رينو Duster، من أين أبدأ حكايتها؟! هى سيارة من السيارات القليلة التى أحترمها، وأحبها أيضا. كما كتبت فى مقالى الأسبوع الماضى، أن براعة هذه السيارة، تدور حول فكرتها البسيطة. المرة الأولى التى قمت بقيادة Duster فيها، كانت فى المغرب سنة ٢٠١٠، على جبال المدينة الساحرة مراكش. وكانت تجربة قاسية جدا، والسيارة كانت بارعة بالفعل، سوف تأخذك لأى مكان مهما كانت الظروف، حالها حال سيارات الدفع الرباعى الماهرة، الفرق أن سعرها أقل بنسبة ٣٥٪ إلى ٧٠٪ من السيارات التى من نفس الحجم والقدرات. من الطبيعى أن تدفع ثمن ما تحصل عليه فى السيارات الأغلى، التجهيزات والرفاهية والتطور فى أنظمة القيادة. ولكن الحقيقة أيضا أنDuster سيارة ماهرة فى التوفير! ورغم أن الجيل الأول كان متواضع التجهيز بشكل ملاحظ جدا، إلا أن انطباعى أيضا وقتها فى مراكش، هو أنك تحصل على الكثير مقابل القليل.
عندما قمت بقيادتها لأول مرة فى ٢٠١٠، عشت تجربة غريبة جدا وغير متوقعة مع قدرات هذه السيارة، كتبت وقتها أن Duster هى السيارة التى يمكنك الاعتماد عليها، إذا كنت تبحث عن العملية! لأنك لن تجد الكثير من الكماليات والتجهيزات التى تريدها، ولكن فى المقابل سوف تجد قدرات تنافس الفئات السعرية الأعلى، ومساحات داخلية رائعة وحجم كبير. سوف تجد باقة فريدة جدا من نوعها. والحقيقة أننى لم أكن أتردد أبدا فى ترشيح هذه السيارة لكل من كان يبحث فى فئتها السعرية.
فى الأردن
الآن تغير الوضع كثيرا مقارنة بعام ٢٠١٠. خلال السنوات السبعة الماضية وصلت العشرات من السيارات الجديدة من فئة الكروس أوڤر، إلى الأسواق العالمية. والسوق أصبحت مزدحمة جدا، والجميع يتنافس، بالإمكانيات والتجهيزات والأسعار أيضا، فالمجموعات العملاقة مثل فولكس ڤاجن مثلا تمكنت من توفير مبالغ ضخمة فى كل سيارة يتم إنتاجها، من خلال مشاركة المكونات بين فروعها وعلاماتها المختلفة. لذلك المنافسة أصبحت صعبة، ورينو Duster كانت تتميز ببعض الخصائص والقدرات والسعر الرائع، ولكنها كانت بسيطة جدا، وكان من الممكن أن نصفها بأنها جيدة التجهيز، وليس أكثر. لأن فكرتها كانت تدور حول البساطة والعملية، والقدرات أيضا. الآن ونحن فى ٢٠١٨ من المؤكد أن المعادلة تغيرت، والأسئلة التى كان على اكتشاف إجاباتها فى الأردن هى: «هل مازلت Duster قادرة على تحقيق المعادلة الصعبة؟ وهل مازالت قادرة على التميز وسط ازدحام السوق؟».
التصميم
الفكرة أن كل مالكى Duster يحبوها بالفعل، فهى سيارة ذات شخصية مميزة، والتصميم بالتأكيد هو أبرز سمات الشخصية. لذلك كان على رينو التعامل مع التصميم تحديدا بحذر شديد، وهو ما قامت به بالفعل. السيارة الآن تشارك طرازات رينو ملامح الوجه الجديدة، ولكنها مازلت Duster المميزة. أعتقد أن رينو نجحت فى إخراج الجيل الجديد أكبر حجما مع الحفاظ بشكل كامل على شخصية السيارة التى أحبها الجميع. هذا فيما يتعلق بالتصميم الخارجى، الأمر مختلف بالنسبة للتصميم الداخلى، فى اللحظة الأولى التى سوف تجلس فيها داخل السيارة، سوف تدرك أن رينو قطعت مسافة كبيرة جدا فيما يتعلق بالجودة والتجهيز. كل ما سوف تقع عليه عينك داخل السيارة جديد تماما، ويأتى بجودة ملاحظة بداية من عجلة القيادة الجديدة متعددة الوظائف. والشاشة المركزية التى تعمل باللمس قياس ٧ بوصة والتكييف الأوتوماتيكى. لوحات التحكم والقياس بسيطة التصميم ولكنها تحتفظ بصفة العملية، وسهولة الاستخدام. السيارة من الداخل ليست معقدة ومباشرة جدا.
رحلة الـ ١٧٠٠ فوق سطح البحر!
القيادة، وهى -من وجهة نظرى- النقطة الأبرز التى تتعلق بـ Duster، رينو قامت بتسويقها عالميا تحت شعار The Unstoppable SUV، وهى تحديدا الجزئية التى أعجبتنى فى الجيل الأول، أن هذه السيارة سوف تأخذك لأى مكان، شأنها شأن الكبار! فى البداية سوف تبدأ فى ملاحظة التطور مع اللحظات الأولى لانطلاقة بالسيارة، بداية من عجلة القيادة الكهربائية، وقاعدة المكونات ونظام التعليق وتوزيع العزم بين المحورين الأمامى والخلفى. السيارة التى اختبرتها فى الأردن مزودة بنظام الدفع الرباعى الدائم ومحرك متوسط الحجم، أربع أسطوانات وسعته ٢٠٠٠ سى سى. بدأت الرحلة من البحر الميت وكان على أن أقطع مسافة ٤٠٠ كم تقريبا للوصول إليّ مدينة «البتراء» الأثرية. والحقيقة أن رينو اختارت مجموعة من الطرق المتنوعة على الجبال، ممهدة وغير ممهدة وتضم مرتفعات ومنخفضات، فقد سجلت بعض القراءات المدهشة خلال القيادة، حيث انطلقت وكنت قراءة الارتفاع عن سطح البحر ١٥٠ متر، ثم بدأنا التسلق حتى سجلت ساعتى ارتفاع ١٧٠٠ متر فوق سطح البحر. القصة كلها كانت بين الـ ١٥٠ و الـ ١٧٠٠ متر.
القيادة
كما ذكرت، فإنك مع اللحظات الأولى فى القيادة سوف تدرك كم التطور الذى تخرج به Duster الجديدة، مقارنة بالقديمة. ومع الوقت سوف تكتشف المزيد، السيارة مريحة فى القيادة ولا يوجد ما يزعجك حقا داخل المقصورة، نظام التعليق جيد جدا على الطرق الممهدة، وسوف تشعر أيضا بالتوزيع الجيد لوزن السيارة أثناء القيادة السريعة داخل المنعطفات، المحرك وأثناء التسلق للأعلى يحتاج منك مجهود كبير للعمل معه، ففى بعض الأحيان لم أتمكن من الاعتماد على ناقل الحركة الأوتوماتيكى، واخترت النمط اليدوى وكنت أقطع مسافات كبيرة بالقيادة على النقلة الأولى والثانية للاحتفاظ بالعزم، خلال فترات الصعود. المحرك ذو الـ ٢٠٠٠ سى سى قوته تبلغ وفقا للبيانات ١٣٥ حصان، وعزمة ١٩٥ نيوتن.متر، وهو ليس المحرك الذى توفره شركة EIM فى مصر، محرك Duster المقدمة محليا سعته ١٦٠٠ سى سى، لذلك أعتقد أن على تجربة السيارة مرة أخرى فى مصر، وسط ظروف القيادة العادية، لأن تجربة الأردن كانت قاسية بالفعل واجتياز السيارة لها يظل إنجاز كبير حتى مع ملاحظاتى على المحرك وعزمة.
بدون إجهاد
أنهيت اختبار السيارة على الطرق الممهدة، لأقتحم جبال وصخور الأردن، وهنا بدأت السيارة تدهشنى من جديد ببراعتها، السيارة مازالت قادرة على اجتياز العقبات ومازلت قادرة على اصطحابك لأى مكان بثقة كاملة. والجديد فيها هذه المرة، أنها لن تصيبك بالإجهاد، على عكس النسخة الأولى التى أذكر أن قيادتها على جبال مراكش كانت ممتعة ولكنها كانت شاقة جدا. فى النسخة الجديدة تم علاج هذه الجزئية بزيادة الجودة والعزل، فقد قمت بالجلوس داخل السيارة وقيادتها لتسع ساعات تقريبا بدون إجهاد حتى أثناء القيادة على الطرق الوعرة.
أخيرا
فى النهاية، يمكننى أن أقول باختصار أن اعجابى زاد بهذه السيارة، وأننى أرشحها بالطبع لكل من يريد شراء سيارة جديدة فى هذه الفئة السعرية. لأن مالكها يحصل بالفعل على الكثير مقابل ما يدفعه. هى أرخص سيارة كروس أوڤر بهذه المواصفات فى فئتها، كما أنها مازالت تحتفظ بالصفات الاساسية التى ميزتها، وهى العملية والبساطة. التصميم الجديد عزز من شخصيتها بشكل مُلفت، يمكننى أن أصف التصميم الجديد بعبارة: «المزيد من Duster». رينو عملت بشكل مُلفت على الجودة الداخلية والكماليات، المساحات الداخلية جيدة جدا، وارتفاع السيارة عن الأرض يعزز أيضا من شخصيتها، حتى أختبر النسخة المتوفرة محليا بالمحرك الـ ١٦٠٠ سى سى، سوف أصف السيارة بتعبير أخير لأنها تستحقه بالفعل، وهو: «السهلة الممتنعة».