افتتحت عروض الأفلام المصرية المشاركة بالدورة الثامنة لمهرجان دبي السينمائي، المقام في الفترة من 7 وحتى 14 ديسمبر الجاري بالفيلم التسجيلي «ستو زاد أول عشق» للمخرجة الشابة هبة يسري وإنتاج ماريان خوري.
وإلى جانب الفيلم، المشارك في فعاليات مسابقة «المهر العربي للأفلام الوثائقية»، يشترك فيلم المخرج أحمد رشوان، «مولود في 25 يناير»، والذي عرض مباشرة عقب «ستو زاد»، أما في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة فيشارك فيلم «واحد صحيح» من تأليف تامر حبيب وإخراج هادي الباجوري في أول تجاربه الروائية الطويلة.
وعن تجربة «ستو زاد» فهو لا يبتعد عن أغلب الأفلام المشاركة، فهو يحتفي بفكرة البورتريه الشخصي, فهناك عدد كبير من التجارب التي عرضت خلال مختلف البرامج تتمحور موضوعاتها وأشكالها السينمائية حول البورتريه, خاصة تلك التي ترتبط بشخصيات لديها صلة قرابة أو علاقة مباشرة مع صانع الفيلم.
ففي «ستو زاد» تدور الأحداث حول شخصية المطربة الشهيرة «شهرزاد» التي هي جدة المخرجة هبة يسري, وفي فيلم «الإمام وأنا» من جنوب أفريقيا للمخرج «خالد شميس»، يدور حول حياة الإمام الأفريقي عبد الله هارون من خلال وجهة نظر حفيده المخرج، وفيلم «الحوض الخامس» للمخرج اللبناني سيمون الهبر محاولة رسم بورتريه لمدينة بيروت ولشخصيات من الزمن الماضي عبر قصص والد المخرج، نجم الهبر، وأصدقاؤه الذين يعملون كسائقين منذ سنوات طويلة في «الحوض الخامس» بالميناء.
وتقدم المخرجة هبة يسري في «ستو زاد» محاولة للتحرر من قالب الفيلم الوثائقي التقليدي الذي يتحدث عن حياة شخصية معينة من خلال سرد وقائع ومعلومات ولقاءات حول الشخصية ومعها، بل تحاول أن يبدو كل شيء عفويًا ومرتجلًا, مجرد تداعٍ حر من الأفكار والقصص التي تنظر للشخصية من داخلها ومن داخل أسرتها.
واعتمدت المخرجة على عدد كبير من الصور الأسرية والمهنية لأرشيف المطربة، كذلك مادة مصوّرة من حفلاتها ولقاءاتها العائلية، وهي مادة جيدة لكنها لم توظف بالشكل الفني الجيد إلا في بعض المناطق القليلة بالفيلم.
أهم ما في فيلم هبة يسري هو تلك المحاولة للبحث عن الذات من خلال ملامح الجدة التي ربتها والتي كان عملها بالوسط الفني سببًا رئيسيًا في تغيير ملامح أسرتها خاصة مع زواجها من عازف التشيللو الشهير محمود رمزي وإنجابهما لولدهم الوحيد يسري، والد هبة.
يبدو الوالد هنا من خلال مجموعة لقاءاته في الفيلم أشبه بالخصم في الصراع الدرامي، حيث تفرد له المخرجة لقاءات طويلة أمام الكاميرا يتحدث فيها عن خصومة تبدو دفينة مع الفن والوسط الفني رغم أنه كان عازفًا في وقت من الأوقات في شبابه وكيف أن هذه الخصومة أثرت كثيرًا على علاقته بدخول هبة نفسها إلى مجال الفن لتصبح مخرجة.
وعاب كثيرون على الفيلم التكلف اللغوي والفكري في التعليق الصوتي، مما تعارض بشكل كبير مع بساطة الصورة والأسلوب الذي اتبعته بصريا.
كذلك فإن طول الفيلم سبب مشكلة، حيث يوجد حوالي 10 دقائق في نهايته تمثل «ما بعد الذروة»، فالمخرجة بعد أن تقدم أغنية للمطربة الكبيرة في عز مجدها تعود مرة أخرى لتقدمها وهي عجوز مريضة تجمع أوراقها وكأنها على وشك الرحيل.
وبدلًا من أن تختم الفيلم بالحياة المستمرة والمتجددة للفنانة تختمها بشكل ميلودرامي، حيث يظلم الكادر على الأريكة التي كانت تجلس فيها المخرجة مع جدتها المطربة الكبيرة وهو ما يتعارض مع فكرة الحياة المستمرة للفنان والفن التي بثتها المخرجة طوال أجزاء فيلمها.