«يا رايحين للنبى الغالى.. هنيّالكم وعقبالى».. أغنية شهيرة مرتبطة بموسم الحج، تمامًا مثل الرسومات التى تميزت بها منازل الحجاج فى القرى والمدن والتى لا تختلف من منطقة لأخرى، ولا تزيد على كونها «طائرة وباخرة وجملا، وصورا أخرى للكعبة المشرفة والمسجد النبوى الشريف».
ولاحتفالات الحجاج بالمحافظات المختلفة، وطقوس السفر إلى الأراضى المقدسة والعودة- ملامح مترابطة، وما بين مواكب السيارات والأعلام البيضاء وزفة المزمار وممارسة لعبة التحطيب والسلام على الأهل وطلب الصفح من بعضهم، تتشابه طقوس «زوار النبى».. وفى ملف خاص ترصد «المصرى اليوم» كيف يحتفل المصريون بزيارة رسول الله.
تحت شعار «تراثنا كنز»، وعبر مئات السنين، ظلت المحامل والهوادج الموضوعة على أسنمة «الجمال» تتصدر قوافل الحجيج المغادرة من ميناء القصير القديم بالمحافظة، ورغم توقف مرور هذه القوافل واختفاء معالم الميناء البحرى وتحوله لأنقاض، فإن أهالى القصير يحرصون على إحياء هذه الذكرى سنويًا مع بداية موسم الحج.
ولاتزال عادة إحياء الاحتفال بهذه المناسبة موجودة الآن ومسيرات الهوادج الموضوعة على ظهور «الجمال»، هى السمة الغالبة على احتفالات أهالى المدينة بسفر حجاجها.
وصفى تمير حسين، من أبناء القصير، قال إن هذه المظاهر موروثة، وكانت تتم خلال توديع قوافل الحجاج القادمة من مختلف المحافظات ودول شمال أفريقيا، حيث تطوف «الجمال» التى تحمل الهوادج شوارع المدينة وأضرحة أولياء الله الصالحين، حتى صعودهم للبواخر التى كانت تقلهم للأراضى الحجازية، ثم تنطلق هذه القوافل من منطقة «العوينة» التى تشتهر بوجود العشرات من الأضرحة لعدد من أولياء الله الصالحين، ويتم تجهيز الهوادج واختيار الجمال قبلها بعدة أيام، بينما تنظر السيدات والأطفال أمام المنازل لمشاهدة لحظة مرورها والانضمام للمسيرات وتوديع الحجاج بالزغاريد.المزيد
مع إعلان الفوز بقرعة الحج بوزارة الداخلية، أو الجمعيات الأهلية، يبدأ الحاج فى المنيا الإعداد للسفر وأداء المناسك، حيث تعلن الأفراح، وتدق الطبول داخل المنازل، حتى لحظة وداع الحاج على مداخل ومخارج القرى.
أولى الخطوات التى كان يتم اتخاذها هى شراء ملابس الإحرام، ثم زيارة أضرحة الصالحين، خلال أيام الجمع مع كل أسبوع، وخلالها يصطحب الحاج أقاربه ومحبيه، بينما يستكمل الحاج برنامج الإعداد للسفر بزيارة أقاربة وأصدقائه وجيرانه بالقرية والقرى المجاورة، ويطلب منهم العفو والسماح إن كان قد أساء إلى أحد منهم، ويتعهد أيضًا برد المظالم.المزيد
لموسم الحج فى بنى سويف مذاق ومظاهر خاصة، تتباين بين الريف والحضر، فى الريف يتم دهان بيوت الحجاج، وتعليق الأنوار عليها من الخارج قبل سفر الحاج بأيام، ويتوافد على منزل الحاج عشرات المهنئين من الجيران والأقارب وتعكف النساء على تجهيز حقائبه وخزين الطعام، الذى يتكون من اللحم المشوح المغروس فى إناء من السمن للحفاظ عليه طيلة فترة الحج، وكذلك الخبز الناشف و«البتاو»، والكشك، و«الجبن القريش» وقالب الحلاوة الطحينية والمعلبات الأخرى، ويضع الحاج ورقة كبيرة بيضاء يكتب فيها الجميع اسمه واسم والدته للدعاء له أسفل جدران الكعبة المشرفة.
تقول وجيهة محمد، من قرية الدوالطة، إحدى قرى مركز بنى سويف: «رغم اختلاف ظروف الحج حاليًا، إلا أن الطقوس فى الريف مازالت تحتفظ برونقها، من حيث زفة المزمار البلدى وزغاريد النساء، وعند العودة يكون أهل بيته قد قاموا بدهان منزله ورسم صور للمسجد النبوى والكعبة وكتابة بعض الآيات القرآنية».المزيد
عند إعلان الفوز بفرصة السفر للحج، يبدأ أهالى الأقصر فى إقامة الاحتفالات المتواصلة، وما بين حفلات الإنشاد والدهان والرسم على جدران المنازل، يبقى منزل الحاج المسافر قبله أهالى بلدته، ولعل زيارة أضرحة أولياء الله الصالحين، هى أحد أهم الطقوس التى يقوم بها الحاج قبل سفره إلى الأراضى المقدسة.
همام أحمد همام، باحث وعضو مركز الأقصر للدراسات، ومن أهالى القرنة قال: «تعلن أسرة الحاج عن فتح المنزل أمام أهل القرية جميعًا من أقارب ومعارف وأصدقاء الحاج بالقرية والقرى المجاورة، لتوديع الحاج»، وتذبح الذبائح وتقام الولائم للمهنئين، الذين يحملون الهدايا من سكر وعصائر وشيكولاتة وغيرها من الهدايا التى يقدمونها للحاج. و أضاف أنه من أشهر ما يقوم به الحجاج قبل السفر استدعاء الخطاط الموجود بالقرية للرسم على حوائط المنزل، وتضم هذه الرسومات أشكالًا مختلفة ومنها الطائرة والباخرة والجمال، والكعبة والصفا والمروة، مدعومة بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، تعبر عن المناسبة السعيدة له ولأسرته، مؤكدًا أن الجداريات أصبحت من مظاهر الحج للاحتفال بهذه المناسبة، وتحولت إلى تقليد شعبى، خاصة فى القرى والنجوع.المزيد
مازالت محافظتا شمال وجنوب سيناء تحتفظان بعادات سفر واستقبال متشابهة لحجاج بيت الله الحرام، حتى الآن.
مصطفى على، الباحث السيناوى، أحد أبناء مدينة الشيخ زويد، يقول إنه بعد سفر الحاج للأراضى المقدسة، يجهز أهله أسطولا من السيارات لاستقباله بمنطقة عودته، ويتم رفع الرايات البيضاء على مقدمة السيارات، فرحًا بقدوم الحاج، بعد أداء المناسك الدينية والركن الخامس من أركان الإسلام، لافتًا إلى أن زفة الحاج عند السفر متشابهة تمامًا مع طقوس استقباله عند عودته.
ويضيف أنه قبيل وصول الحاج يقوم الأهل والأصدقاء بتزيين جدران منزله وطلاء هذه الجدران بالألوان المبهجة، وكتابة عدد من العبارات، بجانب نقش رسومات للكعبة المشرفة ومواكب الحجيج قديمًا والمسجد النبوى، ويتم أيضًا تزيين الشارع الذى يقطن فيه الحاج.المزيد
تتميز محافظة قنا بطابع خاص ومميز فى مواكب الحجاج، يبدأ منذ أولى لحظات اختيار الحاج ضمن قرعة الحجاج، حيث يتبع الحاج العديد من العادات والتقاليد القديمة، والتى لاتزال مستخدمه مثل المرور على أهالى قريته بأسطول من السيارات المزينة بالأعلام الخضراء، ويرتدى الحاج الجلباب الأبيض ويصافح الجميع طالبًا السماح والعفو منهم.المزيد
عادات قديمة توارثتها الأجيال فى الاحتفال بقدوم موسم الحج، منها رسم جدران المنازل ووضع الأعلام البيضاء والخضراء على الأسطح احتفالاً بالذهاب إلى الحج، ومنذ أن أطلق الأجداد هذه العادات لايزال الكثير من أهالى المحافظة محافظين عليها.
ويشتهر أهالى المحافظة بكتابة أسماء الحجاج مع رسم صور للكعبة المشرفة على أحد حوائط المنزل، ورسم صورة لطائرة أو باخرة ومقام الحجر الأسود فى الناحية المقابلة.المزيد
كانت رحلة الحج قديما من مصر إلى مكة المكرمة عبر سيناء، تمثل منظومة اقتصادية اجتماعية ثقافية إعلامية متكاملة، حيث كانت قوافل الحجاج عبر سيناء بمثابة انتقال مجتمع بأكمله يقودها أمير الحج، وهو القائد العام للقافلة كلها.
كانت مهمة الأمير اختيار زمن التحرك وسلوك أوضح الطرق وترتيب الموكب فى المسير والنزول والحراسة وقتال من يتعرض للقافلة، أما أول وكالة إعلام فى التاريخ وأنشئت من أجل معرفة أخبار موكب الحجاج من مصر إلى مكة المكرمة عبر سيناء، فهى مراسل مرافق للرحلة يسجل كل أحداثها، ويسبق موكب الحج أثناء عودته ليسير مسرعًا للقاهرة بعد نهاية الرحلة ليبلغ السلطان والرأى العام بأحداث الرحلة، وما صادف الحجاج من مشقة وعدد الوفيات.المزيد
عماد عزيز «42 سنة»، مدرس بإدارة العدوة التعليمية، شمال المنيا، رسام وفنان جدارى، تبرع وتطوع برسم رحلة المسلمين لأداء فريضة الحج، والعمرة، على جدران منازلهم قبل عودتهم من أداء المناسك بأيام، ليغير شكل المنزل بصور جميلة تعبر عن أداء الفريضة.
«عماد» قام مؤخراً برسم الرحلة بداية من التنقل والسفر بالأتوبيسات والطائرات والبواخر إلى السعودية، وصورة الكعبة الشريفة، وقال الحاج محمد رجب عبدالهادى، وقرنى رجب صديق، إن عماد أنهى الرسومات الجميلة بقريتهم صفانية، بمركز العدوة، متبرعًا دون الحصول على مبالغ مالية، حيث يقوم صاحب المنزل بشراء الخامات فقط، وأشادا بدور الشاب القبطى فى مشاركة المسلمين أفراحهم بأداء بالحج.المزيد