أكد المهندس على عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين أن الصادرات يجب أن تكون المعركة الاقتصادية الأولى للبلاد وأن يتم توفير المزيد من الإنتاج المخصص للتصدير فقط بإنشاء عدد من المصانع التى تنتج للتصدير ولا تطرح للسوق المحلية، وذلك لتعزيز قدرة الاقتصاد المصرى والنهوض بأوضاعه، مشددا على أن كل الدول التى تقدمت اقتصاديا ونجحت فى تحقيق طفرة بأوضاعها قد وضعت التصدير بأولوياتها، بما ساهم فى زيادة العملة الأجنبية وخلق المزيد من فرص العمل وحسن الاقتصاد وزاد حجم النقود المتداولة.
وشدّد على أن ما تواجهه المساندة حاليا من مشكلات يعكس عدم وعى من جانب البعض بأهمية التصدير وكيف أنه مازال هناك فكر ضيق يعتقد أن المصدرين بـ «يغرفوا» فلوس ويضعوها فى جيوبهم، بينما الواقع أن كل جنيه يتم تقديمه للتصدير يعود مضاعفا للدولة بالعملة الصعبة، مؤكدا أن الاهتمام بالتصدير وتقديم المزيد من التسهيلات والدعم له هو ما أدى للتجارب الاقتصادية الناجحة فى كل من ماليزيا وسنغافورة والصين وكوريا الجنوبية والهند وبنجلاديش.
وأضاف أن التعويم هو الخطوة الإيجابية الوحيدة التى منحت التصدير «قُبلة الحياة» بعد أن كان يحتضر ولكن آثاره الإيجابية انتهت بعد أن حققت سعر عملة عادلا، والتصدير حاليا تواجههه مشاكل كثيرة متمثلة فى تضاعف التكلفة الإنتاجية وزيادة الأعباء والقيود، لافتا إلى المساندة الحالية وكيف أنهم كشركات يواجهون مشكلة حقيقية بصرفها وأن هناك متأخرات من عامين وحتى إذا نجحت بعض الشركات فى الحصول على جزء من المستحقات فإنها تحصل عليها بعد 18 شهرا، مما جعلها لم تعد مساندة وإنما «إعانة بطالة»!!.
وطالب رئيس جمعية رجال الأعمال، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، بضرورة مواجهة تفتيت الأراضى والاعتداء على الحيازات الزراعية فى الدلتا، مؤكدًا أن تلك القضية تعد من أهم الملفات والتحديات التى يجب أن تضعها الدولة بمقدمة أولوياتها فى العمل بالمرحلة المقبلة، خاصة أن البلاد تخسر سنويا ما يزيد على 50 ألف فدان نتيجة الاعتداءات التى تحدث على الأراضى الزراعية بالبناء عليها.
وشدد على أنه لابد من وجود وقفة حاسمة مع كل من يقوم بالتعدى على الأراضى الزراعية للحد من الظاهرة التى تتسبب فى فقد أخصب أنواع الأراضى، مؤكدا أن الأمر يتطلب ضرورة توفير حلول بديلة للفلاحين لتوفير مسكن ملائم لهم ولأبنائهم بإيجاد وخلق مناطق جديدة يتم توطينهم بها وإيجاد فرص عمل لهم.
وأضاف عيسى أن توفير الأراضى للاستثمار الزراعى وتنظيم تداول استخدام المبيدات وترشيد استخدامات المياه بما يتلاءم مع انخفاض حصة نصيب الفرد ودخول مصر مرحلة الفقر المائى، تعد أيضا من الملفات الشائكة التى يجب أن تقوم وزارة الزراعة باتخاذ خطوات متسارعة بشأنها، علاوة على تطوير الإنتاجية الزراعية باستنباط سلالات جديدة عالية الإنتاجية ووضع خريطة زراعية تربط بين كل استخدام للمتر المكعب من المياه والإنتاجية. وأضاف أنه لكى تتحول مصر إلى دولة منتجة لابد أن تصبح كل قرية ومركز جاذبة للإنتاج الصناعى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة كما يتواجد بتجارب كل دول العالم التى نجحت فى تحقيق طفرات اقتصادية جاءت بالدفع بتلك النوعية من المشروعات، مشيرا إلى أنه يجب على المحليات تقديم التسهيلات اللازمة التى تسمح بإقامة المصانع الصغيرة فى كل مناطق الجمهورية.
وأشار إلى التقرير السنوى الذى أصدرته جمعية رجال الأعمال وتم من خلاله رصد الوضع الاقتصادى، مؤكدا أن التقرير أوضح كيف أن مصر تخطو بثبات نحو بداية جديدة تشهد من خلالها تنمية اقتصادية شاملة تراعى البُعدين الاقتصادى والاجتماعى باستعراض عدد من المؤشرات الإيجابية التى ظهرت نتيجة اتخاذ مجموعة من القرارات الاقتصادية الجريئة سيتم الشعور بتأثيرها بصورة أكبر فى السنوات القليلة جداً المقبلة، ومنها ما حققه ميزان المدفوعات من فائض دورى فى نهاية العام المالي 2017/2016 تجاوز الـ 13 مليار دولار، وهو ما يرجع بصفة أساسية إلى القرارات المتتابعة التى صدرت، ومنها قرار تحرير سعر الصرف، وقرار تنظيم العمليات الاستيرادية، وقرار رفع سعر الفائدة لدى البنوك رغم ما يمكن أن يكون عليه من تحفظات والذى كان له أثر إيجابى على الحصيلة الدورية، ونتيجة لذلك تراجع العجز فى الميزان التجارى نظراً لنمو الصادرات المصرية بنسبة 15.9%، فى حين شهدت الواردات ترجعاً طفيفاً، ومن المنتظر طبقاً للمؤشرات الأولية للعام المالى 2018/2017 أن يشهد العجز تراجعاً كبيراً، نظراً للتراجع المتزايد فى حجم الواردات مع زيادة متوقعة للصادرات المصرية.
وأضاف أن تقرير الجمعية أظهر كيف أن الهيكل التجارى لمصر شهد تغيرات كثيرة خلال السنوات العشر الماضية، حيث كان حجم تجارة مصر مع الاتحاد الأوروبى فى عام 2009/2008 أكثر من 40%، ومع الولايات المتحدة %18 والدول العربية 11%، أما الوضع حالياً فقد تغير بشكل كبير، حيث تراجع الاتحاد الأوروبى ليصل إلى نسبة 29%، والولايات المتحدة إلى 6%، فى حين ارتفعت التجارة مع الدول العربية لتصل إلى 22%، وعلى الرغم من ذلك مازالت القارة الأفريقية تحظى بالاهتمام الواجب، حيث شهد حجم التجارة معها ثباتا فى النسبة والتى لم تتعدَ 1.7%.
وقال إن التقرير انتقد فقط استمرار انحسار أغلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مجال الغاز والبترول، مؤكدًا أنه على الرغم من أهمية تلك الاستثمارات فإنه يجب العمل على ضرورة وجود تنوع فى طبيعة الاستثمارات المستهدفة والعمل على وضع أولويات للأسواق ذات القدرة العالمية على الخروج باستثمارات مباشرة للعالم، ودراسة كيفية التعامل مع المستثمرين لتلك الأسواق من خلال التعرف عن قرب على اهتماماتهم، وثقافة التعامل معهم والقدرة على التحدث بلغتهم وضرورة عقد لقاءات دورية مع السفراء والممثلين التجاريين لتلك الأسواق والاستماع لآرائهم وأفكارهم وبعض التحفظات التى لديهم حول مناخ الاستثمار فى مصر.
وتابع عيسى الحديث عن تقرير الجمعية الذى أصدرته، مؤكدا أنه على الرغم من أن الخطة الاستراتيجية للدولة خلال الأعوام المقبلة تعتمد بشكل أساسى على القطاع الزراعى لتغطية الفجوة الغذائية لمصر وأن الدولة والحكومة تبذلان الكثير من الجهد لتهيئة البيئة المناسبة للتوسع الزراعى إلا أن القطاع المصرفى يجب أن يولى اهتماما أكبر لهذا القطاع الحيوى المهم وخلق آليات جديدة تساهم فى تنميته لتحقيق الأهداف المرجوة منه.
وأضاف أن الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2018/2017 شهدت مجموعة من المؤشرات الإيجابية، يأتى على رأسها تراجع معدل العجز للناتج المحلى الإجمالى على مدى الأعوام الثلاثة الماضية من 12% إلى 10.9% ليصل إلى 9.1% فى نهاية العام المالى 2018/2017، كما تراجع العجز النقدى المحقق بعد استبعاد أثر الفوائد المدفوعة على الاقتراض ليبلغ 82 مليار جنيه فى 2016/2015، و55 مليار جنيه فى عام 2017/2016، ليحقق فائضا متوقعا فى موازنة 2018/2017 قدره 8 مليارات جنيه.