رفض سياسيون وقانونيون ما تم تداوله فى تقارير إعلامية، عن نية مبارك تقديم اعتذار للشعب، أملاً فى العفو عنه، معتبرين أن فى قبول العفو عودة إلى مرحلة بدائية تسبق وجود الدولة، وطالبوا بتطبيق القانون هروباً من شكوك ستصيب «العدالة» وتطبيقها فى مصر.
اعتبر الدكتور عماد جاد، الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن ما تردد حوله نية مبارك الاعتذار للشعب «اعترافاً بالخطأ» بعد ارتكابه جرائم سياسية، والتحريض على قتل متظاهرين، ونيته توريث البلد لابنه الذى قاد عمليات نهب ضخمة - حسب وصفه.
ورغم تأكيده على أن طلب العفو من الشعب «خطوة مهمة»، إذا ما صحت هذه الأنباء، إلا أنه أشار إلى أننا فى بداية عهد ديمقراطى يجب إرساء قواعد ثابتة تدعمه. واقترح «جاد» فى حال صدق الرئيس السابق فى الكشف عن الأموال المنهوبة إجراء استفتاء لعرض الأمر على الشعب، وأكد «جاد» أن رأيه الشخصى مع مصادرة أموال مبارك ومحاكمته، حتى يكون «عبرة لمن يعتبر».
الدكتور عمرو هاشم ربيع، المحلل السياسى، اعتبر ما تردد حول طلب العفو التفافاً على القانون والعدالة، وحقوق الأجيال القادمة، محذراً من نشأة نظم ديمقراطية بعد ذلك تظن أنها تستطيع السطو على ثروات البلاد، كما فعل «مبارك» الذى خلعه الشعب. ولفت «ربيع» إلى أن العفو عن مبارك سيصنع شكوكاً حول العدالة وتجزئتها.
واتفقت الدكتورة أمانى مسعود، أستاذ الاجتماع السياسى بجامعة القاهرة، مع «ربيع» فى أن الاعتذار قد يكرس فكرة أنه طالما سمح لرئيس جمهورية سابق بالعفو، فيمكن أن يسمح لمن يلحقه فى المنصب، مستنكرة السماح بحدوث هذا باعتباره علامة على مرحلة بدائية تسبق وجود الدولة.
وقال عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط الجديد: «لست مع فكرة العفو لأن مصر تحتاج خلال تلك المرحلة لإقرار فكرة العدل وبناء دولة القانون، وهناك أسباب أخرى تقتضى محاكمة مبارك ومعاقبته إن كان خاطئا».
وأضاف سلطان: «هناك أمران لا يمكن الحديث بشأنهما، الأول هو دماء الشهداء، والثانى يتعلق بالثروة المصرية التى استقرت العشرات من أحكام محكمة القضاء الإدارى على أنها ملك للأجيال التى ماتت والأجيال القادمة، وبالتالى لا يملك أحد العفو عمن أضاع تلك الثروات.
وقال سعد عبود، القيادى بحزب الكرامة، عضو مجلس الشعب الأسبق، إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، سيضع نفسه فى حرج مع الشعب إذا فكر فى مجرد النظر فى الاعتذار، مشيرا إلى أن مبارك يواجه اتهامات جنائية، والمحاكم الجنائية عادة لا تقبل الاعتذارات.
وقال عبود لـ«المصرى اليوم» إن من سينظر أى قرار للعفو عن الرئيس السابق سيضع نفسه فى مأزق دستورى وقانونى وشعبى، وأضاف: ما نريده هو محاكمة عادلة لمبارك، حتى لو أدت تلك المحاكمة فى النهاية إلى البراءة، حتى لا يخرج علينا مثلا أحمد عز ويقول سأرد ما نهبته إلى الدوله مقابل العفو.
وقال علاء عبدالمنعم، النائب السابق، إنه يجب التفرقة بين الجرائم المالية وهى التى يجوز فيها التصالح، أما الجرائم السياسية والقتل فلا يجوز فيها التصالح. وأضاف: ليس المطلوب تنازله ولكن أن يكشف عن جميع عناصر ثروته فى الخارج قبل الداخل. وتابع: أما إذا ثبت تورطه فى قتل المتظاهرين سواء بالتوجيه أو الأمر المباشر فهذا لا تنازل فيه لأن الدم لا يباع. وأوضح بلال دياب، عضو ائتلاف شباب الثورة، أن محاكمة الرئيس السابق أحد أهم أهداف الثورة المصرية والعفو عنه يمكن أن يكون سببا قويا لقيام ثورة جديدة.
وأشار عصام الشريف، عضو اتحاد شباب الثورة، إلى ضرورة محاكمة مبارك ومن ثم معاقبته، موضحا أن ثورة 25 يناير قامت بشكل عفوى للقضاء على الظلم والفساد والإفساد، والعفو عن الرئيس السابق لأى أسباب سيكون منتهى الفساد والإفساد.