x

«سوق الجمال»: «دراو» المحطة الأخيرة

السبت 11-08-2018 05:31 | كتب: محمد السيد سليمان, محمود ملا |
موسم عيد الأضحي موسم عيد الأضحي تصوير : اخبار

تعد سوق الجمال بمدينة شلاتين جنوب البحر الأحمر مؤشرًا على الحركة التجارية بالمنطقة، نظرًا لإقبال التجار من مختلف المحافظات على شراء الجِمال السودانية التى يتم ذبحها وبيعها للمواطنين. وتشهد السوق هذا العام إقبالًا ورواجًا تجاريًا كبيرًا فى حركة البيع والشراء، ورغم أن سعر الجمل السودانى ارتفع ما بين 10 و20% مقارنة بنفس التوقيت من العام الماضى، إلا أنها تنافس اللحوم البلدية التى ارتفعت أسعارها بشكل جنونى خلال الفترة الأخيرة.

يؤكد الدكتور وحيد رفعت، نقيب البيطريين بالبحر الأحمر، أن الجمال المستوردة تخضع فور وصولها إلى سوق الشلاتين لرقابة بيطرية وفحص صارم بالحجر البيطرى، لافتًا إلى أن «الشلاتين» تعد أحد المنافذ المسؤولة عن دخول الجمال بمنطقتى (سوهين ورأس حدربة) الحدوديتين، ولا يُسمح لأى إبل مريضة أو مشتبه فيها بالخروج من الحجر البيطرى إلا بعد التأكد من خلوها من أى أوبئة.

ويوضح الدكتور عامر محمد عبدالعاطى، مدير الحجر البيطرى بأبوسمبل، أن المحجر يعتبر خط الدفاع الأول لمواجهة أى أمراض قد تكون مصاحبة للجمال الواردة وأى أنواع من المواشى والأبقار القادمة، والتى تدخل عن طريق المعابر الحدودية مع السودان، حيث يتم تحصينها ومنحها التطعيمات اللازمة.

ويشير إلى أنه يبدأ التعامل مع شحنات الجمال فور وصولها إلى المحجر مساء الأحد وفجر الإثنين من كل أسبوع، ويتم دخولها إلى الحجر البيطرى الذى تصل مدته إلى 3 أيام، توضع من خلالها تحت الملاحظة ويتم تحصينها ضد حمى الوادى المتصدع من خلال أطباء الحجر، وكذلك سحب عينات الدم من جميع الجمال القادمة وتحليلها للتأكد من سلامتها وخلوها من الأمراض. ويتابع أنه بمجرد التأكد من سلامة الشحنات الواردة يتم الإفراج عنها بحلول مساء الأربعاء وصباح الخميس، وفى حالة ظهور أى حالات مصابة يتم احتجازها وعدم الإفراج عنها من المحجر إلا بعد تماثلها للشفاء تمامًا.

ورصد محمد الدراوى، أحد التجار، رحلة الجمال من المراعى السودانية، مستدركًا: «يتم إيداع الجمال داخل محجر دنقلة فى السودان لمدة 7 أيام عن طريق تجار سودانيين، ثم يتم شحنها إلى معبر أرقين المصرى على الحدود، ويتم سداد الرسوم هناك وإنهاء إجراءات الحجر البيطرى، بعدها تنقل الجمال إلى محجر أبوسمبل البيطرى، حيث تصل المسافة من أرقين إلى المحجر 170 كيلومترًا سيرًا على الأقدام، ويتم هناك أخذ العينات وتحليلها داخل المعامل للاطمئنان على خلو شحنات ورسائل الجمال من الأمراض، ويحصل كل جمل على بطاقة صحية ويدوّن فيها نوعه وبياناته وتسجل بها نتيجة عينة الدم ثم يتم شحنها والإفراج عنها بعد عودة العينات لتتجه إلى محطتها الأخيرة بسوق دراو».

ويقول عبدالكريم محمود، أحد التجار، إن الجمال تُنقل عبر الطريق البرى على الشاحنات من المحجر بعد انتهاء فترة الحجر بمدينة «أبوسمبل» إلى مدينة «دراو» على بعد 315 كيلومترًا من المدينة السياحية، و35 كيلومترًا شمال مدينة أسوان حيث سوق الجمال لتباع هناك.

ويضيف: «تصل الدفعات يومى الأربعاء والخميس ثم يتم تجميعها فى فناء ودخولها إلى الأحواش الخاصة بالوكلاء للمبيت قبل انعقاد السوق التى تقام يومى السبت والأحد من كل أسبوع، وتبدأ عملية الشراء والبيع داخلها بالتفاوض على السعر بين المشترى والبائع، ويختلف سعر الجمل حسب عمره ومدى
توافر اللحم به، حيث يبدأ سعره من 7 آلاف إلى 17 ألف جنيه، وبعد الاتفاق على السعر تبدأ عملية التحميل على الشاحنات لنقلها حيث وجهة المشترى».

ولفت إلى أنه يتم وضع علامة معينة عن طريق الكى على رقبة الجمل، مثل (الماركة)، وهى إحدى طرق التعرّف على الجمال فى حال سرقتها، أو فى حالة اختلاطها بجمال غريبة أو عندما تتوه فى الصحراء.

ورفعت إدارة الحجر البيطرى بمدينة الشلاتين من درجة استعداداتها لاستقبال آلاف الجمال السودانية الحيّة التى تأتى من خلال قوافل يطلق عليها (الدبوكة)، وذلك استعدادًا للفحص البيطرى قبل طرحها فى الأسواق، خاصة الوجه البحرى، حيث يشير مسؤولو الحجر البيطرى إلى أنه يتراوح عدد الجمال التى تصل يوميًا إلى شلاتين ما بين 100 و300 جمل بمعدل 6 آلاف رأس شهريًا خلال فترات الشتاء.

وعلى جانبى الطريق الساحلى (حلايب - شلاتين) تسير قوافل الجمال فى رحلة تستغرق ما بين أسبوع و10 أيام (مدة سير قافلة الدبوكة) من داخل المراعى السودانية حتى سوق الجمال بالشلاتين، بأعداد تتراوح ما بين 50 و200 جمل فى القافلة الواحدة، ويحيط بها عدد من الحرّاس السودانيين طوال الرحلة، وتأخذ قسطاً من الراحة والشرب خلال فترة الليل، وذلك فى مناطق بها آبار مياه صالحة للشرب.

وتخضع الجمال المستوردة لعمليات الفحص والكشف الظاهرى، لبيان أى إصابات أو أمراض بها، وبعد انتهاء الإجراءات التى تستغرق عدة أيام للتأكد من سلامتها يتم نقلها بعدها إلى منطقة التبة المخصصة للتحميل وتقسيمها إلى مجموعات على سيارات النقل التى تنطلق من الشلاتين لمختلف المحافظات.

وتستقبل مصر أسبوعيًا آلاف الجمال الواردة من السودان بعد رحلة طويلة بين البلدين، وتحمل هذه التجارة بين مصر والسودان طبيعتها الخاصة، بداية من رحلتها داخل الأراضى السودانية وصولًا إلى مستقرها الأخير بالسوق الشهيرة فى «دراو»، التى تمثل مزارًا سياحيًا يقصده السائحون إلى المحافظة من مختلف دول العالم، فضلًا عن أنها بورصة كبيرة للجمال بأنواعها المختلفة.

وتعد سوق مدينة «دراو» والتى تبعد 35 كيلو شمال أسوان المحطة الأخيرة لرحلة الجمال، والتى يتم من خلالها بيعها للتجّار المصريين، كما أنها تمثل أيضًا شريان الحياة بالمدينة، والتى يقوم اقتصادها على هذه التجارة، حيث يعمل بها نحو 75% من السكان، وتعتمد طريقة البيع والشراء على الكلمة والثقة بين التاجر والمشترى فى المقام الأول والأخير.

وللجمل عدة مسميات، فكبير السن يطلق عليه «ناب»، أمّا الصغير منه فيسمى «القاعود»، وعمره يتراوح بين 3 و4 سنوات، وهناك الجمل «القنية»، وهناك العديد من الكلمات التى تحدد قاموس التعامل فى أثناء عملية البيع والشراء بالسوق، مثل (إخ) عندما يريد التاجر أن يُبرك الجمل على الأرض، و(هج) عندما يريد إيقاظه للإيقاف، ومن أنواعه المختلفة أيضًا: البلدى والسودانى والصومالى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية