اعترف وزير دفاع إسرائيل، خلال الفترة بين عامى 1967-1973، موشيه ديان، فى مذكراته، بأن الشارع المصرى كان هو السبب وراء الحرب التى ألحقت هزيمة محققة بإسرائيل، وأن عدم فقدانه الثقة بنفسه وقدرته على النضال ضد إسرائيل كان هو الدافع الحقيقى وراء استئناف الحرب، وأقر بأن ردة فعل الشعب المصرى إزاء القيادة السياسية المصرية بعد هزيمة حرب الأيام الستة وتمسك الشارع المصرى ببقاء الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، أصاب إسرائيل بصدمة كبرى.
يقول «ديان»، فى مذكراته: «قد تحدد موقف مصر بالنسبة لإسرائيل بعد حرب الأيام الستة مباشرة، عندما أعلن المصريون ثقتهم بعبد الناصر، ورغم ما لحق بجيشهم من هزيمة، فقد خرج عشرات الألوف فى مظاهرات فى الشوارع تطالب عبد الناصر بسحب استقالته التى قدمها وكانت هذه المظاهرات بمثابة تعبير الأمة المصرية عن أنها لم تنكسر»، موضحاً أن الشعب، وعلى عكس توقعات إسرائيل، لم يلق باللوم على قادته أو نفسه، ولم يتسرب إليه اليأس أو تُحطم الهزيمة العسكرية ثقته فى نفسه أو قدرته على النضال، برغم خسارة الحرب وفقدان الجيوش ومعها كل سيناء.
ويتابع «ديان»، فى مذكراته التى أعدها للنشر الدكتور الحسينى الحسينى معدى، أن عبد الناصر ارتأى أن ردة فعل الشارع المصرى لا تعنى تأييدا لشخصه فقط، وإنما تأييد لسياسته نحو تجديد العمليات العسكرية ضد إسرائيل، مشيراً إلى أن عبدالناصر حينها أضاف إلى مبادئ نضاله ضد إسرائيل مبدأً جديداً ألا وهو «إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، وعليه تمت صياغة سياسة ما بعد حرب 67 ضد إسرائيل فى قرارات الخرطوم بأنه لا سلام ولا اعتراف ولا مفاوضات.
وكشف ديان فى مذكراته عن مزيد من المفاجآت التى أربكت إسرائيل، ومن بينها أنه برغم إعلان الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أن عام 1971 هو «سنة الحسم»، فإن هذا الحسم تأجل حتى عام 1973، واعترف وزير الدفاع الإسرائيلى كذلك بأن حرب «يوم كيبور»، أى حرب أكتوبر 73، أرست حقائق سياسية وعسكرية جديدة مختلفة عن حرب الأيام الستة، مفادها أن القوة السياسية والعسكرية للعرب تزايدت وأن «الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة أصبحت تخاف أن تغضب العرب من أجل ضمان تدفق بترولهم»، حسبما يقر وزير دفاع إسرائيل فى حكومة جولدا مائير وقت حرب أكتوبر.