أجرى الكاتب الصحفي البريطاني، روبرت فيسك، حوارًا نشر الاثنين في صحيفة «إندبندنت» البريطانية مع الكاتب والروائي الشهير، علاء الأسواني، قال فيه إنه انضم للجموع في ميدان التحرير، وكتب عن الثورة، لكنه يرفض الخطب ويرى أن الإطاحة بمبارك كانت «خطوة أجمل من أن تكون حقيقية».
ووصف روبرت فيسك «الأسواني» بأنه «طبيب الأسنان الثوري، الذي شرع مؤخرًا في كتابة رواية جديدة ربما تحمل رائحة قنابل الغاز المسيل للدموع»، مضيفًا أن «الأسواني شخص متواضع استطاع البقاء على هامش الثورة في تحليلاته، ومحرضًا عليها في أحيان أخرى».
و يؤكد «الأسواني» دائمًا أنه «ليس سياسيًا»، وأنه «كاتب ولن يقبل بتولي أي منصب حكومي»، كما أنه يرفض إلقاء الخطب على الناس عندما يذهب إلى التحرير، بل يفضل أن يظل جوارهم فقط.
يقول «فيسك» عن الأسواني إنه «ناقد»، إذ يتحدث الطبيب والثوري عن تنحي مبارك في فبراير قائلا «أكبر أخطاء الثورة كان في لحظة تنحي مبارك، التي كانت أجمل من أن تكون حقيقية. يوم التنحي امتلأ الميدان بثلاثة ملايين مواطن احتفلوا، لكن عندما طالب 20 أو 30 ألف شخص بالبقاء في الميدان وعدم مغادرته حتى انتخاب ممثلين للثورة، تم التشكيك فيهم وتخوينهم، الآن أعرف أنهم كانوا على حق.«
وأضاف «الأسواني»: «حتى الآن، مازال هناك دولة بوليسية قوية في مصر، لقد كان أحد أهداف الثورة تقديم هؤلاء المجرمين للعدالة، لكن شيئًا من هذا لم يحدث، تجار المخدرات يملأون الميادين، البلطجية اختفوا عندما بدأت الانتخابات فقط، ولا يجب أن تكون ذكيًا لتعرف أن هؤلاء البلطجية يعملون بتعليمات وأوامر محددة، يختفون أثناء الانتخابات، ويعودون بعدها.«
وتابع «الأسواني» بغضب: «وزير العدل نفسه قال إن هناك 450 ألف بلطجي يعملون للشرطة بمقابل مادي في مصر، وهناك مستندات ووثائق نشرت في صحيفة التحرير، كان من ضمنها خطاب من أحد ضباط الأمن لرئيسه يؤكد فيه وجود 69 ألف بلطجي في القاهرة فقط تحت أمرهم بعد الثورة، وطبعًا أنكر وزير الداخلية ذلك، وأنكر وجود ضابط شرطة بهذا الاسم، كما أنكر 7 مرات وجود قناصة، رغم اكتشافنا وجود قسم رسمي بأكمله لفريق القناصة في وزارة الداخلية».
وأوضح «فيسك» أنه بعد ساعات قليلة من إجراء حواره مع «الأسواني»، نشرت الصحف المصرية صورة للضابط محمود الشناوي «قناص العيون»، المتهم بإطلاق النار على أعين 60 من متظاهري ميدان التحرير أثناء معركة شارع محمد محمود.
ونقل «فيسك» على لسان «الأسواني» قوله، إنه يعتقد أن »هناك اتفاق بين الإخوان المسلمين والجيش، بأن يكون هناك ضغط على الناس لتكره الثورة بعد 10 شهور، إلا أن الشعب فاجأهم يوم 19 نوفمبر، وعاد إلى الشارع للدفاع عن الثورة من جديد».
وأكد «الأسواني» أن المجلس العسكري يحاول العثور على مصدر آخر للشرعية، فهم في السلطة فقط بسبب الثورة، لأن «مبارك» عندما تنحى ونقل السلطة إليهم كانت تلك خطوة غير دستورية ولا معنى لها».
وأضاف: «لا يوجد في الدستور أي إشارة لتسليم السلطة للمجلس العسكري، وبالتالي يريد قادة المجلس العسكري العثور على قاعدة أخرى غير الثورة، من خلال الانتخابات»، ووصف «الأسواني» الانتخابات بأنها «شهدت تصويتًا حرًا، لكنها ليست انتخابات عادلة.«
وعن فلول الحزب الوطني، استنكر «الأسواني» حكم المحكمة، التي مكنتهم من خوض الانتخابات متسائلا: «إذا فقدت رخصة مزاولة مهنتي كطبيب أسنان، هل يمكنني عندئذ العمل في مستشفى آخر؟!»، مشيرًا إلى أن فلول الوطني بحثوا كثيرًا خلف القوى الثورية واتهموهم بتلقي تمويل خارجي، «لكنهم غضوا البصر عن ملايين الدولارات، التي تذهب من الخليج إلى الإخوان والسلفيين».
وأكد «الأسواني» أنه عندما تم السماح للمصريين المقيمين في الخارج بالتصويت في الانتخابات «تم تسهيل إجراءات السفارات المصرية في الخليج، بينما في أوروبا وأمريكا حدث تباطؤ شديد وتعقيدات مختلفة للمصريين، الذين ذهبوا للتصويت».
ورأى «الأسواني» في نهاية حواره مع الصحفي روبرت فيسك أن ذهاب المصريين للتصويت في الانتخابات لم يكن دعمًا للعسكري كما قال القادة العسكريين، وإنما للتخلص منهم ودفع مصر للأمام، موضحًا أن الناخبين «لم يكونوا ثوريين، ولكن فكروا في أن هذا هو الطريق إلى الديمقراطية، ولهذا ذهبوا بهذه الأعداد للتصويت»، مؤكدًا أنه «عندما نتحدث عن ثورة حقيقية، فإن التخلص من النظام القديم وإرساء آخر جديد يستغرق وقتًا طويلاً».