الاهتمام بالتعليم وتطويره يعتبر من الجوانب المهمة للأمن القومى لأى دولة، خاصة أن عادات الشعوب، إيجابية أو سلبية، هى نتاج النظام التعليمى الخاص بها، سواء كان مباشراً أو غير مباشر.. وغالباً ما يكون طريق أى نظام تعليمى لأى شعب مفروشاً بالنوايا الحسنة حيث سعى الرواد لتحديث التعليم وتطويره فى مصر منذ القدم فكان التعليم المهنى من أهم مسببات النهضة لقدماء المصريين.
ويشهد التاريخ أن القدماء المصريين اهتموا بالتعليم الفنى قبل محمد على، مؤسس الدولة الحديثة، لكن الجميع يشير إليه وينسب له الفضل فى أولى محاولات اهتمامه بالتعليم الفنى ووضعه على قائمة أولوياته وصولاً لنهضة صناعية وفكرية وكانت أولى خطوات محمد على فى سبيل تحقيق ذلك إنشاء «مدرسة محمد على الصناعية الفنية»، وكذلك إرسال الطلاب فى بعثات لدول أوروبا حتى يحصلوا كل ما هو حديث وجديد فى التعليم الفنى ويعودوا لتطبيق ما تم تحصيله.
وتلا ذلك نجاحات محمد على فى الاهتمام بالتعليم الفنى، ولكن بات هذا التعليم سيئ السمعة وأطلق عليه البعض من العامة «دبلون» وأصبح ملجأ أصحاب المجاميع الصغيرة، فعندما يحصل الطالب على مجموع صغير يسارع الأهل بالقول: «ادخل صنايع وأهى شهادة وخلاص».
ولم تفلح محاولات الدولة بتخصيص وزارة للتعليم الفنى لإنقاذ سمعته السيئة والنهوض به، وسرعان ما تم إلغاؤها، ولم يكن التخبط الحكومى بعيداً عن التخبط فى المدارس الفنية ولا بين الطلاب والمدرسين والمعلمين، وعندما حاولنا أن نعالج أزمة التعليم الفنى فى الإسكندرية وجدنا القضية كبيرة جداً ومتشعبة يصعب التصدى لها فى تقرير أو تحقيق أو حتى حوار، إنها تحتاج حملة صحفية تستخدم فيها كل الفنون التحريرية جمعاء.
وجدنا أن التعليم الفنى فى مصر عامة وفى الإسكندرية خاصة يشهد أزمات متعددة لا حصر لها والعديد من العقبات التى تحول دون تحقيق أهدافه المرجوة، فالهدف الأساسى من إنشاء المدارس الفنية هو الاهتمام بالنهضة الصناعية والزراعية والتجارية، والعمل على الارتقاء بالصناعة والتى تعتبر أساس تقدم الدول وكذلك توفير المهنيين والصنايعية والفنيين.
ويبلغ نصيب محافظة الإسكندرية من بين 2000 مدرسة تعليم فنى 22 مدرسة فقط وهو عدد عدد ضئيل مقارنة بأعداد الطلاب الذين يلتحقون بالتعليم الفنى، لذا نجد المدارس مكدسة بالطلاب، ما يقلل من درجة استيعاب الطالب للمواد الدراسية، كما أن عدد الورش الفنية لا يستوعب هذا الكم الهائل من الطلاب، ووجدنا نموذجا يحقق نجاحاً باهراً، لكنه بكل أسف إيطالى الجنسية يعرف بـ«الدون بوسكو» بينما مدارسنا تغرق فى همومها ومشاكلها تبحث عن الحل.
أكد أحمد حمدى طالب فى المدرسة الزخرفية، أنه لم يلتحق بالتعليم الفنى عن قناعة، وقال: المجموع والأهل طالما مجموعى وحش يبقى الفنى لكن الحقيقة اتمنيت إنى أجد تعليما يؤهلنى أن أجد فرصة عمل لأنى أسمع الطلاب بيتخرجوا ولا يجدون عملا، لكن الواضح أنى مثلهم لن نجد عملا لأننا لم نحصل شيئا ولم نتأهل لأى عمل.المزيد
أرجع مديرو بعض المدارس بالإسكندرية تراجع مستوى التعليم الفنى إلى عدم توفر الإمكانيات اللازمة فى ظل إهمال الحكومات المتعاقبة لمدارس التعليم الفنى.المزيد
أكد مدرسون بالتعليم الفني أنهم يعانون القهر وإهدار حقوقهم، ونظرة المجتمع السلبية لهن، ويقول ياسر متولى، مدرس فى التعليم الفنى: أولى مشاكل التعليم الفنى هى النظرة المجتمعية وشعور المدرس أنه أقل من مدرس التعليم العام وهناك انفصال تام بين النظرى والعملى مع وجود فجوة فيغيب التأهيل المناسب ولابد أن يكون المدرس لمواد النظرى هو المدرب العملى وهذا مطبق فى كثير من الدول العربية.المزيد
عندما يذكر التعليم الفنى فى الإسكندرية يذكر معه النموذج الناجح «دون بوسكو»، هذا الصرح الخاص بالتعليم الفنى الذى اكتسب شهرته من انتمائه الإيطالى ومهارة خريجيه وعلم المدرسين والمشرفين والمدربين، بالإضافة إلى الالتزام والانضباط وفرص العمل المتوفرة منذ التخرج مباشرة وحسن الإدارة التى تهتم بالتدريب العملى وتوافر الآلات والمعدات والمعامل والعدد وهكذا الفارق بين تعليم فنى على أرض الإسكندرية بنكهة إيطالية تضفى عليه الجدية والالتزام وتفضح الإهمال والتسيب فى منظومة التعليم الفنى الحكومى التى تدار بالروتين الذى يؤهل للفشل ويضل طريق النجاح.المزيد
المهندس عادل عبدالوارث، المسؤول الأول عن ملف التعليم الفنى فى محافظة الإسكندرية، يشغل منصب مدير عام التعليم الفنى فى حواره مع «المصرى اليوم» قال: إن التعليم الفنى مسؤول عن تخريج صنايعى وإن مشكلة هذا النوع من التعليم تتمثل فى التدريب والمدرسين والمدربين والإمكانيات المادية والإدارة والحديث عن أزمات التعليم الفنى موضوع مستهلك كل البرامج تتحدث ويمكن أن تحاول البحث عن أسباب ولكن عندما تحدد الأسباب ولا يساعدك أحد فى العلاج يبقى لا فائدة وندور فى حلقة مفرغة، وإلى نص الحوار:المزيد