x

السلام بين إريتريا وإثيوبيا.. هل يكون بداية ربيع القرن الأفريقي؟ (تقرير)

الإثنين 17-09-2018 21:46 | كتب: عمر علاء |
الملك سلمان رعى اتفاق السلام بين زعيمي إثيوبيا وإريتريا الملك سلمان رعى اتفاق السلام بين زعيمي إثيوبيا وإريتريا تصوير : آخرون

في اتفاق وُصف بالتاريخي وقع الرئيس الإريتري آسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على، اتفاقية جدة للسلام بين البلدين، بعد أعوام من القطيعة والصراع الذي خلف عشرات الآلاف من القتلى، برعاية وحضور خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، ووزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد آل نهيان.

لكن هذا الاتفاق لم يكن وليد اللحظة، فمع وصول آبي أحمد، إلى السلطة في أبريل الماضي أكد رغبة بلاده في إعادة العلاقات مع الجارة الإريترية، وبعد ذلك بشهرين أعلن أن إثيوبيا ستعيد إلى إريتريا المناطق المتنازع عليها، ومن بينها مدينة بادمي التي بسببها اندلعت الحرب عند الحدود، لتعد أول خطوة فعلية للسلام.

تبع ذلك إعلان البلدين في 9 يوليو الماضي عن توقيع بيان «سلام وصداقة مشترك» لينهيا حالة الحرب المستمرة منذ نحو عشرين عامًا، ما مهد الطريق لتوقيع اتفاق جدة للسلام.

الدكتور أيمن السيد عبدالوهاب، الخبير في شؤون المياه وأفريقيا بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكد وجود عدة أسباب دفعت تجاه عملية السلام، معتبرًا أن «المحرك الأول والدافع الرئيسي هي مبادرة رئيس مجلس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد لإنهاء الصراع والخلاف مع دول الجوار لإعادة صياغة موقع إثيوبيا في نطاقها الجغرافي، ليتماشي مع مشروعة الإصلاحي الداخلي.

ويأتي هذا الاتفاق بالتزامن مع تغير السياسة الخارجية الإريترية تجاه محيطها الإقليمي، حيث كشف وزير الخارجية الجيبوتي محمود على يوسف في 8 سبتمبر الجاري عن وساطة سعودية لتطبيع العلاقات بين جيبوتي وإريتريا، لينهيا بذلك نزاعًا استمر لعشر سنوات إثر نزاع حدودي، سبقه في 30 يوليو توقيع اتفاق لإقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء بينها وبين الصومال، بعد اتهام الصومال لإريتريا في وقف سابق بتزويد متمردين متشددين بالسلاح.

يرى «عبدالوهاب» أن إريتريا واجهت العديد من الضغوط المرتبطة بعزلتها عن محيطها الإقليمي، وبالتالي وجدت في مبادرة آبي أحمد مخرج من أزمتها، خاصة مع اتخاذه اتفاق الجزائر كمرجعية للمصالحة، وهو ما يعد عاملا مرضيًا للطرف الإريتري.

يقول «عبدالوهاب» لـ«المصري اليوم» إن «للاتفاق دوافع اقتصادية تكمن في تحسين بيئة الاستثمار في المنطقة لتعزيز الاستقرار الداخلي لدولهم»، مشيرًا إلى أنه لا يمكن تغييب دور المملكة العربية السعودية في ذلك السياق، خاصة أن حجم الاستثمارات السعودية في المنطقة كبير.

وذكر أن تلك «المساعي الأخيرة تتوافق مع رغبة القوى الكبرى في دعم مشروع آبي أحمد»، مشيرًا إلى أن الاهتمام الدولي بالقرن الأفريقي يتزايد وينعكس بشكل كبير على تنافس الدول على موانئ القرن الأفريقي وموارده.

وتستثمر العديد من الدول في موانئ القرن الأفريقي نظرًا لأهميتها الاسترتيجية، وفي مقدمة هذه الدول الإمارات والصين وقطر والسعودية، وفي 11 من سبتمبر الجاري أعلن البلدان فتح معابر حدودية مشتركة، ما يمهد الطريق للتبادل التجاري بين إثيوبيا وإريتريا، ورحبت وزارة الخارجية المصرية بتوقيع أثيوبيا وإريتريا على اتفاقية جدة للسلام، معربة عن تطلع مصر إلى تعزيز دعائم الأمن والسلام والاستقرار في القرن الأفريقي لما فيه مصلحة شعوب المنطقة.

وأشار خبير الشأن الأفريقي إلى أن مصر لاعب رئيسي في كل التوازنات التي تجري في المنطقة، مؤكدًا قوة العلاقات المصرية الإريترية، فضلا عن تحسن العلاقات مع إثيوبيا خلال الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، مع وجود دور مصري في حل أزمة جنوب السودان، ما يجعل مصر حاضرة في جميع ملفات القرن الأفريقي.

وأكد «عبدالوهاب» أن مصر تدعم الاستقرار في القارة السمراء عامة والقرن الأفريقي خاصة، لافتًا إلى أن «مشروع الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي يخدم مصالح مصر في مواجهة التطرف والإرهاب خاصة مع تحول القرن الأفريقي في العقدين السابقين إلى بؤر صراعات»، وتابع أن الاستقرار يوفر دعائم عملية تنمية والمشاركة في المنطقة، ومن ثم يحقق كثير من متطلبات الأمن القومي المصري وفي مقدمتها الأمن المائي.

الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية جهاد عمر الخطيب، تعلق على الاتفاق بقولها إنه بعد انفصال إريتريا أصبحت إثيوبيا دولة حبيسة ليس لها منفذ على البحر، مشيرة إلى أنه مع اندلاع الحرب بين الطرفين أصبحت أثيوبيا تعتمد بشكل كامل على ميناء «جيبوتي»، بعد أن جعلت الحرب الأهلية الصومالية استخدام الموانئ الصومالية أمرًا من الصعوبة بمكان.

وأضافت «الخطيب» لـ«المصري اليوم» أن تنوع المنافذ البحرية من أهم الأسباب التي دفعت إثيوبيا للمصالحة، لكنها نوهت بأن الاستقرار في القرن الأفريقي سيكون له تأثير إيجابي على مضيق باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وبدوره سيؤثر على الأمن الملاحي في قناة السويس المصرية التي تعد شريانًا حيويًا بالغ الأهمية للاقتصاد المصري.

وتابعت: «رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، يحاول إعادة ترتيب البيت الإثيوبي من الداخل منذ تقلده منصبه، إبريل الماضي؛ وتبنيه نهج تصفير الخلافات مع إريتريا؛ لذا أعلن في وقت سابق عن قبوله لترسيم الحدود بين الدولتيْن وفقًا لحكم اللجنة الدولية التي تشكَّلت عام 2000 بموجب اتفاقية الجزائر، فضلاً عن الزيارة التاريخية التي قام بها للعاصمة أسمرة، 8 يوليو الماضي».

وأشارت إلى جهود الوساطة التي قامت بها أطراف إقليمية ودولية، سواء كانت معلنة أو خلف الستار، وأبرزها الولايات المتحدة والسعودية والإمارات، لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

ولدى الدولتين تاريخ طويل من العداء بدء منذ عام 1961 حين اندلعت الحرب بين إريتريا وأثيوبيا حتى استقلت إريتريا عن إثيوبيا عام 1993، لتنشب حرب جديدة عام 1998 أثر نزاع حدودي على منطقة بادمي، ووقع الطرفان في ديسمبر عام 2000 اتفاق الجزائر لينهي حربًا خلفت 100 ألف قتيل، إلا أن الاتفاق لم يأت بكامل نتائجه المرجوة، بعد رفض أثيوبيا قرار لجنة تدعمها الأمم المتحدة حول ترسيم الحدود بين البلدين عام 2002، ما يجعل الجهود الحالية محاطة بكثير من التحديات تكمن في كيفية تحويل تلك الإرادة السياسية للدولتين إلى واقع ملموس على الأرض وتجنب أسباب فشل التجارب السابقة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية