x

نداء إلى وزيرة الثقافة.. المركز القومى للمسرح يحتضر وتراثنا الفنى يضيع

السبت 04-08-2018 03:03 | كتب: محمد الروبي |
 وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم- صورة أرشيفية وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم- صورة أرشيفية تصوير : اخبار

المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية لمن لا يعرف هو إحدى أهم المؤسسات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة، فهو المعنى (يفترض) بتوثيق كل ما يتعلق بهذه الفنون وأرشفة تاريخها، وهو التاريخ الذى يعلم القاصى والدانى أنه تاريخ بعمر الوطن.

إلا أن هذه المؤسسة، ولأسباب سنتعرض لها هنا وفى أعداد أخرى، أصابها وهن شديد اقترب بها من الاحتضار. وما عليك عزيزى القارئ سوى أن تقوم بزيارة للمؤسسة الكائنة فى 9 شارع حسن صبرى بالزمالك، والتى تبتعد أمتارا عن المقر الرئيسى لوزارة الثقافة وهناك ستكتشف ما وصفناه بالوهن المقترب من الاحتضار.

فى زيارتك اسأل عن مكان وكيفية أرشفة النصوص أو النوت الموسيقية، أو اسأل عن كيفية مشاهدة الأعمال المسرحية القديمة أو الحديثة، أو اسأل عن كيفية الحصول على معلومات عن كاتب أو مخرج أو ممثل أو.. أو.. ثم اسأل أخيرا ما الدور الذى يقوم به المركز الآن فى هذه الأيام.

كل هذه الأسئلة وغيرها ستبين لك إلى أى مدى انحرف المركز القومى عن دوره المنوط به إلى دور أو أدوار أخرى تقوم بها مؤسسات أخرى وبكفاءة أعلى.

وحتى تتضح الصورة أكثر تعال نستعيد معا الهدف الأساسى من إنشاء هذا المركز لنرى إن كان قد حاد عن دوره وترهل أم ما زال يقوم به وكيف؟. قام هذا المركز على أسس وبنية (إدارة الثقافة المسرحية) والتى كان هدفها - كما اقترحها الدكتور على الراعى عندما كان رئيساً للمؤسسة المصرية العامة للمسرح والموسيقى- جمع وتوثيق التراث المسرحى المصرى بكل عناصره إلى جانب تسجيل ورصد كل الأنشطة المسرحية المعاصرة، ويكون مرجعاً دقيقاً يحفظ تاريخ المسرح المصرى، ويوثق للرواد الأوائل الذين أسهموا فى مسيرته الفنية والثقافية.

وفى عام 1980 تحولت الإدارة الثقافية بمقتضى القرار الجمهورى رقم 151 لسنة 1980 إلى (المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية) والذى أصبح دوره جمع وتوثيق ودراسة الفنون المصرية، وأعطى للمركز دور بيت الخبرة الذى يجب (أقول يجب) الرجوع إليه فيما يخص فنون المسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ويقوم بدعم النوافذ الإعلامية بالمادة العلمية الملائمة والممثلة للثقافة والفنون المصرية.

إذن دور المركز الأساسى هو التوثيق ومن ثم الأرشفة وبسبل تتيح للباحثين والدارسين والمتذوقين سرعة الحصول على المعلومة المسرحية أو الموسيقية أو تلك المتعلقة بالفنون الشعبية.

ومما لا شك فيه أن المركز وعبر تاريخه الطويل منذ إنشائه، وحتى الآن، يزخر بكنوز فنية سواء كانت ممثلة فى النصوص أو الكتب أو الملابس أو الإكسسوارات، ولكنها الكنوز المعرضة وكما ستكتشف من الزيارة الأولى للمكان لخطر الضياع والتلف. ويكفيك أن تدخل القاعة الرئيسية للمركز التى هى مخزن للكثير من هذه الكنوز.

مع خطواتك الأولى للمركز ستستقبلك ساحة ترابية كانت فى الماضى تدعى الحديقة المتحفية، تلك التى عكف عليها الدكتور أبوالحسن سلام إبان رئاسته للمركز وخططها وأشرف على تنسيقها الفنان زوسر مرزوق. وكانت الحديقة مزينة بتماثيل لرواد الفن المصرى، يوسف وهبى، وعلى الكسار، السيد درويش، صلاح جاهين، محمود رضا، و.. وجمال عبدالناصر بتصميم القدير جمال السجينى. فى زيارتك لن تجد هذه التماثيل، ستواجهك فقط بعض حاملاتها الرخامية تقف وحيدة بائسة تزيد الساحة كآبة. أين ذهبت هذه التماثيل؟ كيف خرجت من المركز؟ وهل خرجت أم خزنت فى مكان ما؟ لن يجيبك أحد.

