«زوجتى العزيزة.. أوصيك خيراً بولدى (إبراهيم وإسماعيل).. أنا انتحرت لأتخلص من حياتى.. لا أستطيع أن أعيش غارقاً فى ديونى وممتلكاتى (شقة ومحل) هى لك ولولدينا».. هذه السطور الأخيرة التى كتبها كهربائى فى إمبابة قبل أن يربط حبلاً فى مروحة السقف ويصنع مشنقة لنفسه وينهى حياته.. الواقعة حدثت قبل 5 أيام وكشفتها رائحة كريهة الاربعاء ، حيث عثرت الشرطة وأسرة الضحية على الجثة وقد تساقطت منها الدماء بفعل «الانتفاخ والتشقق».. انتقل ثروت حامد، وكيل أول النيابة، لإجراء معاينة، وقرر نقل الجثة إلى مشرحة زينهم لتشريحها وبيان سبب الوفاة وانتدب المعمل الجنائى لرفع البصمات. جرت التحقيقات بإشراف خالد الأتربى، رئيس نيابة، واستدعى زوجة الضحية وشقيقه لسؤالهما. وطلب المستشار محمد ذكرى، المحامى العام لنيابات شمال الجيزة، تحريات الشرطة حول الواقعة وهل بها شبهة جنائية من عدمها.
المكان.. شقة فى الطابق الخامس بشارع النصر فى قلب مدينة الأمل بإمبابة.. هناك وقف الضحية 49 سنة واتخذ قراره النهائى بـ«الرحيل عن الحياة» وكتب فى 5 صفحات متتالية وعلى ورقة نتيجة ما اعتبره المحققون وصية وطلباً وأنه الذى انتحر بيده.. يقول فى الورقة الأولى: «بسم الله الرحمن الرحيم.. زوجتى العزيزة أوصيك خيراً بولدى إبراهيم وإسماعيل 9سنوات و6 سنوات.. أنا انتحرت بسبب ظروف المادية السيئة ولأننى لا أقدر على الإنفاق عليك وعلى الولدين».. وكتب فى الورقة الثانية: «أنا أمتلك محلاً وشقة هما لزوجتى وولدى.. وبالنسبة للمحل لم أدفع إيجاره منذ 5 أشهر.. وبالنسبة للشقة لم أدفع لصاحبها الإيجار منذ 4 أشهر، وذلك لأن الشغل قليل ويتعبر مافيش فى الفترة الأخيرة، وأنا كنت كسيب وباصرف على نفسى وعلى ولادى وعمرى ما اتعودت أمد إيدى لحد.. لكن المسائل اتغيرت فى الأيام الأخيرة والمحل مافهوش شغل والطلب قل على العمل».. وكتب فى الورقة الثالثة: «ودى ديونى لصاحب البيت والمحل أرجو تسديدها».. وكتب فى الرابعة: «أنا انتحرت بإيدى وباطلب من أى حد يعرفنى إنه يطلب لى الرحمة والمغفرة ويدعى لى.. وإنت يا زوجتى سامحينى وخلى بالك من الولدين».. وطلب فى الورقة الخامسة وهى «ورقة نتيجة» قائلا: «أطلب منكم دفنى فى مقابر الصدقة بالفيوم».
تلقى اللواء فاروق لاشين، مساعد الوزير لأمن الجيزة، بلاغا بانتحار هشام حسن العزب «49 سنة» داخل شقته فى إمبابة وانتقل العميد عرفة حمزة، رئيس مباحث قطاع الشمال إلى مكان البلاغ، وتبين أن جيران الضحية اشتموا رائحة كريهة صادرة من شقة الضحية واتصلوا بزوجته وحضرت بصحبة شقيقه وفتحا الباب فى حضور الشرطة وتبين أن الضحية معلق من رقبته فى حبل وجسده منتفخ وأن الدماء تساقطت أسفل المكان المتعلق به وتبين أن انتفاخ الجسد تسبب فى تشقق الجلد وسقوط الدماء على الأرض.. وحضر رجال المعمل الجنائى ورفعوا البصمات من على الأوراق التى سطرها الضحية بخط يده وكذلك القلم المستخدم فى الكتابة وفى الشقة.
واستمع ثروت حامد، وكيل أول النيابة، وبسكرتارية أحمد سعيد، لأقوال زوجة الضحية وقالت فى التحقيقات إنها وزوجها شبه منفصلين منذ 5 أشهر وأنه يقيم فى شقة بمفرده، هى التى شهدت الجريمة، وأضافت أنه حاول الانتحار منذ 40 يوما بأن منع عنه نفسه الطعام والشراب لمدة يومين وتمكن الجيران من إنقاذه ونقلوه إلى المستشفى. وقال شقيقه فى التحقيقات: «لا أتهم أحداً بالتسبب فى وفاة شقيقى وهو حاول الانتحار قريبا لسوء أحواله المادية بعد توقف العمل فى الشهور الأخيرة بسبب الأحوال التى يمر بها البلد.. أما عن الوصايا التى كتبها سننفذها بعد الاتفاق بيننا وبين زوجته على ما تحويه من طلبات».