صدر قانون الإصلاح الزراعى، بعد مرور أسابيع على قيام ثورة 23 يوليو، فى تغيير ضخم لهيكل الملكية وتركيب المجتمع المصرى، حيث أفاد أغلب سكان مصر الذين كانوا ولايزالون من الفلاحين، ولذا أصبح موعد صدور هذا القانون عيداً للفلاح.
بعد مرور 66 عاماً على صدور هذا القانون، لم تعد أحوال الفلاحين أو الزراعة تدعو إلى التفاؤل، أو الفرحة مع حلول 9 سبتمبر، لأن الحكومات المتعاقبة فى سنوات ماضية لم تلتفت إلى أهمية تطوير الزراعة ودعم الفلاحين العمود الأساسى للمجتمع المصرى، الذى لايزال مجتمعاً زراعياً بالأساس.
الدكتور محمد فهيم، الخبير الزراعى، الأستاذ فى معمل المناخ بمركز البحوث الزراعية، قال إن ثورة يوليو 1952 جسدت طموحات وآمال حركة الوطنية المصرية بإصدار قانون الإصلاح الزراعى، والذى أحدث تغييراً جذرياً اجتماعياً فى مصر بإعادة هيكل الملكية الزراعية، وأدى لنمو الحركة التعاونية الزراعية وتعميق دورها فى خدمة الزراعة والفلاحين، وإقامة توازن نسبى بين الملاك والمستأجرين للأراضى الزراعية.
وأضاف فهيم، لـ«المصرى اليوم»، أن الطموحات التى كانت مرتبطة بقوانين الإصلاح الزراعى تعرضت لانتكاسة منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى، بعد سياسة الانفتاح الاقتصادى والتى أدت فى النهاية إلى تفكيك المؤسسات الزراعية، خاصة التعاون الزراعى، واتباع سياسة ما يسمى «التصدير من أجل الاستيراد» مثل زراعة الفراولة، لاستيراد القمح، ورفع يد الدولة عن العملية الزراعية على كافة محاورها من الائتمان إلى التسويق مروراً بالإنتاج، وإطلاق العنان لقوى السوق فيما يخص حيازة الأرض والذى كان الدافع وراء صدور قانون العلاقة بين المالك والمستأجر.
وأوضح أن هذه السياسات ترتب عليها تقلص المساحات المزروعة بالمحاصيل الغذائية أو اللازمة للصناعة الوطنية، وزيادة معاناة الفلاحين من السوق السوداء وانتشار ظاهرة الاحتكار. ولفت إلى إن عدد الجمعيات التعاونية الزراعية فى مصر يفوق 6400 جمعية تضم جميع الحائزين للأراضى الزراعية والبالغ عددهم 5.7 مليون حائز (مالك) لمساحة زراعية تقدر بنحو 5.7 مليون فدان يشكلون بأسرهم 55% من عدد السكان فى مصر، مشيرا إلى أن التنظيمات التعاونية الزراعية التى كانت تعد قاطرة التنمية للقطاع الزراعى انهارت مع تحول سياسات الدولة إلى الاقتصاد الحر خلال العقود الماضية، وهو ما يتطلب تدخلاً من رئيس الدولة لإعادة الأمور إلى نصابها تفعيلا لدور الفلاح المصرى فى تحقيق التنمية الاقتصادية للبلاد.
وطالب الأستاذ بمركز البحوث الزراعية الرئاسة بالتدخل لدعم الفلاح أسوة بما يحدث فى مختلف دول العالم، وتحديث الزراعة من خلال تطبيق سياسات تحافظ على الموارد المائية وتطوير عملية الإنتاج والتسويق الزراعى ومستوى التعليم الزراعى، مشددا على أهمية تعديل قانون التعاون الزراعى بحيث يسمح للفلاحين بتشكيل روابطهم وجمعياتهم المستقلة.
رضا إسماعيل، وزير الزراعة الأسبق، عبر عن هذا الموقف بقوله إن الدولة سببت «جرحا عميقا»، للفلاح لأنها لم تف بتعهداتها، ومنها الإعلان عن سعر المحاصيل قبل الزراعة، وأن تكون هذه الأسعار عادلة تغطى تكلفة الإنتاج، وتحقق هامش ربح مناسبا لتصبح الزراعة مهنة مربحة، مشيراً إلى أهمية دور الدولة فى مساعدة المزارعين فى إدخال الميكنة فى الحصاد والجنى، خاصة لمحصول القطن لأن سعر تكلفة جنى الفدان تسببت فى عزوفهم عن زراعته خصوصاً أن مصر كانت تزرع أكثر من 750 ألف فدان حتى عام 2000.
وأشار إسماعيل، إلى أهمية توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة تكون فى متناول الفلاح، إذ إن أسعار الأسمدة تتجاوز حصيلة بيع المحاصيل حيث ارتفع سعر شيكارة الأسمدة من 35 لـ350 جنيهاً خلال 10 سنوات، فيما لم يحصل الفلاح على سعر للمحصول وفق هذه النسبة ما انعكس على ضعف إقبال المزارعين على فلاحة الأرض لأن العائد أصبح لا يغطى التكلفة.