في منتصف الستينيّات، داخل مقهى في شارع الكورنيش بالإسكندرية، جلسَ الفنان الراحل، يحيي شاهين، يحتسي فنجان قهوة، ويستمتع بنسمات الهواء الصيفيّة، فيما جلسَ أمامه صديقه الفنان، عماد حمدي، وفجأة قال يحيي شاهين لحمدي: «يا صديقي أراك تصرف أموالك بلا ضابط أو رابِط، النجاح لا يدوم، والصحة لا تدوم.. القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود»، فردّ عليه الأخير: «دُنيا وبنعشها».
نبوءة شاهين ليحيي تحقّقت فيما بعد، أصدر وزير الثقافة والإعلام، منصور حسن، في عام 1984، قرارًا بعلاج الفنان القدير عماد حمدي، علي نفقة الدولة، إثر إصابته بضيق في شرايين الساق اليسرى، ومرّت السنوات ولم يستطع حمدي إنقاذ نفسه، مات وحيدًا وكفيفًا ومريضًا، لا يملك سوى 20 جنيهًا في حسابه بالبنك، فقط لا غير.
رغم الظروف، هُناك فنانون أدركوا نبوءة شاهين ليحيي، إذ حافظوا على أموالهم من بَطش الزمن، وعندّما زارهُم المرض، رفضوا العلاج على نفقة الدولة، جاء آخرهم الفنان، فاروق الفيشاوي، عقب إصابته بالسرطان، إذ رفع شعار: «الحمدلله مستورة.. الغلابة أولى مننا بالعلاج».
فاروق الفيشاوي
في أول ظهور تلفزيوني له بعد أن كشف عن إصابته بالسرطان، قال الفنان، فاروق الفيشاوي، إن بعض زملائه الفنانين أرادوا علاجه على نفقة الدولة، إلا أنه رفض ذلك لكي يتيح الفرصة لمن لا يملك تكاليف العلاج.
وأضاف الفيشاوي، أثناء ظهوره ضيفًا على برنامج «معكم» الذي تقدمه منى الشاذلي على فضائية CBC: «بعض الزملاء المخلصين تحدثوا مع وزيرة الصحة في هذا الموضوع، وهي مشكورة طلبت كل الأوراق لكي تتكفل الدولة بعلاجي، لكني شكرتهم جدا، وأشكر معالي وزيرة الصحة وأشكر الدولة على أنهم فكروا في علاجي».
وتابع: «أنا الحمد لله مستور وأستطيع تحمل تكاليف العلاج، وأترك هذه الفرصة لشخص لا يستطيع فعلا تحمل تكاليف علاجه، لكن الحمد لله ربنا كرمني ومستور وأستطيع، فأترك لغير القادر».
رشدي أباظة
ذكّرت مجلة «الموعد» تفاصيل وفاة رشدي أباظة، وقالت: «دخل النجم الكبير مستشفى العجوزة مُنذ أسبوعين، ولم يكن يعرف خطورة حالته، ولذلك لم يعلم بدخوله المستشفى سوى شقيقه الممثل، فكري أباظة، وزوجته حياة قنديل، والنجمة نادية لطفي، التي هي أقرب الصديقات والزميلات إلى رشدي أباظة، وأجّلت سفرها إلى لندن لتكملة المسلسل التليفزيوني الذي تمثل دور البطولة فيه، لكي تبقى إلى جانب رشدي أباظة في مرضه».
وقبل ذلك بأيام، استقبل مستشفى «العجوزة» عددًا من الشبان، أبدوا استعدادهم لأن يهبوا أي جزء من أجسادهم لرشدي أباظة إذا كان في ذلك شفاءٌ له، لكنه رفض، ورفض أيضًا العلاج على حساب الدولة أو حساب أي هيئة فنية، وبالفعل أعطى شقيقه شيكًا مفتوحًا لكي يتمكن من سداد ما يترتب على إقامته وعلاجه في المستشفى.
سعاد حسني
عقب وفاة الفنانة، سعاد حسني، 2001، سأل منصور عبدالرحمن، عضو لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان، وزير الثقافة السابق، فاروق حسني، عن إلغاء قرار علاج سعاد حسني على نفقة الدولة، فأجاب حسني عليه بأنه تلقى هذا السؤال من العديد من المعزين في سعاد حسني أثناء حضوره تشييع الجنازة، وأكد لهم أن ذلك لم يحدث، وخاصة مع سعاد حسني سندريلا السينما المصرية والعربية، والتي أثرت الشاشة الكبيرة والصغيرة، وفقًا لصحيفة «البيان».
وأعلن فاروق حسني حينها، أن الفنانة الراحلة سعاد حسني رفضت العلاج على نفقة الدولة، ونفى قيام الحكومة باصدار قرار بوقف علاجها على نفقة الدولة في لندن، قائلاً إن الدكتور عاطف عبيد وعاطف صدقي وكمال الجنزوري رئيسي الوزراء السابقين لم يرفضا أي طلب للفنانة سعاد حسني بالعلاج على نفقة الدولة في الخارج، مشيرًا الى أنها لم تتقدم بأي طلب إلى الحكومة بالعلاج على نفقة الدولة.
نور الشريف
قال الكاتب الصحفي على السيد، في تصريحات صحفيّة سابقة، إن الفنان الراحل نور الشريف، رفض العلاج على نفقة الدولة، مؤكدًا أنه أصر على السفر للخارج على حسابه الخاص لتلقي العلاج الكيماوي وكان يفضل في بعض الأحيان، تلّقى بعض الجرعات في مصر.
نادية لطفي
عانت الفنانة، نادية لطفي، في وقت سابق، من ضيق شديد في التنفس، والذي دخلت على إثره غرفة العناية المركزة في مستشفى القصر العيني الفرنساوي، ثم تدهورت حالتها بصورة واضحة الأمر الذي جعلها تقرر دخول مستشفى المعادي للقوات المسلحة، الأمر الذي جعل من مصاريف علاجها تتضاعف بشكل كبير.
ورغم زيادة مصاريف العلاج، رفضت نادية لطفي العلاج على نفقة وزارة الصحة وكذلك رفضت العلاج على نفقة نقابة الممثلين، على الرغم من إلحاح النقيب أشرف زكي على تدخل النقابة في علاجها، حسبْ مصادر مُقربة منها.
كمال الشناوي
كشف المخرج محمد كمال الشناوي، ابن الفنان كمال الشناوي، أن والده عانى من تداعيات أمراض الشيخوخة في أيامه الأخيرة، ورغم ذلك، كان يرفض الذهاب إلى المستشفى، وخاصة بعدما أصيب بالعديد من الجلطات في المخ منعته من النزول على رجليه فكان يشعر بإهانة لهُ.
وأضاف، في تصريحات صحفية سابقة، أن الفنان الكبير كمال الشناوي رفض علاجه على نفقة الدولة بعد أن داهمته هذه الأمراض، حتى يعطي فرصة لمن يحتاج لهذا المال أكثر منه، إذ قال الشناوي «مستورة والحمد لله».
زينات صدقي
رغم أن زينات صديقي، التقت بالرئيس الراحل، محمد أنور السادات، خلال تكريمها في الاحتفالات بعيد الفن، عام 1978، إلا أنها لم تطلب منهُ شيئًا، سوى أداء فريضة الحج، وعلى الفور استجاب لها السادات، وأعطاها رقم هاتفه الخاص، كي تتصل بها إذا احتاجت أي مساعدة.
وفي أيامها الأخيرة، تدهورت حالة زينات الصحية، بسبب متاعب في الرئة وهبوط بالقلب، وحينها نصحها المقربون منها بالاتصال بالرئيس لعلاجها على نفقة الدولة، إلا إنها رفضت، وقالت إن هناك من يستحق العلاج على نفقة الدولة أكثر منها.