هل كانت تصريحات ومواقف نبيل العربى، وزير الخارجية، حول علاقة مصر بإسرائيل وإعلانه عدم وجود أى موانع لإقامة علاقات طبيعية مع إيران، وراء ترشحه لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية وتركه وزارة الخارجية؟ وهل كانت مصر مصرة بالفعل على ترشيح الدكتور مصطفى الفقى للمنصب ذاته، أم أن هناك أحداثاً جرت من وراء الستار بلورت المشهد إلى ما انتهى إليه فى اللحظات الملتهبة الأخيرة، وانتهت باختيار «العربى» أميناً عاماً للجامعة؟
قالت مصادر مطلعة، فضلت عدم نشر اسمها، إن ترشح «الفقى» للمنصب من البداية، كان بهدف معرفة مدى قبوله على المستويين الداخلى والعربى، بشكل كاد يقترب من فكرة حرقه على هذين المستويين، تمهيداً لإقصائه عن الصورة السياسية نهائياً، فالداخل المصرى، خاصة من شباب الثورة وعموم المثقفين، كانت لهم اختلافاتهم الفكرية والسياسية مع الرجل، الذى لا يمكن، مهما بذل من محاولات، بحسب المصادر، أن ينفى علاقاته القوية مع النظام السابق، واستخدامه فى كثير من الأحيان لتبرير ما يقوم به من أفعال.
وأضافت المصادر: إن ذلك الأمر استمر حتى بعد اندلاع ثورة 25 يناير بأيام، وقبل تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك عن منصبه، وأن كثيرين من السياسيين، الذين كانوا قريبين من مراكز صنع القرار، أكدوا أن «الفقى» لم يكن يوماً من معارضى النظام السابق على الإطلاق، بل إنه استفاد إلى أقصى حد ممكن منه.
وتابعت: جاء الرفض العربى لشخصية «الفقى» إلى الحد الذى دفع سفير أحد البلدان العربية، للتباحث مع صناع القرار، مؤكداً لهم أن الإصرار على ترشيح «الفقى» يعنى ضياع منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية من مصر، وهو ما عبرت عنه السودان صراحة وأعلنه وزير خارجيتها عند زيارته لمصر، بسبب موقف «الفقى» من القضية السودانية وتصريحاته التى أعلنها فى إطار النظام السابق، وقالت المصادر: لم تكتف قطر بالرفض بسبب تصريحات «الفقى» ضد حاكمها وزوجته، لكنها سارعت بتقديم المنافس له على المنصب مدعمة موقفه بمساعدات مالية لبعض الدول، وهكذا بات «الفقى» مرفوضاً داخلياً وخارجياً، ليكون التفاوض فيما بعد على من يخلفه فى الترشح فى تلك الظروف الراهنة، التى تمر بها مصر على المستويين الداخلى والخارجى.
واستطردت: فى الوقت ذاته كانت تصريحات «العربى» ومواقفه السياسية، محل تقدير على المستوى الداخلى، ومثار قلق على المستوى الخارجى، فالرجل الذى يستند على خلفية قانونية وسياسية دولية طويلة، كان يعرف ميزان كل كلمة يقولها ومعناها الذى يعنيه، ولذا كان مثار قلق غربى بشكل عام وأمريكى على وجه الخصوص، خاصة فيما يتعلق بعودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران لشكلها الطبيعى وإمكانية إعادة النظر فى بعض بنود اتفاقية السلام.
مصادر أخرى قالت إن العربى شخصية لا يمكن التضحية بها فى ظل الثقل السياسى، الذى يتمتع به على المستويين الداخلى والخارجى، لكن فى إطار التفكير فى الصورة العامة للسياسة المصرية وعلاقات التوازن مع العالم الغربى، كان التفكير فى تقديمه كمرشح مصر لتولى منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، لما له من شعبية بين وزراء الخارجية العرب من جانب، والاستفادة به وبخبراته فى إدارة المنظمة العربية من جانب آخر، وأخيراً إبعاده عن منصب وزارة الخارجية المصرية دون إثارة مشاكل داخلية.