الموقع الإلكترونى

كان للمركز موقع إلكترونى، أنشئ منذ سنوات طويلة، وللحق كان موقعا يسمح لك بالحصول على معلومتك بسهولة ويسر، بل ويمكنك من مشاهدة العروض المسرحية (القديمة) عبر ضغطة زر سواء باسم المبدع أو باسم العرض. كذلك كان يمكنك أن تبحث عن كتاب ومخرجين مصريين و.. و.. وهنا لابد وإحقاقا للحق أن نذكر بكل الخير الدكتور سامح مهران الذى تولى رئاسة المركز فى الفترة من 2004 إلى 2008 ثم المخرج ناصر عبدالمنعم، الذى جاء بعد فترة موات أصابت المركز ليعيده إلى المسار الذى خطط ونفذ له مهران وانحرف لأسباب لا نعلمها.

فجأة ودون سبب توقف هذا الموقع على الرغم من أن المركز يمتلك خادما إلكترونيا (سيرفر) بمساحة كبيرة ويدفع له شهريا أموالا ليست بالقليلة. إذن لماذا توقف عن الخدمة ألا يدخل ذلك فى إطار إهدار المال العام؟.

الدور المفقود

الغريب أن المركز قد تخلى عن دوره التوثيقى، واتجه إلى مهام أخرى أو للحق مهمة وحيدة أخرى، وهى إقامة الاحتفالات التكريمية الشهرية، التى يصاحبها كتيب تعريفى بالشخصية المكرمة. أن تكرم رموز الفن المصرى أمر محمود بالطبع، لكن سيظل السؤال: «هل ذلك هو دور المركز؟» أو للدقة «هل ذلك هو دوره الوحيد؟» أم أنه دور ثانوى قد يجاور المهمة الأهم والأكبر وهى توثيق تراثنا المسرحى والموسيقى والفنى الشعبى.

السؤال قد يمتد إلى ميزانية المركز، وهل هى كافية للقيام بمهامه على أكمل وجه أم أنها قاصرة ومعيقة؟ هل تكفى لشراء كاميرات حديثة وأجهزة تسجيل وأجهزة كمبيوتر، هل تكفى لصيانة دورية؟ هل هناك صيانة دورية بالفعل؟ وهل الفنيون الموكل لهم هذه المهام مدربون تدريبا يليق بمهامهم؟ وكم فرداً متخصصاً فى هذه التقنيات على قوة هذا الصرح؟.

المؤسسة الجسر

المتأمل لحال المركز، وعدد القيادات التى تولت رئاسته، سيكتشف أن هذه المؤسسة تحولت إلى جسر، مجرد جسر تعبر عليه القيادة إلى مؤسسة أخرى ذات رتبة أعلى. وهو الأمر الذى جعل من المركز هو المؤسسة الأكثر تبديلا للقيادات فى وزارة الثقافة. ولك أن تتخيل عزيزى القارئ أنه فى أقل من عشر سنوات تبدل على المركز عشرة رؤساء، سريعا ما تم تصعيد أغلبهم فى وظائف أخرى، أو كان المركز (بما يحمله من درجة وكيل وزارة) مكافأة ما قبل المعاش. وهنا لا يمكن السؤال عن (المشروع) أو (الخطة)، فأى خطة وأى مشروع لشخص جاء لسنة واحدة سيعبر بعدها إلى مكان يظنونه (أفضل)؟.

هنا لابد لنا من التوجه بالنداء إلى الفنانة الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، بضرورة الإسراع بإنقاذ هذه المؤسسة الأخطر والأهم بين مؤسسات وزارة الثقافة باعتبارها المؤسسة الحافظة لتراثنا، مسرحيا وموسيقيا وفن شعبى. زيارة واحدة من السيدة الوزيرة إلى هذا المركز ستكشف لها عن الحال البائس الذى يعيشه. ونحن نثق كل الثقة وبما خبرناه من خطواتها الجادة فى الفترة السابقة أنها ستولى هذه المؤسسة اهتماما يليق بما يحتاجه تراثنا الفنى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية