اختلف قانونيون وخبراء دستوريون حول مدى دستورية إعطاء الدكتور كمال الجنزورى، رئيس حكومة الإنقاذ الوطنى، صلاحيات رئيس الجمهورية بتفويض من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إلا أنهم أجمعوا على أهمية وصول حكومة قوية ذات صلاحيات كبيرة للخروج من الأزمة الحالية فى مصر، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى الشأن الاقتصادى والسياسى.
أكد الدكتور شوقى السيد، رئيس قسم القانون الدستورى بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن مسألة إعطاء رئيس حكومة الإنقاذ الوطنى صلاحيات رئيس الجمهورية «غير دستورية»، موضحاً أن مرسوم 136 لسنة 2011 بتكليف الدكتور كمال الجنزورى بصلاحيات رئيس الجمهورية ليس كافياً، وقال: «المادة 46 من الإعلان الدستورى تحدد اختصاصات المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومنها تفويض رئيسه أو أحد أعضائه بصلاحيات رئيس الجمهورية، وليس شخصاً خارج هذا المجلس».
وأضاف «السيد» لـ«المصرى اليوم» أنه كان يجب أن يلغى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاختصاص «10» من المادة 46 فى الإعلان الدستورى قبل تفويض الدكتور كمال الجنزورى بصلاحيات رئيس الجمهورية، وتابع: «مرسوم 136 لسنة 2011 صدر لتكليف الجنزورى وإعطائه صلاحيات رئيس الجمهورية دون الاستفتاء على إلغاء الاختصاص العاشر من المادة 46 وبالتالى فقد أصبح المرسوم غير دستورى».
وأشار «السيد» إلى حاجة حكومة الإنقاذ الوطنى إلى صلاحيات وسلطات كاملة للخروج من الأزمة الحالية، إلا أن ذلك لا يعنى أن يصدر مرسوم بالمخالفة للإعلان الدستورى الذى تم استفتاء الشعب عليه فى مارس الماضى، لافتاً إلى أن صلاحيات رئيس الجمهورية دستورياً وقانونياً واسعة ومتشعبة، قائلا: «مرسوم تكليف الجنزورى لم يحدد اختصاصات رئيس الجمهورية التى أعطيت له ولم يصدر تفويضاً له بأى منها».
وقال المستشار رفعت السيد، رئيس نادى القضاة سابقاً، إن العبرة ليست بالألفاظ والمبادئ ولكن بالمقاصد والمعانى، مشيرا إلى أنه طبقا للفقه الدستورى والقانونى فإنه يجوز أن يفوض رئيس الجمهورية - ممثلاً فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة 0 بعضا من صلاحياته لرئيس مجلس الوزراء أو وزير ما، ولكن غير الجائز هو تفويض كامل السلطات والصلاحيات.
وأضاف «رفعت»، أن الأهم ليس هو مدى الصلاحيات الممنوحة لحكومة الإنقاذ الوطنى لكن الأهم سرعة اتخاذ القرار للخروج من الأزمة الحالية، موضحاً أن تكبيل حكومة الدكتور عصام شرف أدى إلى التأخر دائما، وبالتالى خروج المليونيات والاحتجاجات فى الشارع.
وأوضح المستشار رفعت السيد، أن حصول «الجنزورى» على اختصاصات وصلاحيات رئيس الجمهورية عدا العسكرية والقضاء، مبن على أساسٍ دستورى سليم، والتفويض أمر متفق عليه قانونيا فى أنحاء العالم، قائلا: «أعتقد أن تفويضه بصلاحيات رئيس الجمهورية جاء بسبب ثقة المجلس العسكرى فيه، فهو يعتبر خبيرا فى الشأن السياسى، وله اختصاصات سياسية بجانب التنفيذية، ويعيبه اختياراته الضيقة للوزراء الذين عينهم».
من جانبه، قال بهاء أبوشقة، الخبير القانونى، إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة له سلطة وصلاحيات تنفيذية وتشريعية، مشيرا إلى أن المجلس اعتمد فى تفويض صلاحيات الرئيس للجنزورى إلى شرعيته الثورية فى المقام الأول وليست شرعية دستورية.
وأضاف «أبوشقة» أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يستطيع أن يضيف بعض المواد إلى الإعلان الدستورى منطلقاً من شرعيته الثورية، مبيناً أنه بناء على التأصيل القانونى الذى حصل عليه المجلس فيمكنه تفويض صلاحيات إلى من يختاره.