x

بعد الإنذار الأوروبي.. هل تشهد المجر «بريكست» إجباريا؟ (تحليل)

السبت 15-09-2018 20:45 | كتب: عمر علاء |
فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر تصوير : آخرون

في حدث اعتبر تاريخيا، صوّت البرلمان الأوروبي للمرة الأولى لصالح إطلاق إجراءات عقابية ضد الحكومة المجرية بسبب انتهاكهم للقواعد الديمقراطية.

وما يجعل الحدث متفردا أنه يأتي ضد دولة عضو، كما فعّل المادة السابعة من الاتفاقية الأوروبية بشأن وجود خطر واضح وانتهاك خطير من قبل دولة عضو لقيم الاتحاد الأوروبي.

وجاء التصويت في جلسة عامة للبرلمان، الأربعاء الماضي، بأغلبية ساحقة، حيث تم تمرير الاقتراح بعد تصويت 448 صوتًا مقابل رفض 197 وامتناع 48 عن التصويت.

من جانبها، رفضت الحكومة المجرية الإجراء، وهو ما تمثل في إعلان رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، أمس الجمعة، إن حكومته ستقرر الإثنين الخطوات القانونية التي ستتخذها للطعن على قرار من البرلمان الأوروبي ضد بلاده، بزعم انتهاك قيم الاتحاد الأوروبي الأساسية.

يذكر أن المجر من الدول المنضمة حديثا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004، وتعد من الدول التي انتقلت من الحكم الشيوعي إلى النظام الديمقراطي في فترة التسعينيات، إلا أن المجر وبعد وصول فيكتور أوربان إلى رئاسة الوزراء عام 2010 والدولة تتجه نحو السلطوية.

يزيد من سخونة المشهد أن العديد من أعضاء حزب الشعب الأوروبي المحافظ- وهو أكبر مجموعة سياسية في البرلمان الأوروبي، والذي يعد فيكتور أوربان جزءا منه- صوتوا لصالح الاقتراح، فيما يعد تصديا لسياسات رئيس الوزراء المجري.

وبعد ذلك القرار، يُنتظر أن تحدد أغلبية أربعة أخماس الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي أن الدولة المعنية انتهكت بشكل واضح قيم الاتحاد الأوروبي لاعتماد الاقتراح، وفي حال اعتماده رسميا ستمنع المجر من حقها في التصويت داخل الاتحاد الأوروبي.

وهو ما يدعو للتساؤل.. هل يمكن أن تُعاقَب المجر بالفعل، وبالتالي تصبح عمليا خارج الاتحاد الأوروبي، في سيناريو معاكس لـ«البريكست» البريطاني؟

يرى بهاء محمود، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الإجراءات لن تردع الشعبويين، معتبرا إياها «إجراءات تحذيرية فقط»، مستبعدا أن تؤدي تلك الإجراءات لتوقيع لتجريد حق التصويت من المجر في الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل وجود حلفاء للمجر من مجموعة «V4» والتى تضم (بولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا)، والتى يشاطروننا نفس التوجهات السياسية والأوضاع السياسية والاقتصادية.

وقالت وزارة الخارجية البولندية في بيان الأربعاء إن «كل دولة لها حقها السيادي في إجراء إصلاحات داخلية تراها مناسبة»، مضيفة أن الإجراءات الموجهة ضد الدول الأعضاء لا تخدم سوى الانقسامات العميقة في الاتحاد الأوروبي، مما يزيد من عدم ثقة المواطنين الحالي بالمؤسسات الأوروبية.

وترى آية عبدالعزيز، الباحثة في المركز العربي للبحوث والدراسات، أن القرار يعد نتاج انقسام الاتحاد الأوروبي حول السياسات المشتركة التي يتبناها الاتحاد، المرتكزة على قيم الحرية والديمقراطية ودعم اللاجئين، مستبعدة أن يؤدي ذلك إلى تنامي الحركات الانفصالية على غرار خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، للتخلص من هيمنة الاتحاد الأوروبي، والالتزام بسياساته المشتركة التي تهدف إلى الدفاع وحماية الأمن الأوروبي.

وأضافت: «المجر من أهم المستفيدين من البقاء في سياق الاتحاد لما له من مآلات اقتصادية إيجابية عليهم».

وأشارت «عبدالعزيز» إلى أن القرار يعكس الجهود التي تبذلها الأحزاب السياسية الأوروبية المعتدلة في مواجهة قوى اليمين المتطرف واليسار المتشدد الذين يعارضون السياسات الأوروبية المشتركة حول اللجوء والهجرة غير النظامية، وذلك مع اقتراب موعد انتخاب البرلمان الأوروبي المقررة في مايو 2019، مضيفة «أنه لا يمكن فصل القرار عن سياق الإعداد للانتخابات».

فيما رأى الباحث بهاء محمود أن الإجراءات تشكل ردعا لدول أخرى تنتهج نهج المجر، مثل بولندا التي تعرضت لنفس الآلية العام الماضي بسبب إصلاحاتها القضائية.

أما هانى دانيال، الكاتب الصحفي في الشأن الأوروبي، فقال: «التصويت يأتي حفاظا على تماسك الاتحاد الاوروبي أكثر من حفاظه على القيم الليبرالية، والإشكالية الأكبر في الفترة المقبلة كيفية عرقلة تنامي صعود الأحزاب اليمينية والحركات القومية التي تستغل من الأوضاع الاقتصادية لبعض الدول والعمليات الأرهابية وتزايد المهاجرين في انتقاد حكومات بلادها وتسعى لنشر أفكارها وتحقيق مكاسب سياسية».

المجر تناور

يرى الباحث بهاء محمود أن تصاعد أعمال العنف بين المهاجرين سيزيد من فرص صعود الشعبويين في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبل.

كما أعرب بهاء محمود عن عدم تفاؤله بشأن صعود ذلك التيار، معللا ذلك بأنه لم يعد يشكل المعارضة في البلدان الأوروبية وحسب، «فبالإضافة إلى النتائج التي يحرزها تيار اليمين المتطرف في البلدان الأوروبية وأنه أصبح يشكل رقما صعبا في المعادلة السياسية، أصبح الشعبويون يحكمون دولا كبرى في أوروبا، مثل إيطاليا والنمسا والمجر».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية