حصلت «المصرى اليوم» على نص 3 تقارير أعدها الجهاز المركزى للمحاسبات، وعدة بلاغات إلى النائب العام، تتهم المستشار جودت الملط، رئيس الجهاز، بالتستر على وقائع إهدار للمال العام وتجاهل تقارير سنوية للجهاز، حول تقييم أداء بنكى مصر والأهلى، وإخفاء تقرير حول دخول 45 شحنة قمح مسرطن ومشع إلى البلاد، إلى جانب تجاهل توصية تقرير للجهاز، باستبعاد المهندس أحمد عز، من رئاسة شركة «الدخيلة». التقارير كشفها عدد من أعضاء حركة «رقابيون ضد الفساد»، من العاملين بالجهاز، الذين قالوا إنهم يمتلكون عشرات الآلاف من المستندات، التى تكشف عدة مخالفات جسيمة.
«الجهاز» أوصى باستبعاد أحمد عز من رئاسة «الدخيلة».. و«الملط» تجاهل التقرير
التقرير الأول يوصى باستبعاد المهندس أحمد عز، من رئاسة شركة الدخيلة فورا، لكن هذه التوصية لم يلتفت إليها أى مسؤول فى وزارتى الصناعة والاستثمار أو رئيس الجهاز، الذى تدخل فى التوصيات بشطب كل جملة تتعلق باستبعاد «عز»، واكتفى فى التوصية الأولى بالاسراع فى إصدار التشريعات والضوابط الخاصة بمكافحة الاحتكار.
التقرير الذى أعده موظفو الجهاز عام 2006 جاء فى 80 ورقة، وشرح فى البداية عملية تصنيع الحديد وتكلفتها الحقيقية، بعكس ما كان يثبته المهندس أحمد عز من أن التكاليف العالية فى التصنيع وراء ارتفاع أسعار الحديد فى مصر.
قال التقرير إنه بمقارنة أسعار البيع المحلية بمثيلتها العالمية خلال ثلاث سنوات تبين أن متوسط السعر فى مصر شاملا الضريبة يصل إلى 364 دولاراً فى شهر يناير 2004، بينما يصل متوسط السعر العالمى فى نفس الشهر إلى 338 دولاراً، وهو ما يشير إلى وجود زيادة فى السعر المحلى بنسبة 7.7% عن المتوسط العالمى. وجاء بالقسم الخامس فى التقرير، الذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه تحت عنوان «أهم التوصيات» أن استبعاد «عز» من رئاسة شركة الدخيلة يؤدى إلى التخلص من الممارسات الاحتكارية والاستغلالية التى يمارسها، وأن تدير الدولة شركة الدخيلة ذات التكلفة المنخفضة جدا للإنتاج كأداة لخلق استقرار وضبط سوق الحديد.
وشرح التقرير الفوائد التى ستعود على مصر نتيجة استبعاد «عز»، وقال إنه سيتم خلق منافسة فى السوق بتجزئة الكيانات الكبيرة غير الشرعية مثل ما يسمى «عز الدخيلة»، لتحمل بدلا منها كيانات تحقق المنافسة لما فيه صالح المستهلك، إضافة لتحقيق عدالة فى إتاحة كل أنواع الخامات المنتجة فى شركة الدخيلة وعدالة فى بيع المنتجات النهائية.
وتناول التقرير كيفية استبعاد «عز» من رئاسة الدخيلة، وذلك عن طريق تدخل الدولة من خلال أحد البنوك لشراء حصته. وأكد أنه يجب الإسراع بذلك حتى يمكن وقف مخططه الذى يقوم على استنزاف شركة الدخيلة.
ولكن التقرير الذى أرسل إلى مجلس الشعب بعد تدخلات المستشار جودت الملط جاءت توصياته مختلفة عما سبق، حيث أكد أنه يجب الإسراع بإصدار التشريعات والضوابط الخاصة بمكافحة الاحتكار وحماية المستهلك وإعادة النظر فى رسوم الإغراق على واردات حديد التسليح فى بعض الدول وإلغاء الرسوم الجمركية على حديد التسليح وعلاج الخلل فى الهياكل التمويلية، خاصة فى شركات قطاع الأعمال العام لتخفيض تكلفة الإنتاج.
رئيس «الجهاز» أخفى تقرير دخول 45 شحنة قمح مسرطن البلاد فى 2008
تناول التقرير الثانى عمليات دخول شحنات قمح مسرطنة إلى مصر، وقال التقرير إنه فى نوفمبر 2008 أثبتت اللجنة التى شكلت بقرار من رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، أن هناك شحنات من القمح دخلت البلاد فى تلك الفترة كانت جميعها غير صالحة للاستهلاك الآدمى، وكان يجب إعدامها ولا يجوز تحويلها إلى علف حيوانى.
وقال التقرير إن 22 شحنة قمح غير صالحة للاستهلاك و20 شحنة مسرطنة إضافة إلى 3 شحنات قمح مشعة، دخلت البلاد، وإن كل شحنة كانت تتضمن ما يقرب من 20% من الأقماح الفاسدة والمشعة وإن خلطها ببعضها يصعب عملية الفصل وإمكانية استهلاكه.
وأكد التقرير أن عملية الفحص استمرت ما يقرب من 10 أيام، وأنه بعد الفحوصات المعملية ثبت أن الشحنات كلها يجب إعدامها وأنه لم يكن يصلح التعاقد عليها واستيرادها.
لكن بلاغ المهندس ممدوح حمزة وآخرين للمستشار عبدالمجيد محمود أكد أن التقرير الذى أعده موظفو الجهاز وأثبت عدم صلاحية الشحنات للاستهلاك الآدمى تم إخفاؤه وعدم إرساله إلى الجهات المختصة من قبل المستشار جودت الملط، الذى كان قد أكد فى تصريحات صحفية أنه لم يدخل مصر قمح غير مطابق للمواصفات، وأن الشحنات التى دخلت تم فحصها من قبل لجان شُكلت من الجهاز بالاستعانة بالخبراء وثبتت صلاحيتها للاستخدام.
وأضاف المبلغون فى بلاغهم - الذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه - أن «الملط» ساهم فى تضليل الرأى العام وتستر على الفساد وإهدار المال العام، ما أدى لإصابة مئات الآلاف من المصريين بأمراض متعددة، منها السرطان وغيره من الأمراض.
بلاغات تتهم «الملط» بإخفاء مديونية شركات.. وتخصيص حسابات «سرية» لشخصيات مهمة
التقرير الثالث تشير إليه بلاغات قدمها كل من ممدوح حمزة، المهندس الاستشارى، وعاصم عبدالمعطى سليمان، وكيل وزارة سابق فى الجهاز، تتهم رئيس الجهاز بالتستر على وقائع ترتب عليها إهدار مال عام وتسهيل الاستيلاء على قروض ومنافع مالية.
تحمل البلاغات، المرفق بها عدد من الوثائق، اتهامات بالتستر على الفساد بالبنك الأهلى المصرى وبنك مصر، ما ترتب عليه تسهيل الاستيلاء على المال العام، وتربح الغير من كبار العملاء دون حق، والإضرار العمدى بالمال العام. وشرح تقرير الجهاز ما وصفه بـ«تستر رئيس الجهاز»، الذى يبدأ بتعمد إخفاء تقارير الجهاز السنوية عن الأعوام من 2005 إلى 2010، المتعلقة بالرقابة المالية وتقويم أداء بنكى مصر والأهلى.
وذكر البلاغ أن تقارير الجهاز اختفت، لتخفى تورط أحد رجال الأعمال فى مديونية تبلغ 310 ملايين دولار، تمثل حصوله على قرض لتمويل إنشاء خط أنابيب بحرى لتصدير الغاز الطبيعى، وهو الأمر المخالف لأحكام المادة 33 من قواعد السياسة الائتمانية للبنك، لأن قيمة مديونية العميل تجاوزت ملياراً و156 مليون جنيه المسموح بها. كما تبين بعد ذلك اعتذار جميع البنوك التى تمت مخاطبتها بشأن المشاركة فى التمويل طوال فترة سداد المديونية. وكشف البلاغ أيضاً ما وصفه بـ«تعمد إخفاء مديونية مجموعة شركات مرتبطة لأحد العملاء بالبنك قيمتها 486 مليون جنيه، بالإضافة إلى قيام البنك الأهلى، بالمشاركة مع بنكى مصر والإسكندرية، بسداد مبلغ 274 مليون جنيه لهيئة المجتمعات العمرانية قيمة أراض حصل عليها رئيس مجلس إدارة المجموعة».
واتهم البلاغ «الملط» بتعمد إخفاء حصول 26 عميلاً فقط ممن يعملون فى أنشطة البترول والحديد والسياحة، على قروض قيمتها 39 مليار جنيه، تمثل 45٪ من قيمة محفظة القروض لدى البنك.
كما اتهم البلاغ «الملط» بتوجيه الإدارات المختصة بالجهاز، بضرورة بذل العناية المهنية اللازمة لفحص الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص، التى قال عنها رئيس الجهاز، فى بيانه السنوى عام 2009/2010، إن إيراداتها نحو 21 مليار جنيه، وقيمة المخالفات المالية نحو 9 مليارات.
وكشف البلاغ عن أن ما أمكن حصره من هذه الصناديق الخاصة للعام نفسه، وصل 88 مليار جنيه. وقال التقرير إن رئيس الجهاز تستر على هذه المخالفات التى وصلت إلى فتح حسابات سرية، حسب البلاغ، وصرف جانباً من أموالها فى غير الأغراض المخصصة لها والمنشأة من أجلها مثل شراء هدايا أو مكافآت وبدلات لبعض العاملين، مثل الحساب السرى لجريدة أخبار اليوم، تحت بند «شخصيات مهمة للغاية» وفيه قيمة هدايا مشتراة لشخصيات نافذة من النظام السابق.
ومن بين هذه الهدايا ساعات وشنطة بإجمالى نحو 2 مليون جنيه للرئيس السابق حسنى مبارك وحرمه، وساعات وحقائب وأقلام لـ«علاء مبارك وحرمه» بنحو 600 ألف جنيه، وأخرى لـ«جمال مبارك وحرمه» قيمتها 600 ألف جنيه، وساعة ورابطة عنق لـ«زكريا عزمى» بنحو 200 ألف جنيه، وساعة للواء عمر سليمان بنحو 163 ألف جنيه، وأخرى للدكتور أحمد شفيق بنحو 270 ألف جنيه، وساعة لـ«عهدى فضلى، رئيس مجلس إدارة المؤسسة بنحو 229 ألف جنيه».
وأكدوا أن «الملط» تقدم بتقرير فى شهر أبريل الماضى، إلى نيابة الأموال العامة، أكد فيه أن رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة والتجارة الأسبق، استورد صفقة القمح الفاسد، وعلى الرغم من عدم صلاحيته للاستخدام الآدمى، فإن «رشيد» تعاقد على استيراده بأسعار مرتفعة مقارنة بالأسعار العالمية.