شدد الدكتور حسين خالد، نائب رئيس جامعة القاهرة لشؤون الدراسات العليا، على ضرورة اختيار المناصب القيادية بالجامعات بالانتخاب، مشيراً إلى أن الأسباب الأساسية فى تدهور التعليم والبحث العلمى هى «الثالوث المحبط»، المتمثل فى ضعف الميزانيات، وعدم تفرغ الباحثين وأعضاء هيئات التدريس، وأسلوب إدارة المنظومة الحاكمة للتعليم، سواء على المستوى الوزارى أو الجامعى أو على المستوى فى الكليات والمعاهد والمراكز البحثية.وإلى نص الحوار:
■ باعتبارك طبيب أورام وأستاذ جامعى ماذا يعنى التعليم والصحة لمستقبل مصر؟
- التعليم والصحة هما أساس تقدم الأمم، وقاطرة التقدم هى البحث العلمى، ومصر تزخر بثرواتها البشرية فى جميع المجالات، وعلى رأسها التعليم العالى والبحث العلمى، وهما كفيلان بوضع مصر ضمن قائمة الأمم المتقدمة.
■ فلماذا إذن هذا المستوى المتدنى فى التعليم العالى والناتج الضعيف للأبحاث المصرية على المستوى العالمى؟
- الأسباب واضحة، وتشمل الثالوث المحبط المكون من ضعف الميزانيات، وعدم تفرغ الباحثين وأعضاء هيئات التدريس، والمنظومة الإدارية الحاكمة سواء على المستوى الوزارى أو الجامعى، أو على المستوى الأقل لكل كلية أو معهد أو مركز بحثى.
وأود سرد بعض الأمثلة، لتوضيح ما حدث لنا خلال الثلاثين عاماً الماضية، فعلى سبيل المثال وفى مجال ضعف الميزانيات المتاحة للبحث العلمى والتعليم نجد أن ميزانية البحث العلمى تمثل 0.2% من الدخل القومى، بينما تبلغ فى معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية 3%، وفى كوريا الجنوبية 5%.
أما فيما يتعلق بعدم تفرغ الباحثين وأعضاء هيئات التدريس، فيرجع ذلك لسعيهم الدائم للبحث عن مصادر دخل أخرى، لأن متوسط أجر أستاذ الجامعة يبلغ نحو 600 دولار أمريكى شهريًا مقابل 10 آلاف أو 15 ألفاً فى الدول المتقدمة.
وفيما يتعلق بالمنظومة الإدارية الحاكمة، أن قانون تنظيم الجامعات لم يتغير منذ 1971، رغم الثورة المعرفية والتكنولوجية التى غيرت وجه ومعالم العالم.
■ وما الطريق إلى المستقبل من وجهة نظركم كمسؤول؟
- إن المجتمعات القادرة على التحدى والمنافسة هى مجتمعات المعرفة، وهى تعتمد بالضرورة على الطاقات البشرية القادرة، والسبيل الوحيد لإعداد البشر لمجتمع المعرفة هو التعليم، خاصة الجامعى، كما أن إرتباط قضية البحث العلمى بشكل جوهرى بالرؤية السياسية لأى مجتمع، ضرورة واضحة، فلن يكون هناك تقدم فى هذا المضمار دون تحديد للعلاقة المباشرة بين أهداف البحث العلمى، وعلاقته بالأمن القومى وقوة الدولة الاستراتيجية والاقتصادية.
■ وكيف يمكن حل مشكلة الثالوث ؟
- الحل يكمن فى وضع استراتيجية شاملة للتعليم والبحث العلمى، لا تتغير بتغير الوزراء، وأن تكون رؤيتها ورسالتها وأهدافها واضحة وملزمة للدولة، إضافة إلى قانون جديد لتنظيم الجامعات الحكومية، وآخر للجامعات الخاصة، مع التوسع فى إنشاء جامعات جديدة حكومية وخاصة وأهلية، والتأكيد على مجانية التعليم ما قبل الجامعى، أما بالنسبة للتعليم الجامعى، فيجب أن تكون المجانية بضوابط تؤكد جدية الطالب مع تمتع المتفوقين بمجانية ورعاية خاصة.
■ ماذا عن استقلال الجامعات وزيادة الميزانيات؟
- لابد من التأكيد على استقلالية الجامعات، كهيئات علمية إدارية واقتصادية مستقلة، مع زيادة الميزانيات الخاصة بالتعليم والبحث العلمى كمرفق من مرافق الدولة، وأن تكون بحد أدنى 3 أضعاف ما هو قائم حالياً، كبداية، مع وضع خطة خمسية للوصول بالميزانيات إلى ما هو موجود فى الدول الأوروبية المتقدمة.
■ وماذا عن وضع آليات جديدة لاختيار القيادات الجامعية فى ظل تصاعد موجات الغضب الحالية؟
- اختيار القيادات الجامعية لابد أن يكون مبنياً على معايير واضحة وموضوعية، ويمكن تشكيل هيكل إدارى للاختيار، من خلال انتخاب كل قسم ممثل له، وانتخاب كل كلية ممثل لها من الأقسام، لا يحق له الترشح لأى منصب، على أن يتم تشكيل لجنة لكل كلية من ممثلى الأقسام، وأخرى للجامعة من ممثلى الكليات، وتضم لجنة الاختيار فى كل كلية أو جامعة، أحد العاملين الإداريين بالكلية أو الجامعة، يتم انتخابه من بين العاملين الإداريين فى الكلية أو الجامعة، على أن ينضم إلى اللجنة فى كل كلية أو فى الجامعة، رئيس اتحاد الطلاب بها، وأن تكون مدة هذه اللجنة عاماً دراسياً، وتتم إعادة انتخابها أثناء فترة الإجازة الصيفية، ولا يحق لأى عضو بها قضاء أكثر من 3 سنوات،وأن تسمى هذه اللجان لجان ترشيح القيادات.
أما عن اختيار رئيس الجامعة والنواب، فتقوم اللجنة المشكلة على مستوى الجامعة باختيار 3 مرشحين لمنصب رئيس الجامعة، على أن يكون حق انتخاب رئيس الجامعة لـ« العمداء» وممثل للعاملين الإداريين بالجامعة ورئيس اتحاد الطلاب بالجامعة، وفيما يخص اختيار نواب رئيس الجامعة، يرشح رئيس الجامعة أحد ثلاثة مرشحين لمنصب النائب، يتم اختيارهم من قبل رئيس مجلس الوزراء.