من بين الصفوف برز متخطيا من هم قبله، بعد أن سمع اسمه، وسبقت خطواته صيحة عالية أطلقها قائلا: «أفندم أنا هنا يالا بقى خلصونا» ليخرج محمود من طابور البوتاجاز حاصلا على غايته ولسان حاله يكاد ينطق فرحا «معانا أنبوبة.. معانا أنبوبة».
معاناة محمود عبدالفتاح بدأت حسب روايته من زن مراته: «يالا يا محمود عايزين أنبوبة استبن (احتياطى) الغاز مش باين عليه هيدخل المنطقة، خلينا نترحم من جشع البياعين».. ولأن زنها منطقى - حسب تأكيده - استجاب له فورا، واقترض 250 جنيها من زوج شقيقته، وذهب إلى جاره نصحى فاضل، الذى اشتهر فى منطقتهم «باب الخلق» ببيع الأنابيب الاستبن، والتى جمعها من مناطق المعادى ووسط القاهرة، بعد أن دخلها الغاز الطبيعى، واستغنى سكانها عن الأنابيب مقابل 70-150 جنيها، ليبيعها نصحى بـ250 جنيها فاضية و300 مليانة.
الطابور الذى وقف فيه محمود برره: «وصيت نصحى على الأنبوبة واديته عربون 50 جنيه، وسجل اسمى وقالى تعالى يوم الاتنين، وبالفعل حضرت ووقفت فى طابور ولا طابور الجيش، انتهى بالنداء على اسمى واستلامى الأنبوبة».
نصحى يعتبر أحد تجار الأنابيب فى المنطقة، إذ حول دكانه الصغير لبيع خراطيم الأنابيب إلى مخزن صغير، يجمع فيه الأنابيب الفارغة، ويبيعها حسب الطلب، خاصة أن المنطقة التى يعمل بها أثرية لن يدخلها الغاز الطبيعى، وستظل فى حاجة لأنابيب البوتاجاز، لكنه بخلاف هذا النشاط، يتعاون مع تاجر أكبر فى منطقة شارع عبدالعزيز، يمده باحتياجاته من الأنابيب، ولكل منهما نسبة فى السعر - حسب تأكيده.
نصحى رفض التصوير بمنطق: «الحكومة هتسيب الحمار وتتشطر على البردعة، وبدل ما تحل الأزمة بزيادة الأنابيب والمستودعات وتوصيل الغاز الطبيعى لمناطق أكتر، هتتهمنا بسرقة الأنابيب والمسؤولية عن الأزمة، ومش بعيد يلبسونا قضية».. وأضاف ضاحكا: «أنا معايا دبلوم، بس أقدر أحل لهم الأزمة دى، فيها إيه لما يعملوا زى العيش، ويفصلوا الإنتاج عن التوزيع، ويعرفوا حدود كل منطقة، ويوفروا الأسطوانات حسب عدد السكان».. حل آخر اقترحه نصحى: «بلاش ده.. يا سيدى يوفروا الأسطوانات الفارغة بسعر مناسب، يخصصوا شركة تعبئة تلف على البيوت مرتين فى الشهر فى كل منطقة تملى الأسطوانات، بكده هيقضوا على الاستغلال ويشغلوا إيد عاملة فى شركات التعبئة.