان ما لا يقل عن مليون مزارع مصري لعملهم.
وفي الوقت ذاته قال إن مصر تواجه تحدياً خطيراً يتمثل في تعرض دلتا نهر النيل شمال مصر إلى التآكل نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر وبما يؤثر سلباً على الزراعة في شمال الدلتا نتيجة تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية وتدهور نوعيتها وما لذلك من آثار بيئية واجتماعية واقتصادية جسيمة تتطلب اتخاذ إجراءات للتكيف مع التغيرات المناخية وتنفيذ خطة متكاملة لحماية دلتا النيل.
وشدد الوزير على أن دول العالم النامي وخاصةً دول أفريقيا وبعض البلدان العربية تعاني من الفقر، ونقص في معدلات التنمية، وتدهور حالة الأحواض المائية، ونوعية المياه، ونقص إمدادات مياه الشرب، ونقص الكهرباء والطاقة، واستيراد المعرفة والتكنولوجيا، لعدم امتلاك القدرات التقنية لإنتاج تكنولوجيا حديثة، وتعد قضية التغيرات المناخية من أهم القضايا التي تواجه الإنسان في العصر الحديث كما لها تأثير بالغ على تغيير نمط حياته وكافة خططه المستقبلية.
وأضاف أن مصر تعد واحدة من أكثر الدول تأثراً بالآثار السلبية الناتجة عن التغير المناخي، وتتلخص هذه الاضرار في ارتفاع مستوي سطح البحر، والفقر المائي، وتدهور الصحة العامة والأمن الغذائي والأنظمة البيئية، مما يؤدى إلى خسائر اقتصادية باهظة التكاليف تعوق خطة التنمية المستدامة لمصر.
ويعتبر زيادة الفقر المائي في مصر أحد أهم انعكاسات التغيرات المناخية.
وأوضح عبدالعاطي أنه من المتوقع زيادة الاحتياجات المائية بنسبة 20% بحلول عام 2020 نتيجة لزيادة الطلب، في الوقت الذي تشير فيه دلالات محاكاة التغير المناخي إلى ارتفاع معدل البخر نتيجة لارتفاع درجات الحرارة مما سيؤدي لزيادة الطلب على المياه مشيرا إلى أن ذلك استدعي معه قيام وزارة الموارد المائية والري بوضع الخطة القومية للموارد المائية (2017/2037) والتي شارك في تنفيذها (9) وزارات مختلفة بالإضافة إلى عدد كبير من الهيئات والجهات المعنية، وذلك باستثمارات تصل إلى 50 مليار دولار بهدف تطبيق مجموعه من الإجراءات بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية بالدولة وذلك في اطار تبنى مبدأ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وتضمين الإجراءات الخاصة بكل وزارة والتي تحقق أهدافها القطاعية وبما يتماشى مع أهداف استراتيجية التنمية المستدامة للدولة 2030 وكذلك السياسات والاستراتيجيات المائية السابق إعدادها.
ولفت الوزير إلى أنه في ظل التوجه العام نحو اللامركزية فقد تم تعميم وضع خطط لادارة الموارد المائية لكافة المحافظات على مستوى الجمهورية وذلك لرصد التحديات التي تواجه كل محافظة فيما يخص إدارة الموارد المائية حالياً ومستقبلياً مع تحديد الإجراءات المطلوب اتخاذها لمواجهة تلك التحديات وتحديد أدوار ومسئوليات كل جهة من الجهات المعنية بالمحافظة في تنفيذ تلك الإجراءات، وتعتمد الخطة على 4 محاور تشمل تحسين نوعية المياه والحفاظ عليها من التلوث وتنمية موارد مائية إضافية وترشيد الاستخدامات المائية وتهيئة البيئة المناسبة لتنفيذ الخطة من خلال الإجراءات التشريعية والمؤسسية والتنسيقية المطلوبة.
وأشار إلى أن مصر تولي أهمية كبيرة للعمل مع ابنائها في الخارج للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم وتعمل على استدامة التواصل معهم وتشيد بالاستجابة المتوقعة من ابناء هذا الوطن البارين ونحن على ثقة في انهم لم ولن يدخروا جهداً للمساهمة في إعادة بناء وطنهم وإجراء تنمية حقيقية.